الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَٰلٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡجِبَالِ أَكۡنَٰنٗا وَجَعَلَ لَكُمۡ سَرَٰبِيلَ تَقِيكُمُ ٱلۡحَرَّ وَسَرَٰبِيلَ تَقِيكُم بَأۡسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡلِمُونَ} (81)

قوله تعالى : { أَكْنَاناً } ، جمع " كِنّ " ، وهو : ما حَفِظ مِن الريح والمطرِ ، وهو في الجبل : الغار .

قوله : { تَقِيكُمُ الْحَرَّ } ، قيل : حُذِف المعطوفُ لفَهْمِ المعنى ، أي : والبردَ كقوله :

كأنَّ الحصى مِنْ خلفِها وأمامِها *** إذا نَجَلَتْه رِجْلُها حَذْفُ أَعْسرا

أي : ويدُها ، وقيل : لا حاجةَ إلى ذلك لأنَّ بلادَهم حارَّة . وقال الزجاج : " اقتصر على ذِكْر الحرِّ ؛ لأنَّ ما يقيه يَقي البردَ " . وفيه نظرٌ للاحتياجِ إلى زيادةٍ كثيرةٍ لوقاية البرد . قوله : { كَذَلِكَ يُتِمُّ } ، أي : مِثْلَ ذلك الإِتمامِ السابقِ يُتِمُّ نعمتَه عليكم في المستقبل . وقرأ ابن عباس : " تَتِمُّ " ، بفتح التاءِ الأولى ، " نِعْمَتُه " ، بالرفع على الفاعلية . وقرأ أيضاً : " نِعَمه " ، جمع " نعمة " مضافةً لضميرِ الله تعالى . وعنه : { لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } ، بفتح التاءِ ، واللامِ مضارع ، " سَلِم " من السَّلامة ، وهو مناسبٌ لقولِه { تَقِيكُم بَأْسَكُمْ } ؛ فإنَّ المرادَ به : الدُّروعُ الملبوسةُ في الحرب .