تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَإِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرًا} (5)

الآيتان 5 و 6 ) : وقوله تعالى : { فإن مع العسر يسرا } { إن مع العسر يسرا } روي في الخبر أنه قال صلى الله عليه وسلم : " لن يغلب عسر يسرين ) ( الحاكم في المستدرك : 2 / 528 ) .

قال بعضهم : إنما كان عسرا واحدا ، وإن ذكره مرتين ، لأن العسر الثاني ذكره بحرف التعريف فهو والأول واحد ، واليسر ذكره ، بحرف النكرة ، فهو غير الأول .

وقال أبو معاذ : كلما كررت المعرفة كانت واحدة{[23819]} ، والنكرة على العدد يقال في الكلام : إن مع الأمير غلاما ، إن مع الأمير غلاما ، فالأمير واحد ، ومعه غلامان ، وإذا قيل : إن مع الأمير الغلام ، إن مع الأمير غلاما ، فالأمير واحد ، ومعه غلامان ، وإذا قيل : إن مع الأمير الغلام ، إن مع الأمير الغلام ، فالأمير واحد ، والغلام واحد ، وإذا قيل : إن مع أمير غلاما ، إن مع أمير غلاما ، فهما أميران وغلامان . فعلى ذلك ما ذكر هاهنا .

ثم قوله ( صلى الله عليه وسلم ){[23820]} " يسرين " هما{[23821]} يسر الإسلام والهدى ، ويجوز أن يطلق اسم اليسر على الإسلام والدين ، قال الله تعالى : { فسنيسره لليسرى } ( الليل : 7 ) ويسر آخر ما وعد لهم من السعة في الدنيا .

ويحتمل أن يكون يسرين أحدهما : رجاء اليسر ، والآخر وجوده ، فهما يسران : الرجاء والوجود . ويحتمل أن يكون يسرا في الدنيا ويسرا في الآخرة ، أو أن يكون توسيعا{[23822]} عليهم الدنيا ويسرا{[23823]}ما يفتح لهم الفتوح في الدنيا ، ويسوق إليهم المغانم والسبايا ، والله أعلم .

ثم قالوا في قوله : { فإن مع العسر يسرا } / 647 أ/ أي بعد العسر يسرا .

وأصله : أن حرف مع إذا أضيف إلى الأوقات والأحوال يقع على اختلاف الأوقات في المكان الواحد ، وإذا أضيف إلى المكان يقع على اختلاف المكان في وقت واحد . وهاهنا أضيف إلى الوقت . فهو على اختلاف الأوقات واحد بعد واحد . فإذا قيل : فلان مع فلان في مكان فالوقت واحد ، والمكان مختلف متفرق .


[23819]:في الأصل وم: واحدا
[23820]:ساقطة من الأصل وم
[23821]:في الأصل وم: هو
[23822]:في الأصل وم: توسيع توسيع
[23823]:في الأصل وم: ويسريان