المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَلَا لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلۡخَالِصُۚ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ فِي مَا هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ كَٰذِبٞ كَفَّارٞ} (3)

ألا لله - وحده - الدين البريء من كل شائبة ، والمشركون الذين اتخذوا من دونه نصراء يقولون : ما نعبد هؤلاء لأنهم خالقون ، إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله - تقريباً - بشفاعتهم لنا عنده . إن الله يحكم بين هؤلاء المشركين وبين المؤمنين الموحِّدين فيما كانوا فيه يختلفون من أمر الشرك والتوحيد ، إن الله لا يوفق لإدراك الحق من شأنه الكذب والإمعان فيه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَا لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلۡخَالِصُۚ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ فِي مَا هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ كَٰذِبٞ كَفَّارٞ} (3)

وقوله تعالى : { ألا لله الدين الخالص } بمعنى من حقه ومن واجباته لا يقبل غير هذا ، وهذا كقوله : { لله الحمد } [ الجاثية : 36 ] ، أي واجباً ومستحقاً . قال قتادة : { الدين الخالص } ، لا إله إلا الله .

وقوله تعالى : { والذين اتخذوا } رفع بالابتداء ، وخبره في المحذوف المقدر ، تقديره : يقولون ما نعبدهم ، وفي مصحف ابن مسعود : «قالوا ما نعبدهم » ، وهي قراءة ابن عباس ومجاهد وابن جبير . و : { أولياء } يريد بذلك معبودين ، وهذه مقالة شائعة في العرب ، يقول كثير منهم في الجاهلية : الملائكة بنات الله ونحن نعبدهم ليقربونا ، وطائفة منهم قالت ذلك في أصنامهم وأوثانهم . وقال مجاهد : قد قال ذلك قوم من اليهود في عزير ، وقوم من النصارى في عيسى ابن مريم . وفي مصحف أبي بن كعب : «ما نعبدكم » بالكاف «إلا لتقربونا » بالتاء . و { زلفى } بمعنى قربى وتوصلة ، كأنه قال : لتقربونا إلى الله تقريباً ، وكأن هذه الطوائف كلها كانت ترى نفوسها أقل من أن تتصل هي بالله ، فكانت ترى أن تتصل بمخلوقاته .

و { زلفى } عند سيبويه مصدر في موضع الحال ، كأنه ينزل منزلة متزلفين ، والعامل فيه { ليقربونا } هذا مذهب سيبويه وفيه خلاف ، وباقي الآية وعيد في الدنيا والآخرة .

قوله عز وجل : { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ } : هذه الآية إما أن يكون معناها أن الله لا يهدي الكاذب الكفار في حال كذبه وكفره ، وإما أن يكون لفظها العموم ومعناها الخصوص فيمن ختم الله عليه بالكفر وقضى في الأزل أنه لا يؤمن أبداً ، وإلا فقد وجد الكاذب الكفار قد هدى كثيراً .

وقرأ أنس بن مالك والجحدري : «كذب كفار » بالمبالغة فيهما ، ورويت عن الحسن والأعرج ويحيى بن يعمر ، وهذه المبالغة إشارة إلى المتوغل في الكفر ، القاسي فيه الذي يظن به أنه مختوم عليه .