النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الفلق

مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر . ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة .

بسم الله الرحمان الرحيم

وهذه والناس معوذتا{[3376]} رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سحرته اليهود ، وقيل : إن المعوذتين كان يقال لهما : " المقشقشتان " ، أي مبرئتان من النفاق ، وزعم ابن مسعود أنهما دعاء تعوذ به وليستا من القرآن ، وهذا قول خالف به الإجماع من الصحابة وأهل البيت .

{ قُلْ أَعُوذُ بربِّ الفَلَقِ } فيه ستة تأويلات :

أحدها : أن الفلق سجن في جهنم ، قاله ابن عباس .

الثاني : أنه اسم من أسماء جهنم ، قاله أبو{[3377]} عبد الرحمن .

الثالث : أنه الخلق كله ، قاله الضحاك .

الرابع : أنه فلق الصبح ، قاله جابر بن عبد الله ، ومنه قول الشاعر :

يا ليلةً لم أَنَمْها بِتُّ مُرْتفقا *** أرْعى النجومَ إلى أنْ نوَّرَ الفَلَقُ .

الخامس : أنها الجبال والصخور تنفلق بالمياه .

السادس : أنه كل ما انفلق عن جميع ما خلق من الحيوان والصبح والحب والنوى ، وكل شيء من نبات وغيره ، قاله الحسن .

ولأصحاب الغوامض أنه فلق القلوب للأفهام حتى وصلت إليها ، ووصلت فيها .

وأصل الفلق الشق الواسع ، وقيل للصبح : فلق ، لفلق الظلام عنه ، كما قيل له : فجر ، لانفجار الضوء منه .


[3376]:أي أنه عليه السلام تعوذ بهما فقرأهما.
[3377]:هو عبد الله بن يزيد المعافري.