المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ إِنَّمَا ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُۥٓ أَلۡقَىٰهَآ إِلَىٰ مَرۡيَمَ وَرُوحٞ مِّنۡهُۖ فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۖ وَلَا تَقُولُواْ ثَلَٰثَةٌۚ ٱنتَهُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡۚ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ سُبۡحَٰنَهُۥٓ أَن يَكُونَ لَهُۥ وَلَدٞۘ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلٗا} (171)

171- يا أهل الكتاب لا تتجاوزوا الحق مغالين في دينكم ، ولا تفتروا على الله الكذب ، فتنكروا رسالة عيسى ، أو تجعلوه إلهاً مع الله ، فإنما المسيح رسول كسائر الرسل ، خلقه الله بقدرته وكلمته التي بُشَّر بها ، ونفخ روحه جبريل في مريم ، فهو سِرٌّ من أسرار قدرته ، فآمنوا بالله ورسله جميعاً إيماناً صحيحاً ولا تدَّعوا أن الآلهة ثلاثة ، انصرفوا عن هذا الباطل يكن خيراً لكم ، فإنما الله واحد لا شريك له ، وهو منزه عن أن يكون له ولد ، وكل ما في السماوات والأرض ملك له ، وكفى به - وحده - مدبِّراً لملكه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ إِنَّمَا ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُۥٓ أَلۡقَىٰهَآ إِلَىٰ مَرۡيَمَ وَرُوحٞ مِّنۡهُۖ فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۖ وَلَا تَقُولُواْ ثَلَٰثَةٌۚ ٱنتَهُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡۚ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ سُبۡحَٰنَهُۥٓ أَن يَكُونَ لَهُۥ وَلَدٞۘ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلٗا} (171)

قوله تعالى : { وإن تكفروا فإن لله ما في السموات والأرض وكان الله عليماً حكيماً يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم } ، نزلت في النصارى وهم أصناف أربعة : اليعقوبية ، والملكانية ، والنسطورية ، والمرقسية . فقالت اليعقوبية : عيسى هو الله ، وكذلك الملكانية ، وقالت النسطورية : عيسى هو ابن الله ، وقالت المرقسية : ثالث ثلاثة . فأنزل الله هذه الآية . ويقال : الملكانية يقولون : عيسى هو الله . واليعقوبية يقولون ابن الله ، والنسطورية يقولون : ثالث ثلاثة ، علمهم رجل من اليهود يقال له بولص ، سيأتي في سورة التوبة إن شاء الله تعالى ، وقال الحسن : يجوز أن تكون نزلت في اليهود والنصارى ، فإنهم جميعاً غلوا في أمر عيسى ، فاليهود بالتقصير ، والنصارى بمجاوزة الحد ، وأصل الغلو : مجاوزة الحد ، وهو في الدين حرام . قال الله تعالى : { لا تغلوا في دينكم } ، لا تشددوا في دينكم فتفتروا على الله الكذب .

قوله تعالى : { ولا تقولوا على الله إلا الحق } ، لا تقولوا إن له شريكاً وولداً .

قوله تعالى : { إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته } ، وهي قوله ( كن فكان ) بشراً من غير أب ، وقيل غيره .

قوله تعالى : { ألقاها إلى مريم } أي أعلمها وأخبرها بها ، كما يقال : ألقيت إليك كلمة حسنة .

قوله تعالى : { وروح منه } . قيل هو روح كسائر الأرواح ، إلا أن الله تعالى أضافه إلى نفسه تشريفاً . وقيل : الروح هو النفخ الذي نفخه جبريل عليه السلام في درع مريم فحملته بإذن الله تعالى ، سمي النفخ روحاً لأنه ريح يخرج من الروح ، وأضافه إلى نفسه لأنه كان بأمره . وقيل : روح منه ، أي ورحمة ، فكان عيسى عليه السلام رحمةً لمن تبعه ، وآمن به . وقيل : الروح : الوحي ، أوحى إلى مريم بالبشارة ، وإلى جبريل عليه السلام أن كن فكان ، كما قال الله تعالى : { ينزل الملائكة بالروح من أمره } [ النحل :2 ] يعني : بالوحي ، وقيل :أراد بالروح جبريل عليه السلام ، معناه : كلمته ألقاها إلى مريم ، وألقاها أيضاً ، روح منه بأمره ، وهو جبريل عليه السلام ، كما قال : { تنزل الملائكة والروح فيها } [ القدر :4 ] يعني : جبريل فيها ، وقال :{ فأرسلنا إليها روحنا } [ مريم :17 ] يعني : جبريل .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد ابن إسماعيل ، أنا صدقة بن الفضل ، أنا الوليد عن الأوزاعي ، حدثنا عمرو بن هاني ، حدثني جنادة بن أمية ، عن عبادة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله وابن أمته ، وكلمته ألقاها إلى مريم ، وروح منه ، وأن الجنة حق ، والنار حق ، أدخله الجنة على ما كان من العمل ) . قوله تعالى : { فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة } ، أي : ولا تقولوا هم ثلاثة ، وكانت النصارى تقول : أب ، وابن ، وروح القدس .

قوله تعالى : { انتهوا خيراً لكم } تقديره : انتهوا يكن الانتهاء خيراً لكم .

قوله تعالى : { إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد } ، واعلم أن التبني لا يجوز لله تعالى ، لأن التبني إنما يجوز لمن يتصور له ولد .

قوله تعالى : { له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا } .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ إِنَّمَا ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُۥٓ أَلۡقَىٰهَآ إِلَىٰ مَرۡيَمَ وَرُوحٞ مِّنۡهُۖ فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۖ وَلَا تَقُولُواْ ثَلَٰثَةٌۚ ٱنتَهُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡۚ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ سُبۡحَٰنَهُۥٓ أَن يَكُونَ لَهُۥ وَلَدٞۘ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلٗا} (171)

{ يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم } الخطاب للفريقين ، غلت اليهود في حط عيسى عليه الصلاة والسلام حتى رموه بأنه ولد من غير رشدة ، والنصارى في رفعه حتى اتخذوه إلها . وقيل الخطاب للنصارى خاصة فإنه أوفق لقوله : { ولا تقولوا على الله إلا الحق } يعني تنزيهه عن الصاحبة والولد . { إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم } أوصلها إليها وخصلها فيها . { وروح منه } وذو روح صدر منه لا بتوسط ما يجري مجرى الأصل والمادة له ، وقيل سمي روحا لأنه كان يحيي الأموات أو القلوب { فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة } أي الآلهة ثلاثة الله والمسيح ومريم ، ويشهد عليه قوله تعالى : { أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله } أو الله ثلاثة إن صح أنهم يقولون الله ثلاثة أقانيم الأب والابن وروح القدس ، ويريدون بالأب الذات ، وبالابن العلم ، وبروح القدس الحياة . { انتهوا } عن التثليث . { خيرا لكم } نصبه كما سبق . { إنما الله إله واحد } أي واحد بالذات لا تتعدد فيه بوجه ما . { له ما في السماوات وما في الأرض } ملكا وخلقا لا يماثله شيء من ذلك فيتخذه ولدا . { وكفى بالله وكيلا } تنبيه على غناه عن الولد فإن الحاجة إليه ليكون وكيلا لأبيه والله سبحانه وتعالى قائم بحفظ الأشياء كاف في ذلك مستغن عمن يخلقه أو يعينه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ إِنَّمَا ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُۥٓ أَلۡقَىٰهَآ إِلَىٰ مَرۡيَمَ وَرُوحٞ مِّنۡهُۖ فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۖ وَلَا تَقُولُواْ ثَلَٰثَةٌۚ ٱنتَهُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡۚ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ سُبۡحَٰنَهُۥٓ أَن يَكُونَ لَهُۥ وَلَدٞۘ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلٗا} (171)

{ إنما } في هذه الآية حاصرة ، اقتضى ذلك العقل في المعنى المتكلم فيه ، وليست صيغة { إنما } تقتضي الحصر ، ولكنها تصلح للحصر وللمبالغة في الصفة وإن لم يكن حصر ، نحو : إنما الشجاع عنترة وغير ذلك . و { سبحانه } : معناه تنزيهاً له وتعظيماً عن أن يكون له ولد كما تزعمون أنتم أيها النصارى في أمر عيسى ، إذ نقلتم أبوة الحنان والرأفة إلى أبوة النسل ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن «أن يكون له ولداً » بكسر الألف من «أن » وهي نافية بمعنى ما يكون له ولد ، وقوله تعالى : { له ما في السماوات وما في الأرض } الآية : إخبار يستغرق عبودية عيسى وغير ذلك من الأمور .