تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَعۡتَذِرُونَ إِلَيۡكُمۡ إِذَا رَجَعۡتُمۡ إِلَيۡهِمۡۚ قُل لَّا تَعۡتَذِرُواْ لَن نُّؤۡمِنَ لَكُمۡ قَدۡ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنۡ أَخۡبَارِكُمۡۚ وَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُۥ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (94)

وقوله تعالى : ( يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ ) فيه إنباء عما يقول لهم المنافقون إذا رجعوا إليهم وتعليم من الله لرسوله والمؤمنين ما يقول لهم وماذا يجيبون لهم ، فقال : ( يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ ) أي لن نصدقكم بما تعتذرون أي بما تظهرون /220-ب/ لأنفسكم من العدو .

وقوله : ( ولا تعتذروا ) ليس على النهي ، ولكن على التوبيخ .

وقوله تعالى : ( قد نبأنا الله من أخباركم ) يحتمل قوله : ( قد نبأنا الله من أخباركم ) أنكم لا تصلحون أبدا كما قال : ( إنهم رجس ومأواهم جهنم )[ التوبة : 95 ] وقيل : ( قد نبأنا الله أخباركم ) حين قال لهم ( لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ) إلى قوله ( يبغونكم الفتنة )[ التوبة : 47 ] وقالوا : وهذا الذي ( قد نبأنا الله من أخباركم ) .

وقوله تعالى : ( وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ) قال بعضهم ( وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ) في ما تستأنفون . ويحتمل قوله : ( وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ) أي سيرى الله عملكم باطلا ، أو يقول : سيرى الله عملكم ؛ أي يجزيكم جزاء عملكم ، ورسوله والمؤمنون يشهدون عليكم بذلك .

وقوله تعالى : ( ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) قد ذكرنا أن ليس يغيب عنه ، أو يكون شيء عنده أظهر من شيء ، ولكن ما يغيب عن الخلق وما لا يغيب عنده بمحل واحد .

وقوله تعالى : ( فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) يخرج على الوعيد .