النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَٱلَّـٰتِي يَأۡتِينَ ٱلۡفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمۡ فَٱسۡتَشۡهِدُواْ عَلَيۡهِنَّ أَرۡبَعَةٗ مِّنكُمۡۖ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمۡسِكُوهُنَّ فِي ٱلۡبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّىٰهُنَّ ٱلۡمَوۡتُ أَوۡ يَجۡعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلٗا} (15)

قوله تعالى : { وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ } يعني بالفاحشة : الزنى .

{ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ } يعني بيِّنة يجب بها عليهن الحد .

{ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ في الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ } اختلفوا في إمساكهن في البيوت هل هو حد أو مُوعد بالحد على قولين{[611]} :

{ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } يعني بالسبيل الحد ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً البِكْرُ بِالبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ ، وَالثيِّبُ بِالثَّيِّب جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ " .

واختلفوا في نسخ الجَلْدِ من حد الثيِّب على قولين :

أحدهما : أنه منسوخ ، وهو قول الجمهور من التابعين والفقهاء .

والثاني : أنه ثابت الحكم ، وبه قال قتادة ، وداود بن علي ، وهذه الآية عامة في البكر والثيب ، واخْتُلِفَ في نسخها على حسب اختلافهم فيها هل هو حد أو موعد بالحد ، فمن قال : هي حد ، جعلها منسوخة بآية النور{[612]} ، ومن قال : هي مُوعد بالحد ، جعلها ثابتة .


[611]:- أي قول بأنه حد، وقول آخر بأنه موعد بالحد أي توعد بالحد من الفعل أوعد بمعنى خوف وهدد.
[612]:- وهي قوله تعالى: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة...الآية 2 من النور-