تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱلۡعَٰدِيَٰتِ ضَبۡحٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة{[1]} العاديات مكية .

الآية 1 قوله تعالى : { والعاديات ضبحا } إلى آخره ، قال علي ، كرم الله وجهه ، وعبد الله ، رضي الله عنها : هي الإبل ، وقال ابن عباس رضي الله عنه وغيره من أهل التأويل : هي الخيل ، غير أن عليا رضي الله عنه قال : ذلك يوم بدر ، وقال ابن مسعود رضي الله عنه ذلك .

ومن قال : هي الخيل ، قال ذلك في سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبطأ عليه خبرها ، فاغتم رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل جبرائيل ، صلوات الله عليه وسلامه ، بخبرها على ما ذكر ، ووصف ، فسر بذلك المؤمنون .

فإن كان في أمر السرية والخيل على ما قاله ابن عباس رضي الله عنه فجهة القسم بذلك يحتمل وجوها :

أحدها : أنه من علم الغيب ؛ إذ لا يعلم بحالهم ، وما وصف من أمر الخيل ، لا يكون إلا بالوحي من السماء أو من شهد ذلك . فإذا لم يخبرهم{[23971]} أحد ممن شهدها ، ثم أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ظهر عندهم على ما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم علموا بذلك أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه إنما عرف بالوحي من الله تعالى ، وذلك من أعظم آيات الرسالة .

( والثاني : ){[23972]} أن يكون بما ذكر من شدة الخيل وقوتها وحدة بصرها حين{[23973]} عدت في ليل مظلم ، لا قمر فيه ، ولا نور ، عدوا ، تخرج النار من شدة عدوها من الحجارة التي تضرب بحوافرها ، ما لا يقدر لإنسان العدو في مكان مستو فضلا ألا{[23974]} يقدر على ذلك من الصعود والهبوط ، وما ذكر من إثارة النقع عدوها وتوسطها في العدو .

[ والثالث : أن ]{[23975]} يذكر موافقة مرادهم وحصول غرضهم في الإغارة على عدوهم في أغفل ما يكون العدو ، وهو وقت الصبح .

ثم القسم يقول : { والعاديات } وما ذكر من الموريات وغيره ، هو صفة العاديات ونعوتها ، وفيه ( بشارات ثلاث :

إحداها : ){[23976]} أنه لم تحدث لهم حادثة ، والثانية{[23977]} : الإغارة على العدو ، والثالثة{[23978]} : أنهم توسطوا العدو .

ومن قال : هي الإبل ، وذلك في أمر الحج ، يذكر سرعة سيرها وشدة عدوها في الليلة المظلمة التي فيها الأودية والهبوط والصعود .


[1]:- في ط ع: سمح.
[23971]:في الأصل وم: يحضرهم
[23972]:في الأصل وم: أو
[23973]:في الأصل وم: حيث
[23974]:في الأصل وم: أن
[23975]:في الأصل وم: أو
[23976]:في الأصل وم: بشارة ثلاثة أحدها
[23977]:في الأصل وم: والثاني
[23978]:في الأصل وم: والثالث