النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قُل لِّلۡمُخَلَّفِينَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ سَتُدۡعَوۡنَ إِلَىٰ قَوۡمٍ أُوْلِي بَأۡسٖ شَدِيدٖ تُقَٰتِلُونَهُمۡ أَوۡ يُسۡلِمُونَۖ فَإِن تُطِيعُواْ يُؤۡتِكُمُ ٱللَّهُ أَجۡرًا حَسَنٗاۖ وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ كَمَا تَوَلَّيۡتُم مِّن قَبۡلُ يُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا} (16)

قوله عز وجل : { قُل لّلمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ } وهؤلاء المخلفون هم أحد أصناف المنافقين ، لأن الله تعالى صنف المنافقين من أهل المدينة ومن حولهم من الأعراب ثلاثة أصناف ، منهم من أعلم أنه لا يؤمن وأوعدهم العذاب في الدنيا مرتين ثم العذاب العظيم في الآخرة وذلك قوله { وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعَرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ }

[ التوبة : 101 ] الآية . ومنهم من اعترف بذنبه وتاب ، وهم من قال الله فيهم :

{ وَءَاخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنوُبِهِم خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَءاخَرَ سَيِّئاً }

[ التوبة : 102 ] الآية . ومنهم من وقفوا بين الرجاء لهم والخوف عليهم بقوله تعالى :

{ وَءَاخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمِرْ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإمَّا يَتَوبُ عَلَيْهِمْ }

[ التوبة : 106 ] فهؤلاء المخاطبون بقوله : { سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأسٍ شَدِيدٍ } دون الصنفين المتقدمين لترددهم بين أمرين .

قوله عز وجل : { سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأسٍ شَدِيدٍ . . . } الآية . فيهم{[2695]} خمسة أوجه :

أحدها : أنهم أهل فارس ، قاله ابن {[2696]}عباس .

الثاني : الروم ، قاله الحسن وعبد الرحمن بن أبي ليلى .

الثالث : هوازن وغطفان بحنين ، قاله سعيد بن جبير وقتادة .

الرابع : بنو حنيفة مع مسيلمة الكذاب{[2697]} ، قاله الزهري .

الخامس : أنهم قوم لم يأتوا بعد ، قاله أبو هريرة{[2698]} .


[2695]:في ع فيهن.
[2696]:وعطاء بن أبي رباح ومجاهد.
[2697]:قال رافع ابن خديج كنا نقرأ هذه الآية فلا نعلم من هم حتى دعانا أبو بكر إلى قتال بني حنيفة فعلمنا أنهم هم.
[2698]:ظاهر الآية يرد هذا القول.