المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{خُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ مِنۡ عَجَلٖۚ سَأُوْرِيكُمۡ ءَايَٰتِي فَلَا تَسۡتَعۡجِلُونِ} (37)

37- وإذا كانوا يطلبون التعجيل بالعذاب فإن طبيعة الإنسان التعجل ، سأريكم - أيها المستعجلون - نعمتي في الدنيا ، وعذابي في الآخرة فلا تشغلوا أنفسكم باستعجال ما لابد منه{[130]} .


[130]:تعليق الخبراء علي الآية 37: {خلق الإنسان من عجل * سأريكم آياتي فلا تستعجلون}: المقصود بالآيات هي الآيات الكونية الدالة علي وجود الله وقدرته، وسيكشف العلم عنها تباعا بحكم ارتقاء العقل البشري، وذلك في مواعيد موقوتة، كلما حل أجل آية أظهرها الله، أو يسر الله للبشر الوصول إلي إحدى هذه الآيات.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{خُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ مِنۡ عَجَلٖۚ سَأُوْرِيكُمۡ ءَايَٰتِي فَلَا تَسۡتَعۡجِلُونِ} (37)

قوله تعالى : { خلق الإنسان من عجل } اختلفوا فيه ، فقال قوم : معناه أن بنيته وخلقته من العجلة وعليها طبع ، كما قال الله تعالى : ( وكان الإنسان عجولاً ) قال سعيد بن جبير ، والسدي : لما دخلت الروح في رأس آدم وعينيه نظر إلى ثمار الجنة فلما دخلت جوفه اشتهى الطعام ، فوثب قائما قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه عجلاً إلى ثمار الجنة ، فوقع فقيل : خلق الإنسان من عجل والمراد بالإنسان آدم وأورث أولاده العجلة ، والعرب تقول : للذي يكثر منه الشيء : خلقت منه ، كما يقول خلقت من تعب ، وخلقت من غضب تريد المبالغة في وصفه بذلك ، يدل على هذا قوله تعالى : { وكان الإنسان عجولا } وقال قوم : معناه خلق الإنسان يعني آدم من تعجيل في خلق الله إياه ، لأن خلقه كان بعد خلق كل شيء في آخر النهار يوم الجمعة ، فأسرع في خلقه قبل مغيب الشمس . وقال مجاهد : فلما أحيا الروح رأسه قال يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس . وقيل : بسرعة وتعجيل على غير ترتيب خلق سائر الآدميين من النطفة ، ثم العلقة ، ثم المضغة وغيرها . وقال قوم : من عجل ، أي : من طين ، قال الشاعر :

والنبع في الصخرة الصماء منبتة *** والنخل ينبت بين الماء والعجل

{ سأريكم آياتي فلا تستعجلون } هذا خطاب للمشركين . نزل هذا في المشركين كانوا يستعجلون العذاب ، ويقولون : أمطر علينا حجارة من السماء ، وقيل : نزلت في النضر بن الحارث ، فقال تعالى : ( سأريكم آياتي ) أي : مواعيدي ( فلا تستعجلون ) أي فلا تطلبوا العذاب من قبل وقته ، فأراهم يوم بدر ، وقيل : كانوا يستعجلون القيامة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{خُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ مِنۡ عَجَلٖۚ سَأُوْرِيكُمۡ ءَايَٰتِي فَلَا تَسۡتَعۡجِلُونِ} (37)

36

ثم هم يستعجلون بما ينذرهم به الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] من عذاب ؛ ويحذرهم من عاقبته . والإنسان بطبعه عجول :

( خلق الإنسان من عجل . سأريكم آياتي فلا تستعجلون . ويقولون : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ! ) . .

( خلق الإنسان من عجل ) . . فالعجلة في طبعه وتكوينه . وهو يمد ببصره دائما إلى ما وراء اللحظة الحاضرة يريد ليتناوله بيده ، ويريد ليحقق كل ما يخطر له بمجرد أن يخطر بباله ، ويريد أن يستحضر كل ما يوعد به ولو كان في ذلك ضرره وإيذاؤه . ذلك إلا أن يتصل بالله فيثبت ويطمئن ، ويكل الأمر لله فلا يتعجل قضاءه . والإيمان ثقة وصبر واطمئنان .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{خُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ مِنۡ عَجَلٖۚ سَأُوْرِيكُمۡ ءَايَٰتِي فَلَا تَسۡتَعۡجِلُونِ} (37)

وقوله : { خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ } ، كما قال في الآية الأخرى : { وَكَانَ{[19628]} الإنْسَانُ عَجُولا } [ الإسراء : 11 ] أي : في الأمور .

قال مجاهد : خلق الله آدم بعد كل شيء من آخر النهار ، من يوم خلق الخلائق فلما أحيا الروح عينيه ولسانه ورأسه ، ولم يبلغ{[19629]} أسفله قال : يا رب ، استعجل بخلقي قبل غروب الشمس .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سِنَان ، حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا محمد بن علقمة بن وقاص الليثي ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة ، وفيه أهبط منها ، وفيه تقوم الساعة ، وفيه ساعة لا يوافقها مؤمن يصلي - وقبض أصابعه قَلَّلَها{[19630]} - فسأل الله خيرًا ، إلا أعطاه إياه " . قال أبو سلمة : فقال عبد الله بن سلام : قد عرفت تلك الساعة ، وهي آخر ساعات النهار من يوم الجمعة ، وهي التي خلق الله فيها آدم ، قال الله تعالى : { خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ } {[19631]} .

والحكمة في ذكر عجلة الإنسان هاهنا أنه لما ذكر المستهزئين بالرسول ، صلوات الله [ وسلامه ]{[19632]} عليه ، وقع في النفوس سرعة الانتقام منهم واستعجلت{[19633]} ، فقال الله تعالى : { خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ } ؛ لأنه تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، يؤجل ثم يعجل ، وينظر ثم لا يؤخر ؛ ولهذا قال : { سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي } أي : نقمي وحكمي واقتداري على من عصاني ، { فَلا تَسْتَعْجِلُونِ } .


[19628]:- في ف : "وخلق".
[19629]:- في ف : "تبلغ".
[19630]:- في أ : "يقللها"
[19631]:- أخرج مالك في الموطأ (1/108) من طريق يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة نحوه دون ذكر الآية وأخرج الشيخان أوله والله أعلم.
[19632]:- زيادة من ف ، أ.
[19633]:- في ف ، أ : "واستعجلت ذلك".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{خُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ مِنۡ عَجَلٖۚ سَأُوْرِيكُمۡ ءَايَٰتِي فَلَا تَسۡتَعۡجِلُونِ} (37)

{ خلق الإنسان من عجل } كأنه خلق منه لفرط استعجاله وقلة ثباته كقولك : خلق زيد من الكرم ، جعل ما طبع عليه بمنزلة المطبوع وهو منه مبالغة في لزومه له ولذلك قيل : إنه على القلب ومن عجلته مبادرته إلى الكفر واستعجال الوعيد . روي أنها نزلت في النضر بن الحارث حين استعجل العذاب . { سأريكم آياتي نقماتي في الدنيا كوقعة بدر وفي الآخرة عذاب النار . { فلا تستعجلون } بالإتيان بها ، والنهي عما جبلت عليه نفوسهم ليقعدوها عن مرادها .