النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَإِذَا جَآءَتۡهُمۡ ءَايَةٞ قَالُواْ لَن نُّؤۡمِنَ حَتَّىٰ نُؤۡتَىٰ مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ رُسُلُ ٱللَّهِۘ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ حَيۡثُ يَجۡعَلُ رِسَالَتَهُۥۗ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ أَجۡرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعَذَابٞ شَدِيدُۢ بِمَا كَانُواْ يَمۡكُرُونَ} (124)

قوله عز وجل : { وَإِذَا جَآءَتْهُمْ ءَايَةٌ } يعني علامة تدل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وصحة رسالته .

{ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ } يحتمل وجهين :

أحدهما : لن نؤمن بالآية .

والثاني : لن نؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم .

{ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَآ أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ } يحتمل وجهين :

أحدهما : مثل ما أوتي رسل الله من الكرامة .

الثاني : مثل ما أوتوا من النبوة{[958]} .

{ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } قصد بذلك أمرين :

أحدهما : تفرد الله تعالى بعلم المصلحة فيمن يستحق الرسالة .

والثاني : الرد عليهم في سؤال ما لا يستحقونه ، والمنع مما لا يجوز أن يسألوه .

{ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ } الصَّغَار : الذل سمي صَغَاراً لأنه يصغر إلى الإنسان نفسه .

وفي قوله : { عِنْدَ اللَّهِ } ثلاثة أوجه :

أحدها : من عند الله ، فحذف " من " إيجازاً .

والثاني : أن أنفتهم من اتباع الحق صغَار عند الله وذل إن كان عندهم تكبراً وعزاً ، قاله الفراء .

والثالث : صغَار في الآخرة ، قاله الزجاج .


[958]:- في ك الآيات والمعنى واحد وقد طلبوا كليهما.