غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{خُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ مِنۡ عَجَلٖۚ سَأُوْرِيكُمۡ ءَايَٰتِي فَلَا تَسۡتَعۡجِلُونِ} (37)

21

فقدم لذلك العذاب أولا مقدمة هي قوله : { خلق الإنسان } أي هذا الجنس { من عجل } أراد أنه مجبول على إفراط العجلة كما مر في قوله { وكان الإنسان عجولاً } [ الإسراء : 11 ] وعن ابن عباس أنه آدم أراد أن يقوم حين بلغ الروح صدره ، وعن مجاهد أن آدم لما دخل الروح رأسه وعينيه رأى الشمس قاربت الغروب فقال : يا رب عجل خلقي قبل أن تغيب الشمس . وعن ابن عباس أيضاً أنه النضر بن الحرث والأول أظهر . وقيل : العجل الطين بلغة حمير ، وقال الأخفش : أي من العجل في الأمر وهو قوله { كن } وقيل : هو على القلب أي خلق العجل من الإنسان { سأريكم آياتي } وهي الهلاك المعجل في الدنيا والعذاب في الآخرة { فلا تستعجلون } فإنها كائنة لا محالة في وقتها وقيل : هي أدلة التوحيد وصدق الرسول . وقيل : آثار القرون الخالية بالشام واليمن .

سؤال : { خلق الإنسان من عجل } فيه أن الآدمي معذور على الاستعجال لأنه له كالأمر الطبيعي الذي لا بد منه ، فلم رتب عليه النهي بقوله { فلا تستعجلون } ؟ وأجيب بأن فيه تنبيهاً على أن ترك العجلة حالة شريفة وخصلة عزيزة .

وقال جار الله : هذا كما ركب فيه الشهوة وأمره أن يغلبها .

آخر : القوم استعجلوا الوعد على جهة التكذيب ، ومن هذا حاله لا يكون مستعجلاً في الحقيقة ؟ أجيب بأن الاستعجال على هذا الوجه أدخل في الذم لأنه استعجال على أمر موهوم عندهم لا معلوم .

/خ50