الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَٰلٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡجِبَالِ أَكۡنَٰنٗا وَجَعَلَ لَكُمۡ سَرَٰبِيلَ تَقِيكُمُ ٱلۡحَرَّ وَسَرَٰبِيلَ تَقِيكُم بَأۡسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡلِمُونَ} (81)

ال{ سَرَابِيلَ } ، جميعُ ما يُلْبَسُ عَلَى جميع البدنِ ، وذكر وقاية الحَر ؛ إذ هو أمسُّ بتلك البلادِ ، والبَرْدُ فيها معدومٌ في الأكثر ، وأيضاً : فذكر أحدهما يدلُّ على الآخر ، وعن عمر رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقوُلُ : ( مَنْ لَبِسَ ثَوباً جَدِيداً ، فَقَالَ : الحَمْدُ للَّهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوارِي به عَوْرَتي وأَتَجَمَّلُ بِهِ في حَيَاتي ، ثُمَّ عَمَدَ إلى الثَّوْب الَّذِي خَلَفَ ، فَتَصَدَّقَ به كَانَ في كَنَفِ اللَّهِ ، وفي حفْظِ اللَّه ، وفي سَتْر اللَّهِ حَيًّا ومَيِّتاً ) رواه الترمذيُّ ، واللفظُ له ، وابنُ ماجه ، والحاكمُ في «المستدرك » .

وعن عائشة قالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مَا اشْتَرى عَبْدٌ ثَوباً بِدِينَارٍ أوْ نِصْفِ دِينَار ، فحمِدَ اللَّهَ عَلَيْهِ إِلاَّ لَمْ يَبْلُغْ رُكْبَتَيْهِ حَتَّى يغِفْرَ اللَّهُ لَهُ ) ، رواه الحاكمُ في «المستدرك » ، وقال : هذا الحديث لا أَعلم في إِسناده أحداً ذكر بجرح . انتهى من «السلاح » . والسرابيل التي تقي البأس : هي الدروعُ ونحوها ، ومنه قولُ كَعْبِ بنِ زهيرٍ في المهاجِرِينَ : [ البسيط ]

شُمُّ العَرَانِينِ أَبْطَالٌ لبُوسُهُمُ *** مِنْ نَسْجِ دَاوُدَ في الهَيْجَا سَرَابِيلُ

والبأس : مسُّ الحديدِ في الحَرْب ، وقرأ الجمهور : «تُسْلِمُونَ » ، وقرأ ابن عباس : «تَسْلَمُونَ » ؛ من السَّلاَمة ، فتكون اللفظة مخصوصةً في بأْس الحرْب .