المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِذۡ تَمۡشِيٓ أُخۡتُكَ فَتَقُولُ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ مَن يَكۡفُلُهُۥۖ فَرَجَعۡنَٰكَ إِلَىٰٓ أُمِّكَ كَيۡ تَقَرَّ عَيۡنُهَا وَلَا تَحۡزَنَۚ وَقَتَلۡتَ نَفۡسٗا فَنَجَّيۡنَٰكَ مِنَ ٱلۡغَمِّ وَفَتَنَّـٰكَ فُتُونٗاۚ فَلَبِثۡتَ سِنِينَ فِيٓ أَهۡلِ مَدۡيَنَ ثُمَّ جِئۡتَ عَلَىٰ قَدَرٖ يَٰمُوسَىٰ} (40)

40- واعلم يا موسى سابق عنايتنا بك حين مشت أختك ترقب أمرك ، فلما صرت في قصر فرعون ، ورأتهم يبحثون لك عن مُرْضِع دلَّتهم علي أمك ، فرددناك إليها لتفرح بحياتك وعودتك ، ولتكف عن الحزن والبكاء ، ولما كبرت وقتلت خطأ رجلا من قوم فرعون نجيناك من الغم الذي لحق بك ، وخلَّصناك من شرهم ، فذهبت إلي مدين ومكثت فيها سنين عدة ، ثم عدت من مدين في الموعد الذي قدرناه لإرسالك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِذۡ تَمۡشِيٓ أُخۡتُكَ فَتَقُولُ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ مَن يَكۡفُلُهُۥۖ فَرَجَعۡنَٰكَ إِلَىٰٓ أُمِّكَ كَيۡ تَقَرَّ عَيۡنُهَا وَلَا تَحۡزَنَۚ وَقَتَلۡتَ نَفۡسٗا فَنَجَّيۡنَٰكَ مِنَ ٱلۡغَمِّ وَفَتَنَّـٰكَ فُتُونٗاۚ فَلَبِثۡتَ سِنِينَ فِيٓ أَهۡلِ مَدۡيَنَ ثُمَّ جِئۡتَ عَلَىٰ قَدَرٖ يَٰمُوسَىٰ} (40)

العامل في { إذ } فعل مضمر تقديره ومننا إذ ، وتقدم تفسير هذه الآية في القصص المذكور آنفاً . وقرأت فرقة «تقَر » بفتح القاف ، وقرأت فرقة بكسر القاف والنفس هي نفس القطبي الذي كان يقاتل الإسرائيلي فوكزه موسى فقضى عليه ، و { الغم } هم النفس وكان هم موسى بأمر من طلبه ليثأر به . وقوله { فتناك فتوناً } معناه خلصناك تخليصاً{[8106]} . هذا قول جمهور المفسرين . وقالت فرقة معناه اختبرناك وعلى هذا التأويل لا يراد إلا ما اختبر به موسى بعد بلوغه وتكليفه وما كان قبل ذلك فلا يدخل في اختبار موسى وعده سنيه { في أهل مدين } عشرة أعوام لأنه إنما قضى أوفى الأجلين وقوله { على قدر } أي بميقات محدودة{[8107]} للنبوة التي قد أرداها الله بك ومنه قول الشاعر : [ البسيط ]

نال الخلافة إذ كانت له قدراً . . . كما أتى ربه موسى على قدر{[8108]}


[8106]:تعبير الطبري، والقرطبي وغيرهما من المفسرين: "أخلصناك إخلاصا"، وهذا القول منسوب إلى مجاهد رضي الله عنه، والمعنى: خلصه من كل مالا يلائم النبوة حتى أصبح صالحا.
[8107]:الأصح أن يقال: بميقات محدد؛ لأن الشيء المحدود هو القليل.
[8108]:البيت لجرير، وهو من قصيدة له يمدح بها عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وهو في الديوان، والطبري، والبحر، والقرطبي، والمغني، والرواية فيه: جاء الخلافة، وفي الديوان: (نال الخلافة إذ كانت)، ويروى: (عز الخلافة بل كانت له قدرا) ومعناها: أخذ الخلافة بعز وقهر، قال صاحب اللسان: "يقال: قدر الإله كذا تقديرا، وإذا وافق الشيء الشيء قلت: جاء قدره، وقال ابن سيدة: القدر والقدر ـ بسكون الدال وفتحها ـ: القضاء والحكم، وهو ما يقدره الله عز وجل من القضاء، ويحكم به من الأمور"، فالشاهد في البيت قوله: {على قدر}، إذ المعنى: بقضاء الله وتوفيقه.