النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ} (2)

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى : { أَحِسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا . . . } هذا لفظ استفهام أريد به التقرير والتوبيخ وفيه خمسة أقاويل :

أحدها : معناه أظن الذين قالوا لا إله إلا الله أن يتركوا فلا يختبروا أصدقوا أم كذبوا . قاله الحسن .

الثاني : أظن المؤمنون ألا يؤمروا ولا ينهوا ، قاله ابن بحر .

الثالث : أظن المؤمنون ألا يؤذوا ويقتلوا . قاله الربيع بن أنس . وقال قتادة : نزلت في أناس من أهل مكة خرجوا للهجرة فعرض لهم المشركون فرجعوا فنزلت فيهم فلما سمعوها خرجوا فقتل منهم من قتل وخلص من خلص فنزل فيهم { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا } الآية .

الرابع : أنها نزلت في عمّار بن ياسر ومن كان يعذب في الله بمكة ، قاله عبيد بن عمير . قال الضحاك : نزلت في عباس بن أبي ربيعة أسلم وكان أخا أبي جهل لأمه أخذه وعذبه على إسلامه حتى تلفظ بكلمة الشرك مكرهاً .

الخامس : نزلت في قوم أسلموا قبل فرض الجهاد والزكاة فلما فرضا شقّ عليهم فنزل ذلك فيهم ، حكاه ابن أبي حاتم .

وفي قوله : { . . . وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ } وجهان :

أحدهما : لا يسألون ، قاله مجاهد .

الثاني : لا يختبرون في أموالهم وأنفسهم بالصبر على أوامر الله وعن نواهيه .