المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَإِذۡ قُلۡنَا ٱدۡخُلُواْ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةَ فَكُلُواْ مِنۡهَا حَيۡثُ شِئۡتُمۡ رَغَدٗا وَٱدۡخُلُواْ ٱلۡبَابَ سُجَّدٗا وَقُولُواْ حِطَّةٞ نَّغۡفِرۡ لَكُمۡ خَطَٰيَٰكُمۡۚ وَسَنَزِيدُ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (58)

58- واذكروا - يا بني إسرائيل - حين قلنا لكم : ادخلوا المدينة الكبيرة التي ذكرها لكم موسى نبيكم ، فكلوا مما فيها كما تشاءون ، كثيراً واسعاً ، على أن يكون دخولكم بخشوع وخضوع من الباب الذي سمَّاه لكم نبيكم ، واسألوا الله عند ذلك أن يغفر لكم خطاياكم ، فمن يفعل ذلك بإخلاص نغفر له خطاياه ، ومن كان محسناً مطيعاً زدناه ثواباً وتكريماً فوق العفو والمغفرة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذۡ قُلۡنَا ٱدۡخُلُواْ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةَ فَكُلُواْ مِنۡهَا حَيۡثُ شِئۡتُمۡ رَغَدٗا وَٱدۡخُلُواْ ٱلۡبَابَ سُجَّدٗا وَقُولُواْ حِطَّةٞ نَّغۡفِرۡ لَكُمۡ خَطَٰيَٰكُمۡۚ وَسَنَزِيدُ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (58)

قوله تعالى : { وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية } . سميت القرية لأنها تجمع أهلها ، ومنه المقرأة للحوض ، لأنها تجمع الماء ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : هي أريحاء ، وهي قرية الجبارين كان فيها قوم من بقية عاد يقال لهم العمالقة ورأسهم عوج بن عنق ، وقيل : بلقاء ، وقال مجاهد : بيت المقدس ، وقال الضحاك : هي الرملة والأردن وفلسطين وتدمر ، وقال مقاتل : إيليا ، وقال ابن كيسان : الشام .

قوله تعالى : { وكلوا منها حيث شئتم رغداً } . موسعاً عليكم .

قوله تعالى : { وادخلوا الباب } . يعني باباً من أبواب القرية وكان لها سبعة أبواب .

قوله تعالى : { سجداً } . أي ركعاً خضعاً منحنين ، وقال وهب : فإذا دخلتموه فاسجدوا شكراً لله تعالى ، قال قتادة : حط عنا خطايانا ، أمروا بالاستغفار ، وقال ابن عباس : لا إله إلا الله ، لأنها تحط الذنوب ، ورفعها على تقدير : قولوا مسألتنا حطة .

قوله تعالى : { نغفر لكم خطاياكم } . من الغفر وهو الستر ، فالمغفرة تستر الذنوب ، وقرأ نافع بالياء وضمها وفتح الفاء ، وقرأها ابن عامر بالتاء وضمها وفتح الفاء ، وفي الأعراف قرأ جميعاً و يعقوب بالتاء وضمها ، وقرأ الآخرون فيهما بنصب النون وكسر الفاء .

قوله تعالى : وسنزيد المحسنين } . ثواباً من فضلنا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذۡ قُلۡنَا ٱدۡخُلُواْ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةَ فَكُلُواْ مِنۡهَا حَيۡثُ شِئۡتُمۡ رَغَدٗا وَٱدۡخُلُواْ ٱلۡبَابَ سُجَّدٗا وَقُولُواْ حِطَّةٞ نَّغۡفِرۡ لَكُمۡ خَطَٰيَٰكُمۡۚ وَسَنَزِيدُ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (58)

40

ويمضي السياق في مواجهتهم بما كان منهم من انحراف ومعصية وجحود : ( وإذ قلنا : ادخلوا هذه القرية ، فكلوا منها حيث شئتم رغدا ، وادخلوا الباب سجدا ، وقولوا : حطة . نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين . فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم ، فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء ، بما كانوا يفسقون ) . .

وتذكر بعض الروايات أن القرية المقصودة هنا هي بيت المقدس ، التي أمر الله بني إسرائيل بعد خروجهم من مصر أن يدخلوها ، ويخرجوا منها العمالقة الذين كانوا يسكنونها ، والتي نكص بنو إسرائيل عنها وقالوا : ( يا موسى إن فيها قوما جبارين ، وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون ) . . والتي قالوا بشأنها لنبيهم موسى - عليه السلام - : ( إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ! ) . . ومن ثم كتب عليهم ربهم التيه أربعين سنة ، حتى نشأ جيل جديد بقيادة يوشع بن نون ، فتح المدينة ودخلها . . ولكنهم بدلا من أن يدخلوها سجدا كما أمرهم الله ، علامة على التواضع والخشوع ، ويقولوا : حطة . . أي حط عنا ذنوبنا واغفر لنا . . دخلوها على غير الهيئة التي أمروا بها ، وقالوا قولا آخر غير الذي أمروا به . .

والسياق يواجههم بهذا الحادث في تاريخهم ؛ وقد كان مما وقع بعد الفترة التي يدور عنها الحديث هنا - وهي عهد موسى - ذلك أنه يعتبر تاريخهم كله وحدة ، قديمه كحديثه ، ووسطه كطرفيه . . كله مخالفة وتمرد وعصيان وانحراف !

وأيا كان هذا الحادث ، فقد كان القرآن يخاطبهم بأمر يعرفونه ، ويذكرهم بحادث يعلمونه . . فلقد نصرهم الله فدخلوا القرية المعينة ؛ وأمرهم أن يدخلوها في هيئة خشوع وخضوع ، وأن يدعوا الله ليغفر لهم ويحط عنهم ؛ ووعدهم أن يغفر لهم خطاياهم ، وأن يزيد المحسنين من فضله ونعمته . فخالفوا عن هذا كله كعادة يهود .