المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَوۡلَآ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ لَّجَعَلۡنَا لِمَن يَكۡفُرُ بِٱلرَّحۡمَٰنِ لِبُيُوتِهِمۡ سُقُفٗا مِّن فِضَّةٖ وَمَعَارِجَ عَلَيۡهَا يَظۡهَرُونَ} (33)

33- ولولا كراهة أن يكفر الناس جميعاً إذا رأوا الكفار في سعة من الرزق ، لجعلنا لبيوت من يكفر بالرحمن سقفاً ومصاعد يرتقون عليها من الفضة ، لهوان الدنيا علينا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَوۡلَآ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ لَّجَعَلۡنَا لِمَن يَكۡفُرُ بِٱلرَّحۡمَٰنِ لِبُيُوتِهِمۡ سُقُفٗا مِّن فِضَّةٖ وَمَعَارِجَ عَلَيۡهَا يَظۡهَرُونَ} (33)

ثم استمرّ القول في تحقيرها بقوله تعالى : ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة )الآية ، وذلك أن معنى الآية أن الله تعالى أبقى على عباده وأنعم بمراعاة بقاء الخير والإيمان وشاء حِفظه على طائفة منهم بقية الدهر ، ولولا كراهية أن يكون الناس كفارا كلهم وأهل حب في الدنيا وتجرّد لها لوسّع الله تعالى على الكفار غاية التوسعة ومكّنهم من الدنيا ؛ إذ حقارتها عنده تقتضي ذلك ؛ لأنها لا قدر لها ولا وزن لفنائها وذهاب رسومها ، فقوله تعالى : ( أمة واحدة ) معناه : في الكفر ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، والحسن ، والسدي ، ومن هذا المعنى قال عليه الصلاة والسلام : ( لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماءٍ ) ( {[10200]} ) ، ثم يتركب معنى الآية على معنى هذا الحديث ، واللام في قوله تعالى : ( لمن يكفر ) لام المِلْك ، واللام في قوله تعالى : [ لبيوتهم ] لام تخصيص ، كما تقول : هذا الكِساء لزيد لدابته ، أي : هو لدابّته حِلْسٌ( {[10201]} ) ولزيد مِلْك ، قال المهدوي : ودلت هذه الآية على أن السقف لربّ البيت الأسفل ؛ إذ هو منسوب إلى البيوت .

قال القاضي أبو محمد رحمه الله :

وهذا تفقّه واهن .

وقرأ جمهور القراء : [ سُقُفاً ] بضم السين والقاف ، وقرأ مجاهد : [ سُقْفاً ] بضم السين وسكون القاف ، وهذا جمعان ، وقرأ ابن كثير ، وأبو جعفر : [ سَقْفاً بفتح السين وسكون القاف على الإفراد ، و " المعارج " : الأدراج التي يطلع عليها ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، والناس ، وقرأ طلحة : [ وَمَعَارِيجَ ] بزيادة ياءٍ ، و[ يظْهَرُونَ ] معناه : يَعْلون ، ومنه حديث عائشة رضي الله تعالى عنها : ( والشمس في حجرتها قبل أن تظهر ) ( {[10202]} ) ،


[10200]:- أخرجه الترمذي وصححه، وابن ماجه، عن سهل بن سعد رضي الله عنه.
[10201]:- الحِلْس: كل ما وليَ ظهر الدابة تحت الرحل والقَتَب والسَّرج.
[10202]:- أخرجه البخاري في المواقيت، ومسلم في المساجد، وأبو داود، والدارمي، ومالك –في الموطأ- في الصلاة، والحديث طويل كما جاء في البخاري، وفيه أن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه أخر الصلاة يوما فدخل عليه عروة بن الزبير فأخبره أن المغيرة بن شعبة أخر الصلاة يوما وهو بالعراق فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري يلومه، وفي آخر الحديث يقول عروة لعمر بن عبد العزيز: ولقد حدثتني عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حُجْرتها قبل أن تظهر.