المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (104)

104- وإن السبيل للاجتماع الكامل على الحق في ظل كتاب الله ورسوله أن تكونوا أمة يدعون إلى كل ما فيه صلاح ديني أو دنيوي ، ويأمرون بالطاعة ، وينهون عن المعصية ، وأولئك هم الفائزون فوزاً كاملاً .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (104)

قوله تعالى : { ولتكن منكم أمة } . أي كونوا أمة و " م " صلة ليست للتبعيض ، كقوله تعالى ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان ) . لم يرد اجتناب بعض الأوثان بل أراد فاجتنبوا الأوثان ، واللام في قوله " ولتكن " لام الأمر .

قوله تعالى : { يدعون إلى الخير } . إلى الإسلام .

قوله تعالى : { ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون } .

أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر قال : أنا عبد الغافر بن محمد قال أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، ثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا أبو بكر محمد بن أبي شيبة أخبرنا وكيع عن سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال : قال أبو سعيد رضي الله عنهما : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقو ل : " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان " .

أخبرنا أبو عبد الله بن الفضل الخرقي قال : أخبرنا أبو الحسن الطيسفوني أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري ، أخبرنا أحمد بن علي الكشمهيني ، أخبرنا علي بن حجر ، أخبرنا إسماعيل بن جعفر ، أنا عمرو بن أبي عمرو عن عبد الله بن عبد الرحمن الأشهلي عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ، ولتنهون عن المنكر ، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذاباً من عنده ثم لتدعنه فلا يستجاب لكم " .

أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، أنا علي بن الحسين الدرابجردي ، أخبرنا أبو النعمان ، أخبرنا عبد العزيز بن مسلم المقسميلي ، أنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال : سمعت أبا بكر الصديق رضي الله عنه يقول : يا أيها الناس ، إنكم تقرؤون هذه الآية( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) . وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الناس إذا رأوا منكراً فلم يغيروه يوشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه " .

أخبرنا عبد الواحد بن احمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا عمرو بن حفص بن غياث ، أخبرنا أبي أنا الأعمش حدثني الشعبي أنه سمع النعمان بن بشير رضي الله عنه يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم " مثل المداهن في حدود الله تعالى والواقع فيها كمثل قوم استهموا سفينة ، فصار بعضهم في أسفلها وصار بعضهم في أعلاها ، فكان الذي في أسفلها يمر بالماء على الذين في أعلاها فتأذوا به ، فأخذ فأساً فجعل ينقر أسفل السفينة ، فأتوه فقالوا :مالك ؟ قال : تأذيتم بي ولابد لي من الماء ؟ فإن أخذوا على يديه أنجوه وأنجوا أنفسهم ، وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم " .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (104)

{ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

أي : وليكن منكم أيها المؤمنون الذين مَنَّ الله عليهم بالإيمان والاعتصام بحبله { أمة } أي : جماعة { يدعون إلى الخير } وهو اسم جامع لكل ما يقرب إلى الله ويبعد من سخطه { ويأمرون بالمعروف } وهو ما عرف بالعقل والشرع حسنه { وينهون عن المنكر } وهو ما عرف بالشرع والعقل قبحه ، وهذا إرشاد من الله للمؤمنين أن يكون منهم جماعة متصدية للدعوة إلى سبيله وإرشاد الخلق إلى دينه ، ويدخل في ذلك العلماء المعلمون للدين ، والوعاظ الذين يدعون أهل الأديان إلى الدخول في دين الإسلام ، ويدعون المنحرفين إلى الاستقامة ، والمجاهدون في سبيل الله ، والمتصدون لتفقد أحوال الناس وإلزامهم بالشرع كالصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج وغير ذلك من شرائع الإسلام ، وكتفقد المكاييل والموازين وتفقد أهل الأسواق ومنعهم من الغش والمعاملات الباطلة ، وكل هذه الأمور من فروض الكفايات كما تدل عليه الآية الكريمة في قوله { ولتكن منكم أمة } إلخ أي : لتكن منكم جماعة يحصل المقصود بهم في هذه الأشياء المذكورة ، ومن المعلوم المتقرر أن الأمر بالشيء أمر به وبما لا يتم إلا به فكل ما تتوقف هذه الأشياء عليه فهو مأمور به ، كالاستعداد للجهاد بأنواع العدد التي يحصل بها نكاية الأعداء وعز الإسلام ، وتعلم العلم الذي يحصل به الدعوة إلى الخير وسائلها ومقاصدها ، وبناء المدارس للإرشاد والعلم ، ومساعدة النواب ومعاونتهم على تنفيذ الشرع في الناس بالقول والفعل والمال ، وغير ذلك مما تتوقف هذه الأمور عليه ، وهذه الطائفة المستعدة للدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هم خواص المؤمنين ، ولهذا قال تعالى عنهم : { وأولئك هم المفلحون } الفائزون بالمطلوب ، الناجون من المرهوب ،

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (104)

يقول تعالى : { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ } أي : منتصبة للقيام بأمر الله ، في الدعوة إلى الخير ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر { وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } قال الضحاك : هم خاصّة الصحابة وخاصة الرُّواة ، يعني : المجاهدين والعلماء .

وقال أبو جعفر الباقر : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ } ثم قال : " الْخَيْرُ اتِّبَاعِ القُرآنِ وَسُنَّتِي " رواه ابن مردويه .

والمقصود من هذه الآية أن تكون فرْقَة من الأمَّة متصدية لهذا الشأن ، وإن كان ذلك واجبا على كل فرد من الأمة بحسبه ، كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَده ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أضْعَفُ الإيمَانِ " . وفي رواية : " وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ " {[5458]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا سليمان الهاشمي ، أخبرنا إسماعيل بن جعفر ، أخبرني عَمْرو بن أبي عمرو ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأشهلي ، عن حذيفة بن اليمان ، أن النبي{[5459]} صلى الله عليه وسلم قال : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ولَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْ عِنْدِهِ ، ثُمَّ لَتَدْعُنَّهُ فَلا يَسْتَجِيبُ لَكُمْ " .

ورواه الترمذي ، وابن ماجة ، من حديث عَمْرو بن أبي عمرو ، به وقال الترمذي : حسن{[5460]} والأحاديث في هذا الباب كثيرة مع الآيات الكريمة كما سيأتي تفسيرها في أماكنها .


[5458]:صحيح مسلم برقم (49) من حديث أبي موسى الأشعري، قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: "وهم الحافظ ابن كثير وهما شديدا، فحديث: "من رأى منكم منكرا" هو حديث أبي موسى".
[5459]:في أ: "أن رسول الله".
[5460]:المسند (5/388) وسنن الترمذي برقم (2169).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (104)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَلْتَكُن مّنْكُمْ أُمّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }

يعني بذلك جلّ ثناؤه : { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ } أيها المؤمنون ، { أُمّةٌ } يقول : جماعة { يَدْعُونَ } الناس { إلى الخَيْرِ } يعني إلى الإسلام وشرائعه التي شرعها الله لعباده ، { وَيأمُرُونَ بالمَعْرُوفِ } يقول : يأمرون الناس باتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، ودينه الذي جاء به من عند الله ، { وَيْنهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ } : يعني وينهون عن الكفر بالله ، والتكذيب بمحمد ، وبما جاء به من عند الله بجهادهم بالأيدي والجوارح ، حتى ينقادوا لكم بالطاعة . وقوله : { وَأُولِئَكَ هُمُ المُفْلِحُونَ } يعني : المنجحون عند الله ، الباقون في جناته ونعيمه . وقد دللنا فيما مضى على معنى الإفلاح في غير هذا الموضع بما أغنى عن إعادته ههنا .

حدثنا أحمد بن حازم ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا عيسى بن عمر القارىء ، عن أبي عون الثقفي ، أنه سمع صبيحا ، قال : سمعت عثمان يقرأ : «وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمّةٌ يَدْعُونَ إلى الخَيْرِ وَيأْمُرُونَ بالمَعْرُوفِ وَيْنهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ ويستعينون الله على ما أصابهم » .

حدثني أحمد بن حازم ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، قال : سمعت ابن الزبير يقرأ ، فذكر مثل قراءة عثمان التي ذكرناها قبل سواء .

حدثنا يحيى بن أبي طالب ، قال : أخبرنا يزيد ، قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك : { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمّةٌ يَدْعُونَ إلى الخَيْرِ وَيأمُرُونَ بالمَعْرُوفِ وَيْنهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ } قال : هم خاصة أصحاب رسول الله ، وهم خاصة الرواة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (104)

{ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } من للتبعيض ، لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفاية ، ولأنه لا يصلح له كل أحد إذ للمتصدي له شروط لا يشترك فيها جميع الأمة كالعلم بالأحكام ومراتب الاحتساب وكيفية إقامتها والتمكن من القيام بها . خاطب الجميع وطلب فعل بعضهم ليدل على أنه واجب على الكل حتى لو تركوه رأسا أثموا جميعا ولكن يسقط بفعل بعضهم ، وهكذا كل ما هو فرض كفاية . أو للتبيين بمعنى وكونوا أمة يدعون كقوله تعالى : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف } . والدعاء إلى الخير يعم الدعاء إلى ما فيه صلاح ديني أو دنيوي ، وعطف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليه عطف الخاص على العام للإيذان بفضله . { وأولئك هم المفلحون } المخصوصون بكمال الفلاح وروي أنه صلى الله عليه وسلم سئل من خير الناس فقال : " آمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأتقاهم لله وأوصلهم للرحم " . والأمر بالمعروف يكون واجبا ومندوبا على حسب ما يؤمر به . والنهي عن المنكر واجب كله لأن جميع ما أنكره الشرع حرام . والأظهر أن العاصي يجب عليه أن ينهى عما يرتكبه لأنه يجب عليه تركه وإنكاره فلا يسقط بترك أحدهما وجوب الآخر .