البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَوۡلَآ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ لَّجَعَلۡنَا لِمَن يَكۡفُرُ بِٱلرَّحۡمَٰنِ لِبُيُوتِهِمۡ سُقُفٗا مِّن فِضَّةٖ وَمَعَارِجَ عَلَيۡهَا يَظۡهَرُونَ} (33)

بين تعالى أن منافع الدنيا وطيباتها حقيرة خسيسة عند الله ، أي ولولا أن يرغب الناس في الكفر ، إذا رأوا الكافر في سعة ، ويصيروا أمة واحدة في الكفر .

قال ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، والسدي : لأعطيناهم من زينة الدنيا كذا وكذا ، ولكن تعالى اقتضت حكمته أن يغني ويفقر الكافر والمؤمن .

قال ابن عطية : واللام في : لمن يكفر ، لام الملك ، وفي : لبيوتهم ، لام تخصيص .

كما تقول : هذا الكساء لزيد لدابته ، أي هو لدابته حلس ولزيد ملك ، انتهى .

ولا يصح ما قاله ، لأن لبيوتهم بدل اشتمال أعيد معه العامل ، فلا يمكن من حيث هو بدل أن تكون اللام الثانية إلا بمعنى اللام الأولى .

أما أن يختلف المدلول ، فلا واللام في كليهما للتخصيص .

وقال الزمخشري : لبيوتهم بدل اشتمال من قوله : { لمن يكفر } ، ويجوز أن تكونا بمنزلة اللامين في قولك : وهبت له ثوباً لقميصه .

انتهى ، ولا أدري ما أراد بقوله : ويجوز إلى آخره .

وقرأ الجمهور : سقفاً ، بضمتين ؛ وأبو رجاء : بضم وسكون ، وهما جمع سقف ، لغة تميم ، كرهن ورهن ؛ وابن كثير وأبو عمرو : بفتح السين والسكون على الإفراد .

وقال الفراء : جمع سقيفة ، وقرئ بفتحتين ، كأنه لغة في سقف ؛ وقرئ : سقوفاً ، جمعاً على فعول نحو : كعب وكعوب .

وقرأ الجمهور : ومعارج جمع معرج ، وطلحة : ومعاريج جمع معراج ، وهي المصاعد إلى العلالي عليها ، أي يعلون السطوح ، كما قال : { فما اسطاعوا أن يظهروه }