قوله عز وجل : { فَمَن يُرِِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ } فيه قولان :
أحدهما : يهديه إلى نيل الثواب واستحقاق الكرامة .
والثاني : يهديه إلى الدلائل المؤدية إلى الحق .
{ يَشْرَحْ صدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ } يعني بشرح الصدر سعته لدخول الإسلام إليه وثبوته فيه كقوله تعالى :
{ أَلَمْ نَشَرْحْ لَكَ صَدْرَك }
روى عمرو بن مرة عن أبي جعفر قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المؤمنين أكْيَس ؟ قال : " أَكْثَرُهُم ذِكْراً لِلمَوتِ وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَاداً "
قال : وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية :{ فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام } قالوا : كيف يشرح صدره يا رسول الله ؟ قال : " نُوْرٌ يُقْذَفُ فَيَنْشَرِحُ لَهُ وَيَنفَسِحُ " قالوا : فهل لذلك أمارة يُعْرَفُ بها ؟ قال : " الإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الخُلُودِ وَالتَّجَافِي عَنْ دَارِ الغُرورِ وَالاسْتِعْدَادِ لِلمَوتِ قَبْلَ لِقَاءِ المَوتِ " وروى ابن مسعود مثل ذلك .
ثم قال : { وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ } فيه قولان :
أحدهما : يضله عن الهداية إلى الحق .
والثاني : عن نيل الثواب واستحقاق الكرامة .
{ يَجْعَلُ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً } يعني ضيقاً لا يتسع لدخول الإسلام .
أحدها : أن يكون شديد الصلابة حتى لا يثبت فيه شيء .
والثاني : شديد الضيق حتى لا يدخله شيء .
والثالث : أن موضعه مُبْيَض{[959]} .
{ كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَآءِ } فيه أربعة أوجه :
أحدها : كأنه كُلِّف الصعود إلى السماء في امتناعه عليه وبعده منه .
والثاني : كأنه لا يجد مسلكاً لضيق المسالك عليه إلا صعوداً في السماء يعجز عنه .
والثالث : كأنه قلبه بالنبو عنه والنفور منه صاعداً إلى السماء{[960]} .
والرابع : كأن قلبه يصعد إلى السماء بمشقته عليه وصعوبته عنده .
ثم قال تعالى : { كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } في الرجس خمسة تأويلات{[961]} :
أحدها : أنه ما لا خير فيه ، قاله مجاهد .
والثاني : أنه العذاب ، قاله ابن زيد .
والثالث{[962]} : السخط ، قاله ابن بحر .
والرابع : انه الشيطان ، قاله ابن عباس .
والخامس : أن الرجس والنجس واحد ، وهو قول بعض نحويي الكوفة ، وحكاه عَلِي بن عيسى .
وقد روى قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل الخلاء قال : " اللهم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ والنجس الخبِيثِ المخَبِثِ الشِّيْطَانِ الرَّجِيمِ " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.