الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{خُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ مِنۡ عَجَلٖۚ سَأُوْرِيكُمۡ ءَايَٰتِي فَلَا تَسۡتَعۡجِلُونِ} (37)

كانوا يستعجلون عذاب الله و [ نزول ] آياته الملجئة إلى العلم والإقرار { وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد } فأراد نهيهم عن الاستعجال وزجرهم ، فقدم أولاً ذم الإنسان على إفراط العجلة ، وأنه مطبوع عليها ، ثم نهاهم وزجرهم ، كأنه قال : ليس ببدع منكم أن تستعجلوا فإنكم مجبولون على ذلك وهو طبعكم وسجيتكم . وعن ابن عباس رضي الله عنه : أنه أراد بالإنسان آدم عليه السلام ، وأنه حين بلغ الروح صدره ولم يتبالغ فيه أراد أن يقوم . وروي : أنه لما دخل الروح في عينه نظر إلى ثمار الجنة ، ولما دخل جوفه اشتهى الطعام . وقيل خلقه الله تعالى في آخر النهار يوم الجمعة قبل غروب الشمس ، فأسرع في خلقه قبل مغيبها . وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه النضر بن الحارث . والظاهر أن المراد الجنس . وقيل : «العجل » : الطين ، بلغة حِمْيَر . وقال شاعرهم :

وَالنَّخْلُ يَنْبُتُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْعَجَل ِ***

والله أعلم بصحته .

فإن قلت : لم نهاهم عن الاستعجال مع قوله : { خُلِقَ الإنسان مِنْ عَجَلٍ } وقوله : { وَكَانَ الإنسان عَجُولاً } [ الإسراء : 11 ] أليس هذا من تكليف ما لا يطاق ؟ قلت : هذا كما ركب في الشهوة وأمره أن يغلبها . لأنه أعطاه القدرة التي يستطيع بها قمع الشهوة وترك العجلة . وقرىء : «خلق الإنسان » .