النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّـٰمِينَ بِٱلۡقِسۡطِ شُهَدَآءَ لِلَّهِ وَلَوۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۡ أَوِ ٱلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَۚ إِن يَكُنۡ غَنِيًّا أَوۡ فَقِيرٗا فَٱللَّهُ أَوۡلَىٰ بِهِمَاۖ فَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلۡهَوَىٰٓ أَن تَعۡدِلُواْۚ وَإِن تَلۡوُۥٓاْ أَوۡ تُعۡرِضُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٗا} (135)

قوله تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالقِسْطِ } يعني بالعدل { شُهَدَآءَ للهِ } يعني بالحق .

{ وَلَو عَلَى أَنْفُسِكُمْ } وشهادة الإنسان على نفسه هي إقراراه بما عليه من الحق لخصمه .

{ أَوِ الْوَالِدَينِ وَالأَقْرَبِينَ } أن يشهد عليهم لا لهم .

{ إِن يَكُنْ غَنِّياً أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الهَوَى أَن تَعْدِلُوا } قال السدي : نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم وقد اختصم إليه رجلان : غني وفقير ، فكان ميله مع الفقير ، يرى أن الفقير لا يظلم الغني ، فأمره{[726]} الله عز وجل أن يقوم بالقسط في الغني والفقير فقال : { إِن يَكُنْ غَنِّياً أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الهَوَى أَن تَعْدِلُوا } .

وقال ابن عباس : نزلت في الشهادة لهم وعليهم .

{ وَإِن تَلوُوا أَوْ تُعْرِضُوا } قرأ ابن عباس وحمزة بواو واحدة ، وهي من الولاية أي تلوا أمور الناس أو تتركوا ، وهذا للولاة والحكام .

وقرأ الباقون : { تَلْوُوا } بواوين . قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : هو أن يلوي الإنسان لسانه بالشهادة كما يلوي الرجل ديْن{[727]} الرجل إذا مطله ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم " ولَيُّ الْوَاجِدِ يُبِيْحُ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ " {[728]}

وقال الأعشى :

يلوونني ديني النهار وأقتضي *** ديني إذا وقذ النعاس{[729]} الرُّقدا

وتكون على هذه القراءة والتأويل هذا خطاب الشهود{[730]} .


[726]:- في ك: فأمر.
[727]:- في ق: دين الله ودين الرجل.
[728]:- في ق: وماله. أخرجه البخاري، الاستقراض باب 13 ومسند أحمد 4/ 388.
[729]:- سقط من ك.
[730]:- هذه عبارة الأصول.