الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا} (2)

- قوله تعالى {[68784]} : ( فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف )[ 2 ] إلى قوله : ( من أمره يسرا ) .

أي : فإذا بلغ المطلقات اللواتي في العدة آخر عدتهن ، فأمسكوهن برجعة ترجعونها {[68785]} إن أردتم ذلك .

ومعنى : ( بمعروف ) أي : راجعوهن بمعروف ، وذلك إعطاؤها الحقوق التي أوجب الله لها عليهم من النفقة والكسوة والسكنى {[68786]} وحسن الصحبة .

- ( أو فارقوهن . . . )[ 2 ] .

أي : اتركوهن حتى تنقضي عدتهن فيملكن {[68787]} أنفسهن {[68788]} . ومعنى( بمعروف . . . )[ 2 ] .

( أي ) {[68789]} " : [ بإيفائها {[68790]} ما لها ] {[68791]} من بقية الصداق والمتعة . قال الضحاك : ( فإذا بلغن أجهلن ) إذا انقضت عدتها قبل أن تغتسل من الحيضة الثالثة ، أو ثلاثة أشهر ، إن لم يكن يحضن ، فراجع إن شئت قبل أن تنقضي {[68792]} العدة [ وأمسكها ] {[68793]}

بمعروف ، أي : يحسن الصحبة والقيام عليها ( أو فارقوهن ) أي : دعوهن حتى تنقضي العدة ) {[68794]} بالطهر الثالث أو تمام الثلاثة أشهر ( بمعروف ) ( أن ) {[68795]} يعطيها مهرها إن كان لها {[68796]} .

- ثم قال تعالى : ( وأشهدوا ذوي عدل منكم . . . )[ 2 )

أي أشهدوا-إذا راجعتموهن {[68797]} - ذوي عدل {[68798]} . وهما من {[68799]} يرضى دينه وأمانته {[68800]} .

قال ابن عباس : يشهد {[68801]} عدلين عند الطلاق {[68802]} وعند المراجعة ، وقاله السدي {[68803]} .

والإشهاد عند [ أكثر ] {[68804]} الفقهاء على الندب {[68805]} ، وكذلك أكثر ما جاء في القرآن من الأمر بالإشهاد .

قال ابن المسيب : ( [ ذوي ] {[68806]} عدل ) : [ ذوي ] {[68807]} عقل وفهم {[68808]} .

ثم قال : ( وأقيموا الشهادة لله . . . ) .

أي : اشهدوا بالحق {[68809]} .

وإذا جامع أو [ قبَّل ] {[68810]} يريد به الرجعة فهو رجعة عند مالك . وكذلك إن [ تكلم ] {[68811]} بالرجعة ونيته الرجعة فهي رجعة {[68812]} .

ثم قال تعالى : ( ذلك يوعظ به من كان يومن بالله واليوم الاخر ) [ 2 ] .

أي هذا ( الذي ) {[68813]} عرفتم به من أمر الطلاق عظة لمن يؤمن بالله واليوم الآخر فيتبعه ويعمل به {[68814]} .

ثم قال تعالى : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ) {[68815]} [ 2 ] .

أي : ومن يخف الله فيعمل بما أمره به ويجتنب ما نهاه عنه يجعل له من أمره مخرجا ، وذلك أنه [ يعرفه ] {[68816]} أن ما قضاه عليه فلا بد أن يكون {[68817]} .

وقيل : المعنى : ومن يتق الله فيما أمره به ( من هذا {[68818]} الطلاق ، يجعل له مخرجا إن ابتغت نفسه رد المطلقة بعد انقضاء العدة فيحل له أن يخطبها ويتزوجها . ومن لم يتق الله فيما أمره به ) {[68819]} ويطلق ثلاثا ، لا يجعل له مخرجا إن ابتغتها {[68820]} نفسه {[68821]} ، فلا يحل له أن يخطبها ، ولا يتزوجها إلا بعد زوج . هذا قول {[68822]} علي بن أبي طالب {[68823]} - رضي الله عنه- والشعبي {[68824]} .

وقيل : هو على العموم {[68825]} ، ( أي : و ) {[68826]} من يتق الله في أمره ونهيه يجعل له مخرجا في كل أموره فيرزقه {[68827]} من حيث لا يحتسب ، /( أي ) {[68828]} : [ ويسبب ] {[68829]} له أسباب الرزق من حيث لا يشعر ولا يعلم .

وعن ابن عباس : ( يجعل له مخرجا ) ينجيه ( من كل كرب ) {[68830]} في الدنيا والآخرة {[68831]} .

قال الربيع {[68832]} : ( يجعل له مخرجا ) منكل أمر ضاق على الناس .

وروي أن هذه الآية {[68833]} نزلت في عرف بن مالك الأشجعي كان له ابن {[68834]} قد أسره المشركون ، فكان يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه وحاله ، فكان النبي يأمره بالصبر [ ويقول له : إن الله سيجعل له مخرجا ] {[68835]} . فلم يلبث بعد ذلك إلا يسيرا حتى [ انفلت ] {[68836]} ابنه من [ أيدي ] {[68837]} المشركين ، [ فمر بغنم ] {[68838]} من أغنام العدو ، [ فاستاقها ] {[68839]} [ وجاء بها ] {[68840]} إليه {[68841]} فنزلت ) ومن يتق الله ) الآية {[68842]} .

قال {[68843]} ابن مسعود : [ المخرج ] {[68844]} أن يعلم أن الله هو الذي يعطيه ويمنعه {[68845]} .


[68784]:- ث: ثم قال تعالى.
[68785]:- ث, أ: تراجعهن. وكذا هي في جامع البيان 28/136.
[68786]:- أ,ث: المسكن
[68787]:- ث: فليملكن.
[68788]:- انظر: جامع البيان28/136.
[68789]:- ساقط من ث.
[68790]:- أ: بإعطائها.
[68791]:- م: فان نفا طفها ملاهما( كذا).
[68792]:- ث: تقضي.
[68793]:- م:وأمسكوها.
[68794]:- ما بين قوسين( وأمسكها- العدة) ساقط من ث.
[68795]:- ساقط من ث.
[68796]:- انظر: جامع البيان28/136.
[68797]:- أ: أرجعتموهن.
[68798]:- ث: ذوي عدل منكم.
[68799]:- ث: وهما مما.
[68800]:- انظر: جامع البيان 28/136.
[68801]:- أ: ليشهد.
[68802]:- أ: عند الطلاق عدلين
[68803]:- انظر: جامع البيان 28/137 وحكاه ابن كثير في تفسيره:4/405 أيضا عن عطاء, وأخرج أبو داود في سننه في كتاب الطلاق ح:2025 عن عمران بن حصين أنه" سئل عن الرجل يطلق امرأته ثم يقع بها ولم يشهد على طلاقها ولا على رجعتها, فقال: طلقت لغير سنة, أشهد على طلاقها وعلى رجعتها ولا تعد". وهذا لفظ أبي داود.
[68804]:- م: كثر.
[68805]:- انظر: المقدمات1/548 والمغني 8/438 وتفسير القرطبي18/158 ونيل الأوطار7/43-44.
[68806]:- م: ذوا.
[68807]:- م:ذوا.
[68808]:- انظر: جامع البيان4/101.
[68809]:- انظر: إعراب النحاس4/450.
[68810]:- م: قيل.
[68811]:- م:تلام.
[68812]:- انظر: بداية المجتهد2/64. وتفسير القرطبي18/158.
[68813]:- ساقط من ث.
[68814]:- انظر: جامع البيان28/137.
[68815]:- في ث زيادة( ويرزقه من حيث لا يحتسب...).
[68816]:- م: وعرفه.
[68817]:- انظر: جامع البيان28/137.
[68818]:- ث: هذه.
[68819]:- ما بين قوسين (من هذا- أمره به) ساقط من أ.
[68820]:- ث: تبعتها.
[68821]:- أ: لنفسه.
[68822]:- أ: هذا معنى قول.
[68823]:- انظر: إعراب النحاس4/451 قال:" وهذا قول صحيح عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه-, وابن عباس بالأسانيد التي لا تدفع". ثم حكاه عن"أهل التفسير"وانظر: الأحكام لابن الفرس3/555.
[68824]:- انظر: المعالم7/109 وحكاه أيضا عن عكرمة والضحاك. وانظر: أيضا تفسير الماوردي وتفسير الرازي30/34. والشعبي هو عامر بن شراحيل, أبو عمرو الكوفي, من كبار التابعين, ومناقبه كثيرة, روى عن أبي هريرة وعائشة, وعنه ابن سيرين والأعمش, وأخذ القراءة عن أبي عبد الرحمن السلمي, وأخذها عنه محمد ابن أبي ليلى(ت:105هـ, وقيل: 103هـ). انظر: التقريب 1/387 والغاية لابن االجزري 1/350 وطبقات الحفاظ: 32.
[68825]:- حكاه القرطبي في تفسيره 18/160 عن ابن مسعود ومسروق.
[68826]:- ساقط من أ.
[68827]:- ث: ويرزقه.
[68828]:- ساقط من ث.
[68829]:- م: وسبب.
[68830]:- ساقط من أ.
[68831]:- انظر: جامع البيان 28/138 وتفسير ابن كثير 4/405 والدر 8/195-196.
[68832]:- انظر: جامع البيان 28/138 والمعالم7/109 وابن كثير 4/405 والربيع هنا هو الربيع بن خيثم, أبو يزيد الكوفي, تابعي جليل اشتهر بالزهد وكثرة العبادة قال له عبد الله بن مسعود:" لو رآك محمد صلى الله عليه وسلم لأحبك"..... توفي في زمن ابن زياد قبل:90هـ. انظر: طبقات ابن خياط:141. وصفة الصفوة3/59 والغاية لابن الجزري1/283.
[68833]:- ث: الايت أ: وروي أنها.
[68834]:- اسمه سالم في تفسير القرطبي 18/160.
[68835]:- أ: ويقول له إن الله سيجعل لك مخرجا. م: ويقول: إن الله سيجعل له مخرجا.
[68836]:– م:نفلت
[68837]:- م:ايد.
[68838]:- م:فمن بعتم تصحيف.
[68839]:- م,ث: واستاقها.
[68840]:- م:وجائعا. ث: وجابها.
[68841]:- أ: إلى أبيه.
[68842]:- انظر: جامع البيان28/138-139 حيث أخرجه عن السدي فيما يحكيه عن غيره, وعن سالم بن أبي الجعد من قوله, وانظر: تفسير ابن كثير 4/406.
[68843]:- أ: وقال.
[68844]:- م:الخرج.
[68845]:- أ: الله هو الذي يعطيه هو الذي يمنعه, ث: الله هو الذي يعطيه وهو الذي يمنعه. وانظر: قوله في جامع البيان28/138 وتفسير ابن كثير 4/405 وحكاه عن مسروق أيضا.