النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤۡتِيَهُ ٱللَّهُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادٗا لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِن كُونُواْ رَبَّـٰنِيِّـۧنَ بِمَا كُنتُمۡ تُعَلِّمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ وَبِمَا كُنتُمۡ تَدۡرُسُونَ} (79)

قوله تعالى : { مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ : كُونُوا عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللَّهِ } سبب نزولها ما روى ابن عباس أن قوماً من اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : أتدعونا إلى عبادتك كما دعا المسيح النصارى ، فنزلت هذه الآية .

{ وَلَكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : فقهاء علماء ، وهو قول مجاهد .

والثاني : حكماء أتقياء ، وهو قول سعيد بن جبير .

والثالث : أنهم الولاة الذين يربّون أمور الناس ، وهذا قول ابن زيد .

وفي أصل الرباني قولان :

أحدهما : أنه الذي يربُّ أمور الناس بتدبيره ، وهو قول الشاعر :

وكنت امرءَاً أفضت إليك ربابتي *** وقبلك ربتني - فضعت - ربوبُ

فسمي العالم ربّانياً لأنه بالعلم يدبر الأمور .

والثاني : أنه مضاف إلى عالم الرب ، وهو علم الدين ، فقيل لصاحب العلم الذي أمر به الرب ربّاني .