الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{إِذۡ تَمۡشِيٓ أُخۡتُكَ فَتَقُولُ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ مَن يَكۡفُلُهُۥۖ فَرَجَعۡنَٰكَ إِلَىٰٓ أُمِّكَ كَيۡ تَقَرَّ عَيۡنُهَا وَلَا تَحۡزَنَۚ وَقَتَلۡتَ نَفۡسٗا فَنَجَّيۡنَٰكَ مِنَ ٱلۡغَمِّ وَفَتَنَّـٰكَ فُتُونٗاۚ فَلَبِثۡتَ سِنِينَ فِيٓ أَهۡلِ مَدۡيَنَ ثُمَّ جِئۡتَ عَلَىٰ قَدَرٖ يَٰمُوسَىٰ} (40)

{ إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ } واسمها مريم متعرّفة خبره { فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ } يرضعه ويضمّه إليه ، وذلك أنّه كان لا يقبل ثدي امرأة ، فلمّا قالت لهم أُخته ذلك قالوا : نعم ، فجاءت بالأُمّ فقبل ثديها فذلك قوله { فَرَجَعْنَاكَ } فرددناك { إِلَى أُمِّكَ } . وفي مصحف أُبي فرددناك إلى أُمّك { كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها } بلقائك وبقائك { وَلاَ تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً } قال ابن عباس : قتل قبطياً كافراً .

قال كعب الأحبار : كان إذ ذاك ابن اثنتي عشرة سنة { فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ } أي من غّم القتل وكربته { وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً } . قال ابن عباس : اختبرناك اختباراً . وقال الضحّاك وقتادة ومقاتل ، ابتليناك ابتلاءً . وقال مجاهد : أخلصناك إخلاصاً { فَلَبِثْتَ سِنِينَ } يعني عشر سنين { فِي أَهْلِ مَدْيَنَ } وهي بلدة شعيب على ثلاث مراحل من مصر ، قال وهب : لبث عند شعيب ثمان وعشرين سنة ، عشر سنين منها مهر امرأته صفيرا بنت شعيب وثماني عشرة سنة أقام عنده حتى وُلد لَه .

{ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يا مُوسَى } . قال مقاتل : على موعد ، قال محمد بن كعب : ثم جئت على القدر الذي قدّرت أنك تجيء .

قال عبد الرَّحْمن بن كيسان : على رأس أربعين سنة وهو القدر الذي يوحى فيه إلى الأنبياء ، قال الكلبي : وافق الكلام عند الشجرة .