تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَٰلٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡجِبَالِ أَكۡنَٰنٗا وَجَعَلَ لَكُمۡ سَرَٰبِيلَ تَقِيكُمُ ٱلۡحَرَّ وَسَرَٰبِيلَ تَقِيكُم بَأۡسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡلِمُونَ} (81)

80

المفردات :

الظلال : ما يستظل به من الغمام والشجر والجبال وغيرها .

أكنانا : الأكنان : جمع كن ، وهو : الغار ونحوه في الجبل .

السرابيل : واحدها : سربال ، وهو القميص من القطن والكتان والصوف وغيرها ، وسرابيل الحرب : هي الجواشن والدروع .

البأس : الشدة ويراد به هنا الحرب .

التفسير :

{ والله جعل لكم مما خلق ظلالا . . . } .

يحتاج الإنسان إلى الظل خصوصا في البلاد الحارة ، وخصوصا الفقراء الذين لا مأوى لهم ، فيستفيدون بظل الأشجار والجبال والجدران ؛ لتقيهم من الحر الشديد .

{ وجعل لكم من الجبال أكنانا }أي : وجعل لكم من الجبال مواضع تستكنون فيها ، وتهدءون للعبادة والتأمل والبعد عن صخب الحياة ؛ في المغارات والكهوف ونحوها .

{ وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر } .

من نعم الله : أنه يسر لنا الثياب التي نتجمل بها ، ونتقي بها الحر والبرد ، وقد استغنى بذكر أحد المتقابلين عن الآخر ، ولأن بلاد العرب يغلب عليها الحر فاكتفى به ، وقيل : لأن ما يقي من الحر يقي من البرد .

{ وسرابيل تقيكم بأسكم } .

وتوجد ملابس أخرى من الدروع وحلل الحرب وما يشبهها ، تتقون بها الطعنات والضربات التي تسدد إليكم في حالة الحرب ، وفيه دليل على اتخاذ عدة الحرب ، والتمرين على استخدامها في الجهاد ؛ ليستعان بها على قتال الأعداء ، وقد لبسها النبي صلى الله عليه وسلم .

{ كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون } . أي : إن الله يتم عليكم النعم في المسكن والملبس ، والأثاث وعدة الحرب ، وأنعم الدين والدنيا ، لعلكم تسلمون لله وجوهكم وقلوبكم ؛ بالدخول في الإسلام فتسعدوا بنعيم الدنيا والآخرة ؛ فإن العاقل إذا أسدى إليه المعروف ؛ شكر من أنعم به عليه ؛ كما قال المتنبي :

وقيدت نفسي في دارك محبة *** ومن وجد الإحسان قيدا فقيدا