تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لِرَبِّهِۦ لَكَنُودٞ} (6)

الآية6 : ثم الذي وقع به القسم قوله تعالى : { إن الإنسان لربه لكنود } أي الإنسان لنعم ربه لكفور ، لا يشكرها ، وهو أن الإنسان يذكر مصائبه وما يصيبه من الشدة في عمره أبدا ، وينسى جميعا ما أنعم عليه ، ولا{[23981]} يفارقه طرفة عين .

وكذلك قال الحسن : الكنود ، هو الذي يعد المصائب ، وينسى النعم .

وقيل : الكنود القتور البخيل الشحيح في الإنفاق ، ويجب أن يكون وصف كل إنسان ما ذكر . لكن المؤمن يتكلف شكر نعم الله تعالى ، ويجتهد في ذلك ، ويصبر على المصائب ، وهو كقوله تعالى : { إن الإنسان خلق هلوعا } ( المعارج : 19 ) وقوله : { خلق الإنسان من عجل } ( الأنبياء : 37 ) وهو كل إنسان . ثم استثنى { إلا المصلين } ( المعارج : 22 ) منهم ، وهم المؤمنون ، أي كذلك خلق ، وطبع كل إنسان . لكن المؤمن يتكلف إخراج نفسه من ذلك الطبع ( الذي ){[23982]} أنشئ عليه ، وطبع إلى غيرها من الطبائع كالبهائم والسباع التي طبعها النفور من الناس بالاستيحاش عنهم ، ثم تصير بالرياضة ما تستقر عندهم ، وتجيبهم عند دعوتهم .


[23981]:في الأصل وم: وإلا
[23982]:ساقطة من الأصل وم