الآية 104 وقوله تعالى : { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } قوله{[4195]} : { ولتكن منكم أمة } يحتمل أن يكون هذا خبرا في الحقيقة ، وإن كان في الظاهر أمرا ، فإن كان خبرا ففيه دلالة أن جماعة منهم إذا قاموا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سقط ذلك عن الآخرين ، لأنه فيه حرف التبعيض ، وهو قوله : { منكم أمة } الآية ، ويحتمل أن يكون على الأمر في الظاهر والحقيقة جميعا ، ويكون قوله : { منكم } صلة . فإن كان على هذا ففيه أن على كل أحد أن يأمر بالمعروف ، وينهي عن المنكر ، وذلك واجب ، كأنه قال : كونوا { خير أمة } { تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر } [ الآية ]آل عمران : 110 ] لأنه ذكر جل وعلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في آي كثيرة من كتابه ، منها هذا : { ولتكم منكم أمة } ومنها قوله : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر }{[4196]} [ آل عمران : 110 ] وذم من تركهما قوله : { وكانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون } [ المائدة : 79 ] .
وروي عن عكرمة أن ابن عباس رضي الله عنه قال له : قد أعياني أن أعلم ما فعل بمن أمسك عن الوعظ ، فقلت : أنا أعلمك ذلك . اقرإ الآية التالية{[4197]} : { أنجينا الذين ينهون عن السوء } [ الأعراف : 165 ] قال لي : أصبت فاستدل ابن عباس رضي الله عنه بهذه الآية على أن الله أهلك من عمل السوء ، ومن لم ينه عنه من{[4198]} يعلمه ، فجعل ، والله أعلم ، الممسكين عن نهي الظالمين [ مع الظالمين ]{[4199]} في العذاب ، وقد روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه [ أنه ]{[4200]} قال : ( يا أيها الناس إن كنتم تقرون هذه الآية : { يأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } [ المائدة : 105 ] وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يده أوشك أن يعمهم الله تعالى بعقاب ) [ الترمذي 218 ] وعن جرير [ أنه ]{[4201]} قال : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الرجل ليكون في القوم ، ويعمل فيهم بمعاصي الرحمن ، وهم أكثر منه وأعز ، ولو شاؤوا أن يأخذوا على يده لأخذوا على يده ، فرهبوا له ، فيعذبهم الله به ) [ بنحوه ابن ماجه 4009 ] وعن حذيفة [ أنه ]{[4202]} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لتأمرون بالمعروف ، وتنهون عن المنكر ، أو ليعمكم الله بعقاب من عنده ، ثم لتدعونه ، ولا يستجيب لكم ) [ الترمذي : 2169 ] وعن أبي سعيد الخدري [ أنه ]{[4203]} يذكر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الله ليسأل العبد يوم القيامة ، حتى يقول : ما ينفعك إذا رأيت منكرا أن تنكره ، [ فإنه إذا لقي عبد ]{[4204]} حجته ، فقال : إي رب وثقت بك ، وفرقت من الناس ) [ ابن ماجه 4017 ] وعن أبي هريرة [ أنه ]{[4205]} قال : ( اجتمع نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله أرأيت إن قلنا بالمعروف حتى لا يبقى من المعروف إلا ما علمنا به ، وانتهينا عن المنكر حتى لا يبقى أيسعنا ألا نأمر بالمعروف ولا ننهى عن المنكر ؟ فقال : ( مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به كله ، وانهوا عن المنكر وإن لم تنتهوا عنه ، ولا ينبغي للرجل أن يقول : لست ممن يعمل بالمعروف كله ، وينتهي عن المنكر كله ، فآمر غيري ، وأنهاه ، فإن فعله المعروف واجب عليه ، فلا يجب إذا قصر في واجب أن يقصر فير غيره ) [ بنحوه : طرفه الأول في الطبراني في الصغير 960 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.