الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ إِنَّمَا ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُۥٓ أَلۡقَىٰهَآ إِلَىٰ مَرۡيَمَ وَرُوحٞ مِّنۡهُۖ فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۖ وَلَا تَقُولُواْ ثَلَٰثَةٌۚ ٱنتَهُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡۚ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ سُبۡحَٰنَهُۥٓ أَن يَكُونَ لَهُۥ وَلَدٞۘ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلٗا} (171)

خاطَبَ سبحانه أهْلَ الكتابِ مِنَ النصارى ، وهو أنْ يَدَعُوا الغُلُوَّ ، وهو تجاوُزُ الحَدِّ .

وقوله : { فِي دِينِكُمْ }[ النساء :171 ] .

معناه : في دِينِ اللَّهِ الَّذي أنْتُمْ مطلوبُونَ به ، بأنْ تُوحِّدوا اللَّه ، ( ولا تَقُولوا على اللَّه إلا الحقَّ ) ، ولَيْسَتِ الإشارةُ إلى دينهم المُضَلِّل ، وعن عُبَادَةَ بْنِ الصامِتِ ( رضي اللَّه عنه ) ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( مَنْ قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَنَّ عيسى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ ، وَرُوحٌ مِنْهُ ، وَأَنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ ، وَالنَّارَ حَقٌّ ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ على مَا كَانَ مِنَ عَمَلٍ ) رواه مسلم ، والبخاريُّ ، والنسائيُّ ، وفي مسلمٍ : " أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ " ، انتهى .

وقوله تعالى : { فآمِنُواْ بالله وَرُسُلِهِ } ، أي : الذين مِنْ جملتهم : عيسى ، ومحمَّد عليهما السلام .

وقوله تعالى : { إِنَّمَا الله إله واحد } ، ( إنَّمَا ) ، في هذه الآية : حاصرةٌ ، و{ سبحانه } : معناه : تنزيهاً له ، وتعظيماً ، والاستنكاف إبَايةٌ بأَنَفَة .