إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَوۡلَآ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ لَّجَعَلۡنَا لِمَن يَكۡفُرُ بِٱلرَّحۡمَٰنِ لِبُيُوتِهِمۡ سُقُفٗا مِّن فِضَّةٖ وَمَعَارِجَ عَلَيۡهَا يَظۡهَرُونَ} (33)

وقولِه تعالَى : { وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ الناس أُمَّةً واحدة } استئنافٌ مبينٌ لحقارةِ متاعِ الدُّنيا ودناءةِ قدرهِ عندَ الله عزَّ وجلَّ ، والمَعْنى أنَّ حقارةَ شأنِه بحيثُ لولا أنْ يرغبَ النَّاسُ لحبِّهم الدُّنيا في الكفرِ إذا رأَوا أهلَهُ في سَعةٍ وتنعمٍ فيجتمعُوا عليه لأعطيناهُ بحذافيرِه من هو شرُّ الخلائقِ وأدناهُم منزلةً وذلكَ قولُه تعالى : { لجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً من فِضَّةٍ } أي متخَذةً منها ، ولبيوتِهم بدلُ اشتمالٍ منْ لِمَنْ . وجمعُ الضميرِ باعتبارِ مَعْنى مَنْ كَما أنَّ إِفرادَ المستكنِّ في يكفرُ باعتبارِ لفظِها . والسُّقُفُ جمعُ سَقْفٍ كرُهُنٍ جمعُ رَهْنٍ ، وعن الفرَّاءِ أنَّه جمعُ سقيفةٍ كسفنٍ وسَفينةٍ . وقُرِئ سُقْفَاً بسكونِ القافِ تخفيفاً ، وسَقْفَاً اكتفاءً بجمعِ البيوتِ ، وسَقَفاً كأنَّه لغةٌ في سقفٍ وسقوفاً { وَمَعَارِجَ } أي جعلَنا لهم معارجَ من فضةٍ أي مصاعدَ جمعُ معَرْجٍ وقُرئ معاريَجِ جمع معراجٍ { عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } أي يعلُون السطوحَ والعلاليَ .