الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَٱلَّـٰتِي يَأۡتِينَ ٱلۡفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمۡ فَٱسۡتَشۡهِدُواْ عَلَيۡهِنَّ أَرۡبَعَةٗ مِّنكُمۡۖ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمۡسِكُوهُنَّ فِي ٱلۡبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّىٰهُنَّ ٱلۡمَوۡتُ أَوۡ يَجۡعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلٗا} (15)

{ يَأْتِينَ الفاحشة } يرهقنها . يقال أتى الفاحشة وجاءها وغشيها ورهقها بمعنى . وفي قراءة ابن مسعود : «يأتين بالفاحشة » . والفاحشة : الزنا لزيادتها في القبح على كثير من القبائح { فَأَمْسِكُوهُنَّ فِى البيوت } قيل معناه : فخلدوهن محبوسات في بيوتكم ، وكان ذلك عقوبتهن في أول الإسلام . ثم نسخ بقوله تعالى : { الزانية والزانى . . . } الآية [ النور : 2 ] ويجوز أن تكون غير منسوخة بأن يترك ذلك الحدّ لكونه معلوماً بالكتاب والسنة ، ويوصي بإمساكهن في البيوت ، بعد أن يحددن صيانة لهن عن مثل ما جرى عليهن بسبب الخروج من البيوت والتعرض للرجال { أَوْ يَجْعَلَ الله لَهُنَّ سَبِيلاً } هو النكاح الذي يستغنين به عن السفاح . وقيل : السبيل هو الحد ، لأنه لم يكن مشروعاً ذلك الوقت .

فإن قلت : ما معنى يتوفاهن الموت والتوفي والموت بمعنى واحد ، كأنه قيل : حتى يميتهن الموت ؟ قلت : يجوز أن يراد حتى يتوفاهن ملائكة الموت ، كقوله : { الذين تتوفاهم الملائكة } [ النحل : 28 ] { إِنَّ الذين توفاهم الملائكة } [ النساء : 97 ] ، { قُلْ يتوفاكم مَّلَكُ الموت } [ السجدة : 11 ] أو حتى يأخذهن الموت ويستوفي أرواحهن .