الآية 37 : وقوله تعالى : { خلق الإنسان من عجل } كقوله{[12609]} في آية أخرى : { وكان الإنسان عجولا } [ الإسراء : 11 ] .
قال الحسن : { عجولا } أي ضعيفا ، وضعفه ، هو أن يضيق صدره ، ويحرج عند [ إصابته بأدنى ] {[12610]} شيء حتى يحمله ضيق صدره على أن يدعو على نفسه وعلى مجيئه الهلاك لضيق صدره ، وذلك لضعف{[12611]} فيه .
وعندنا أنه خلقه عجولا حتى لا يصبر على حالة واحدة ، وإن كانت الحالة نعمة ورخاء حتى يمل منها ، ويسأم ، ويريد التحول إلى حالة هي دون تلك الحالة ، ويرضى بشيء دونه .
لكنه ، وإن خلقه على ما أخبر ، جعل في وسعه رياضة نفسه حتى يصير صبورا حليما ، وهو ما أخبر أن { عجولا } { إذا مسه الشر جزوعا } { وإذا مسه الخير منوعا } { إلا المصلين } [ المعارج : 19 و20 و21 و22 ] أخبر أنه خلقه هلوعا ، ثم استثنى المصلين . دل أنه بالرياضة يتحول عن الحالة التي خلقه إلى حالة أخرى ، وهي حالة الحلم والصبر . وكذلك ما أخبر : { وكان الإنسان قتورا } [ الإسراء : 100 ] كان كذلك في الابتداء . لكنه بالرياضة والعادة يصير سخيا جوادا . وكذلك ما قال : { وأحضرت الأنفس الشح } [ النساء : 128 ] ثم قال : { ومن يوق شح نفسه } [ الحشر : 9 والتغابن : 16 ] أخبر أن الأنفس الشح{[12612]} أحضرت ، ثم أخبر أن من { يوق شح نفسه } فله كذا .
دل بهذا كله أنه بالرياضة والعادة يحتمل التحول إلى حالة السخاء والجود{[12613]} بعدما كان شحيحا قتورا بخيلا . فعلى ذلك ما ذكر من العجلة والهلع والجزع يحتمل [ التحول ] {[12614]} بالرياضة والعادة إلى أن يصير حليما صبورا في الأمور غير ملول فيها .
وليست المحنة إلا بالرياضة والعادة . فأمره أن يروض نفسه ، ويعودها بالقيام بجميع ما أمره الله ، ويكفها عن جميع ما نهى عنه ، فيعتاد اتباع أمره والانتهاء عن نهيه ، والله الموفق .
وقوله تعالى : { سأوريكم آياتي فلا تستعجلون } يشبه أن يكونوا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات على رسالته أنه رسول ، أو سألوا آيات على وحدانية الله وربوبيته ، فقال : { سأوريكم آياتي } من الوجه الذي يريد ربي ، ويبين لكم ذلك لا من الوجه الذي تريدون أنتم ، وتسألونه .
وقال أهل التأويل : { سأوريكم آياتي } في ما نزل من العذاب فيهم وفي منازلهم { فلا تستعجلون } /339-ب/ أنتم العذاب على من كان قبلكم من الأمم بتكذيبهم الرسل . فإن سافرتم ، وضربتم في الأرض رأيتم آثار العذاب فيهم وفي منازلهم { فلا تستعجلون } أنتم العذاب الذي يعد لكم الرسول ؛ كان يخوفهم العذاب ، ويعد لهم إياه [ إن يكذبوه ] {[12615]} في ذلك ، فقال عند ذلك ما قال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.