قوله عز وجل : { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً } المثل بالتحريك والتسكين ، والمَثَل بالتحريك مستعمل في الأمثال المضروبة{[42]} ، والمِثْل بالتسكين مستعمل في الشيء المماثل لغيره .
وقوله : { كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً } فيه وجهان :
أحدهما : أنه أراد كمثل الذي أوقد ، فدخلت السين{[43]} زائدة في الكلام ، وهو قول الأخفش .
والثاني : أنه أراد استوقد مِنْ غيره ناراً للضياء ، والنار مشتقة من النور .
{ فَلَمَّا أَضَآءَتْ مَا حَوْلَهُ } يقال ضاءت في نفسها ، وأضاءت ما حولها ، قال أبو الطمحان :
أَضَاءَتْ لَهُمْ أَحْسَابُهُمْ وَوُجُوهُهُمْ *** دُجَى الَّليْلِ حَتَّى نَظَّمَ الْجِزْعَ ثَاقِبُهْ
قوله عز وجل : { ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ } فيه وجهان :
أحدهما : نور المستوقِد ، لأنه في معنى الجمع ، وهذا قول الأخفش .
والثاني : بنور المنافقين ، لأن المثل مضروب فيهم ، وهو قول الجمهور .
أحدهما : وهو قول الأصم ذهب الله بنورهم في الآخرة ، حتى صار ذلك سمةً لهم يُعْرَفُونَ{[44]} بها .
والثاني : أنه عَنّى النور الذي أظهروه للنبي صلى الله عليه وسلم من قلوبهم بالإسلام . وفي قوله : { وَتَرَكَهُمْ في ظُلُمَاتٍ لاَ يُبْصِرُونَ } قولان :
أحدهما : معناه لم يأتهم بضياء يبصرون به .
والثاني : أنه لم يخرجهم منه ، كما يقال تركته في الدار ، إذا لم تَخرجْهُ منها ، وكأنَّ ما حصلوا فيه من الظلمة بعد الضياء أسوأ حالاً ، لأن من طُفِئَت عنه النار حتى صار في ظلمة ، فهو أقل بصراً ممن لم يزل في الظلمة ، وهذا مَثَل ضربه الله تعالى للمنافقين .
وفيما كانوا فيه من الضياء ، وجعلوا فيه من الظلمة قولان :
أحدهما : أن ضياءهم دخولهم في الإسلام بعد كفرهم ، والظلمة خروجهم منه بنفاقهم .
والثاني : أن الضياء يعود للمنافقين بالدخول في جملة المسلمين ، والظلمة زوالُهُ عنهم في الآخرة ، وهذا قول ابنِ عباسٍ وقتادةَ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.