البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا} (2)

{ فإذا بلغن أجلهن } : أي أشرفن على انقضاء العدّة ، { فأمسكوهنّ } : أي راجعوهنّ ، { بمعروف } : أي بغير ضرار ، { أو فارقوهنّ بمعروف } : أي سرحوهنّ بإحسان ، والمعنى : اتركوهنّ حتى تنقضي عدّتهنّ ، فيملكن أنفسهنّ .

وقرأ الجمهور : { أجلهن } على الإفراد ؛ والضحاك وابن سيرين : آجالهنّ على الجمع .

والإمساك بمعروف : هو حسن العشرة فيما للزوجة على الزوج ، والمفارقة بمعروف : هو أداء المهر والتمتيع والحقوق الواجبة والوفاء بالشرط .

{ وأشهدوا } : الظاهر وجوب الإشهاد على ما يقع من الإمساك وهو الرجعة ، أو المفارقة وهي الطلاق .

وهذا الإشهاد مندوب إليه عند أبي حنيفة ، كقوله : { وأشهدوا إذا تبايعتم } وعند الشافعية واجب في الرجعة ، مندوب إليه في الفرقة .

وقيل : { وأشهدوا } : يريد على الرجعة فقط ، والإشهاد شرط في صحتها ، فلها منفعة من نفسها حتى يشهد .

وقال ابن عباس : الإشهاد على الرجعة وعلى الطلاق يرفع عن النوازل أشكالاً كثيرة ، ويفسد تاريخ الإشهاد من الإشهاد .

قيل : وفائدة الإشهاد أن لا يقع بينهما التجاحد ، وأن لا يتهم في إمساكها ، ولئلا يموت أحدهما فيدعي الثاني ثبوت الزوجية ليرث . انتهى .

ومعنى منكم ، قال الحسن : من المسلمين .

وقال قتادة : من الأحرار .

{ وأقيموا الشهادة لله } : هذا أمر للشهود ، أي لوجه الله خالصاً ، لا لمراعاة مشهود له ، ولا مشهود عليه لا يلحظ سوى إقامة الحق .

{ ذلكم } : إشارة إلى إقامة الشهادة ، إذ نوازل الأشياء تدور عليها ، وما يتميز المبطل من المحق .

2