المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا} (2)

2- فإذا قاربت المطلقات نهاية عدتهن ، فراجعوهن مع حُسن مُعاشرة ، أو فارقوهن من غير مضارة ، وأشهدوا على الرجعة والمفارقة صاحبي عدالة منكم . وأدّوا الشهادة على وجهها خالصة لله . ذلكم الذي أمرتم به يوعظ به مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، ومَن يخف الله فيقف عند أوامره ونواهيه يجعل له مخرجاً من كل ضيق .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا} (2)

{ فإذا بلغن أجلهن } أي قربن من انقضاء عدتهن ، { فأمسكوهن } أي راجعوهن ، { بمعروف أو فارقوهن بمعروف } أي اتركوهن حتى تنقضي عدتهن فتبين منكم ، { وأشهدوا ذوي عدل منكم } على الرجعة أوالفراق . أمر بالإشهاد على الرجعة وعلى الطلاق . { وأقيموا الشهادة لله } أيها الشهود { ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر . ومن يتق الله يجعل له مخرجاً } قال عكرمة والشعبي والضحاك : يجعل له مخرجاً إلى الرجعة ومن يتق الله فليطلق للسنة . وأكثر المفسرين قالوا : نزلت في عوف ابن مالك الأشجعي ، أسر المشركون ابناً له يسمى مالكاً فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أسر العدو ابني ، وشكا إليه أيضاً إليه الفاقة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " اتق الله واصبر وأكثر من قول : لا حول ولا قوة إلا بالله " ، ففعل الرجل ذلك فبينما هو في بيته إذ أتاه ابنه ، وقد غفل عنه العدو ، فأصاب إبلاً وجاء بها إلى أبيه . وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : فتغفل عنه العدو ، فاستاق غنمهم ، فجاء بها إلى أبيه ، وهي أربعة آلاف شاة . فنزلت : { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً } في ابنه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا} (2)

وقوله : { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } أي : إذا قاربن انقضاء العدة ، لأنهن لو خرجن من العدة ، لم يكن الزوج مخيرًا بين الإمساك والفراق . { فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } أي : على وجه المعاشرة [ الحسنة ] ، والصحبة الجميلة ، لا على وجه الضرار ، وإرادة الشر والحبس ، فإن إمساكها على هذا الوجه ، لا يجوز ، { أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } أي : فراقًا لا محذور فيه ، من غير تشاتم ولا تخاصم ، ولا قهر لها على أخذ شيء من مالها .

{ وَأَشْهِدُوا } على طلاقها ورجعتها { ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } أي : رجلين مسلمين عدلين ، لأن في الإشهاد المذكور ، سدًا لباب المخاصمة ، وكتمان كل منهما ما يلزمه بيانه .

{ وَأَقِيمُوا } أيها الشهداء { الشَّهَادَةَ لِلَّهِ } أي : ائتوا بها على وجهها ، من غير زيادة ولا نقص ، واقصدوا بإقامتها وجه الله وحده{[1137]}  ولا تراعوا بها قريبًا لقرابته ، ولا صاحبًا لمحبته ، { ذَلِكُمْ } الذي ذكرنا لكم من الأحكام والحدود { يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ } فإن من يؤمن بالله ، واليوم الآخر ، يوجب له ذلك{[1138]}  أن يتعظ بمواعظ الله ، وأن يقدم لآخرته من الأعمال الصالحة ، ما يتمكن منها ، بخلاف من ترحل الإيمان عن قلبه ، فإنه لا يبالي بما أقدم عليه من الشر ، ولا يعظم مواعظ الله لعدم الموجب لذلك ، ولما كان الطلاق قد يوقع في الضيق والكرب والغم ، أمر تعالى بتقواه ، وأن{[1139]}  من اتقاه في الطلاق وغيره فإن الله يجعل له فرجًا ومخرجًا .

فإذا أراد العبد الطلاق ، ففعله على الوجه الشرعي ، بأن أوقعه طلقة واحدة ، في غير حيض ولا طهر قد وطئ فيه{[1140]}  فإنه لا يضيق عليه الأمر ، بل جعل الله له فرجًا وسعة يتمكن بها من مراجعة النكاح{[1141]}  إذا ندم على الطلاق ، والآية ، وإن كانت في سياق الطلاق والرجعة ، فإن العبرة بعموم اللفظ ، فكل من اتقى الله تعالى ، ولازم مرضاة الله في جميع أحواله ، فإن الله يثيبه في الدنيا والآخرة .

ومن جملة ثوابه أن يجعل له فرجًا ومخرجًا من كل شدة ومشقة ، وكما أن من اتقى الله جعل له فرجًا ومخرجًا ، فمن لم يتق الله ، وقع في الشدائد والآصار والأغلال ، التي لا يقدر على التخلص منها والخروج من تبعتها ، واعتبر ذلك بالطلاق ، فإن العبد إذا لم يتق الله فيه ، بل أوقعه على الوجه المحرم ، كالثلاث ونحوها ، فإنه لا بد أن يندم ندامة لا يتمكن من استدراكها{[1142]}  والخروج منها .


[1137]:- في ب: وجه الله تعالى.
[1138]:- في ب: فإن الإيمان بالله، واليوم الآخر يوجب لصاحبه.
[1139]:- في ب: ووعد من.
[1140]:- في ب: ولا طهر أصابها فيه
[1141]:- في ب: يتمكن بها من الرجوع إلى النكاح.
[1142]:- في ب: لا يتمكن من استداركها.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا} (2)

وقوله تعالى : { فإذا بلغن أجلهن } يريد به آخر القروء ، و «الإمساك بالمعروف » : هو حسن العشرة في الإنفاق وغير ذلك ، و «المفارقة بالمعروف » : هو أداء المهر والتمتيع ودفع جميع الحقوق والوفاء بالشروط وغير ذلك حسب نازلة ، وقوله تعالى : { وأشهدوا ذوي عدل منكم } يريد على الرجعة ، وذلك شرط في صحة الرجعة ، وللمرأة منع الزوج من نفسها حتى يشهد ، وقال ابن عباس المراد على الرجعة ، والطلاق ، لأن الإشهاد يرفع من النوازل إشكالات كثيرة ، وتقييد تاريخ الإشهاد من الإشهاد ، وقال النخعي : العدل : من لم تظهر منه ريبة ، وهذا قول الفقهاء ، والعدل حقيقة الذي لا يخاف إلا الله ، وقوله تعالى : { أقيموا الشهادة لله } أمر للشهود ، وقوله تعالى : { ذلكم يوعظ به } إشارة إلى إقامة الشهادة ، وذلك أن جميع فصول الأحكام والأمور فإنما تدور على إقامة الشهادة ، وقوله تعالى : { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب } .

قال علي بن أبي طالب وكثير من المتأولين نفي من معنى الطلاق ، أي ومن لا يتعدى في الطلاق السنة إلى طلاق الثلاث وغير ذلك يجعل الله له مخرجاً إن ندم بالرجعة المباحة ويرزقه ما يطعم أهله ويوسع عليه ، ومن لا يتق الله فربما طلق وبت وندم ، فلم يكن له مخرج وزال عليه رزق زوجته . وقد فسر ابن عباس نحو هذا فقال للمطلق ثلاثاً : أنت لم تتق الله فبانت منك امرأتك ولا أرى لك مخرجاً . وقال ابن عباس أيضاً معنى : { يجعل له مخرجاً } يخلصه من كرب الدنيا والآخرة ، واختلف في ألفاظ رواية هذه القصة ، قال ابن عباس للمطلق ، لكن هذا هو المعنى ، وقال بعض رواة الآثار : نزلت هذه الآية في عوف بن مالك الأشجعي وذلك أنه أسر ولده وقدر عليه رزقه ، فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر بالتقوى ، فقيل : لم يلبث أن تفلت ولده وأخذ قطيع غنم للقوم الذين أسروه ، وجاء أباه ، فسأل عوف رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتطيب له تلك الغنم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «نعم » ونزلت الآية في ذلك .