روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَلَوۡلَآ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ لَّجَعَلۡنَا لِمَن يَكۡفُرُ بِٱلرَّحۡمَٰنِ لِبُيُوتِهِمۡ سُقُفٗا مِّن فِضَّةٖ وَمَعَارِجَ عَلَيۡهَا يَظۡهَرُونَ} (33)

{ وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ الناس أُمَّةً واحدة لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } استئناف مبين لحقارة متاع الدنيا ودناءة قدره عند الله عز وجل ، والمعنى أن حقارة شأنه بحيث لولا كراهة أن يجتمع الناس على الكفر ويطبقوا عليه لأعطيناه على أتم وجه من هو شر الخلائق وأدناهم منزلة ، فكراهة الاجتماع على الكفر هي المانعة من تمتيع كل كافر والبسط عليه لا أن المانع كون متاع الدنيا له قدر عندنا ، والكراهة المذكورة هي وجه الحكمة في ترك تنعيم كل كافر وبسط الرزق عليه فلا محذور في تقديرها ؛ وليس ذلك مبنياً على وجوب رعاية المصلحة وإرادة الايمان من الخلق ليكون اعتزالاً كما ظن . وكأن وجه كون البسط على الكفار سبباً للاجتماع على الكفر مزيد حب الناس للدنيا فإذا رأوا ذلك كفروا لينالوها ، وهذا على معنى أن الله تعالى شأنه علم أنه لو فعل ذلك لدعا الناس إذ ذاك حبهم للدنيا إلى الكفر ، فلا يقال : إن كثيراً من الناس اليوم يتحقق الغنى التام لو كفر ولا يكفر ولو أكره عليه بالقتل ، وكون المراد بالأمر الواحد الذي يقتضيه كونهم أمة واحدة فإنه بمعنى اجتماعهم على أمر واحد الكفر بقرينة الجواب ، و { لِبُيُوتِهِمْ } بدل اشتمال من قوله تعالى : { لِمَن يَكْفُرُ } واللام فيهما للاختصاص أو هما متعلقان بالفعل لا على البدلية ولام لمن صلة الفعل لتعديه باللام فهو بمنزلة المفعول به ولام { لِبُيُوتِهِمْ } للتعليل فهو بمنزلة المفعول له ، ويجوز أن تكون الأولى للملك والثانية للاختصاص كما في قولك : وهبت الحبل لزيد لدابته وإليه ذهب ابن عطية ، ولا يجوز على تقدير اختلاف اللامين معنى البدلية إذ مقتضى إعادة العامل في البدل الاتحاد في المعنى وإلى هذا ذهب أبو حيان ، وقال الخفاجي : لا مانع من أن يبدل المجموع من المجموع بدون اعتبار إعادة ، والسقف جمع سقف كرهن جمع رهن ، وعن الفراء أنه جمع سقيفة كسفن جمع سفينة ، والمعارج جمع معرج وو عطف على { سَقْفاً } أي ولجعلنا لهم مصاعد عليها يعلون السطوح والعلالي وكأن المراد معارج من فضة بناء على أن العطف ظاهر في التشريك في القيد وإن تقدم ، وقال أبو حيان : لا يتعين ذلك ، وقرأ أبو رجاء { سَقْفاً } بضم السين وسكون القاف تخفيفاً وفي «البحر » هي لغة تميم .

وقرأ ابن كثير . وأبو عمرو بفتح السين والسكون على الأفراد لأنهم اسم جنس يطلق على الواحد وما فوقه وهو المراد بقرينة البيوت ؛ وقرىء بفتح السين والقاف وهي لغة في سقف وليس ذلك تحريك ساكن لأنه لا وجه له .

وقرىء { سقوفاً } وهو جمع سقف كفلوس جمع فلس ، وقرأ طلحة { معاريج } .