النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{لَّقَدۡ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءۡيَا بِٱلۡحَقِّۖ لَتَدۡخُلُنَّ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَۖ فَعَلِمَ مَا لَمۡ تَعۡلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتۡحٗا قَرِيبًا} (27)

قوله عز وجل : { لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالحَقِّ لَتَدْخُلَنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ ءَامِنينَ مُحَلِّقينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ } قال قتادة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رأى في المنام ، أنه يدخل مكة على هذه الصفة ، فلما صالح قريشاً بالحديبية ، ارتاب المنافقون ، حتى قال صلى الله عليه وسلم : " فَمَا رَأَيْتُ فِي هذَا العَامِ{[2706]} "

ثم قال : { فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا } فيه قولان :

أحدهما : علم أن دخولها إلى سنة ولم تعلموه أنتم ، قاله الكلبي .

الثاني : علم أن بمكة رجالاً مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم ؛ الآية .

ثُمَّ قَالَ : { فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً } فيه قولان :

أحدهما : أنه الصلح الذي جرى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش بالحديبية ، قاله مجاهد .

الثاني : فتح مكة ، قاله ابن زيد والضحاك .

وفي قوله : { لَتَدْخُلَنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إِن شَآءَ اللَّهُ } ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه خارج مخرج الشرط والاستثناء .

الثاني : أنه ليس بشرط وإنما خرج مخرج الحكاية على عادة أهل الدين ، ومعناه لتدخلونه بمشيئة الله .

الثالث : إن شاء الله في دخول جميعكم أو بعضكم ، ولأنه علم أن بعضهم يموت .


[2706]:أي لم ير عليه السلام أنه يدخل مكة في نفس السنة.