لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{خُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ مِنۡ عَجَلٖۚ سَأُوْرِيكُمۡ ءَايَٰتِي فَلَا تَسۡتَعۡجِلُونِ} (37)

قوله تعالى { خلق الإنسان من عجل } قيل معناه أن بنيته وخلقته من العجلة وعليها طبع ، وقيل لما دخل الروح في رأس آدم وعينيه نظر إلى ثمار الجنة فلما دخل في جوفه اشتهى الطعام فوثب قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه عجلاً إلى ثمار الجنة ، فوقع فقيل خلق الإنسان من عجل وأورث بنيه العجلة وقيل معناه خلق الإنسان من تعجيل في خلق الله إياه ، لأن خلقه كان بعد كل شيء في آخر النهار يوم الجمعة ، فأسرع في خلقه قبل مغيب الشمس فلما أحيا الروح رأسه قال يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس ، وقيل خلق بسرعة وتعجيل على غير قياس خلق بنيه لأنهم خلقوا من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة أطواراً أطواراً طوراً بعد طور وقيل خلق الإنسان من عجل أي من طين قال الشاعر :

والنخل ينبت بين الماء والعجل

أي بين الماء والطين . وقيل أراد بالإنسان النوع الإنساني يدل عليه قوله { سأريكم آياتي فلا تستعجلون } وذلك أن المشركين كانوا يستعجلون العذاب ، وقيل نزلت في النظر بن الحرث ، ومعنى سأريكم آياتي أي مواعيدي فلا تطلبوا العذاب قبل وقته فأراهم يوم بدر ، وقيل كانوا يستعجلون القيامة .