ثم استمرَّ القولُ في تحقيرها بقوله سبحانه : { وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ الناس أُمَّةً واحدة } الآية ؛ وذلك أَنَّ معنى الآية أَنَّ اللَّه سبحانه أبقى على عباده ، وأنعم عليهم بمراعاة بقاء الخير والإيمان ، وشاء حفظه على طائفة منهم بَقِيَّةَ الدهر ، ولولا كراهيةُ أنْ يكونَ الناسُ كُفَّاراً كُلُّهم ، وأَهْلَ حُبٍّ في الدنيا وتجرُّدٍ لها لوسَّعَ اللَّه على الكفار غايةَ التوسعة ، ومَكَّنَهم من الدنيا ؛ وذلك لحقارتها عنده سبحانه ، وأنها لا قَدْرَ لها ولا وزنَ ؛ لفنائها وذَهَابِ رسومها ، فقوله : { أُمَّةً وَاحِدَةً } معناه في الكُفْرِ ؛ قاله ابن عباس وغيره ، ومن هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم : " لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللَّه جَنَاحَ بَعُوضَةٍ ، مَا سقى كَافِراً مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ " . وروى ابن المبارك في «رقائقه » بسنده عن عَلْقَمَةَ عن عبد اللَّه قال : اضطجع رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَصِيرٍ فَأَثَّرَ الحَصِيرُ في جَنْبِهِ ، فَلَمَّا استيقظ ، جَعَلْتُ أَمْسَحُ عَنْهُ ، وَأَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلاَ آذَنْتَنِي قَبْلَ أَنْ تَنَامَ على هَذَا الحَصِيرِ ، فَأَبْسُطَ لَكَ عَلَيْهِ شَيْئاً يَقِيكَ مِنْهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَا لِيَ ولِلدُّنْيَا ، وَمَا لِلدُّنْيَا وَمَا لِي مَا أَنَا وَالدُّنْيَا إلاَّ كَرَاكِبٍ استظل في فَيْءِ أَوْ ظِلِّ شَجَرَةٍ ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا " انتهى ، وقد خَرَّجه التِّرمذيُّ ، وقال : حديثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، و{ سُقُفاً } جمع سَقْف ، والمعارج : الأدراج التي يُطْلَعُ عليها ؛ قاله ابن عباس وغيره ، و{ يَظْهَرُونَ } معناه : يعلون ؛ ومنه حديث عائشةَ ( رضي اللَّه عنها ) والشمس في حجرتها لم تظهر بعد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.