بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَٰلٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡجِبَالِ أَكۡنَٰنٗا وَجَعَلَ لَكُمۡ سَرَٰبِيلَ تَقِيكُمُ ٱلۡحَرَّ وَسَرَٰبِيلَ تَقِيكُم بَأۡسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡلِمُونَ} (81)

قوله : { والله جَعَلَ لَكُمْ مّمَّا خَلَقَ ظلالا } ، أي : أشجاراً تستظلون بها . ويقال : بيوتاً تسكنون فيها ، { وَجَعَلَ لَكُمْ مّنَ الجبال أكنانا } ، أي : جعل لكم من الجبال بيوتاً تسكنون فيها . ويقال : " أكناناً " يعني : الغيران ، والأسراب واحدها " كنّ " ، { وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ } ، أي : القمص ، { تَقِيكُمُ الحر } ، يعني : والبرد اكتفاء أحدهما إذا كان يدل على الآخر . وقال قتادة في قوله : { مّمَّا خَلَقَ ظلالا } ، أي : من الشجر وغيره ، { وَجَعَلَ لَكُمْ مّنَ الجبال أكنانا } ، يعني : غيراناً في الجبال يسكن فيها ، { تَقِيكُمُ * مِنَ الحر } ، أي : من القطن ، والكتان ، والصوف . قال : وكانت تسمى هذه السورة سورة النعم . { وسرابيل تَقِيكُم بَأْسَكُمْ } ، وهي الدروع من الحديد تدفع عنكم قتال عدوكم . ثم قال : { كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ } ، أي : ما ذكر من النعم في هذه السورة ، { لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } ، أي : تعرفون رب هذه النعم . فتوحّدوه ، وتخلصوا له بالعبادة . وروي عن ابن عباس أنه كان يقرأ : { لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } ، بنصب التاء واللام ، ومعناه : تسلمون من الجراحات إذا لبستم الدروع ، وتسلمون من الحر والبرد إذا لبستم القمص .