الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (104)

قوله ( وَلْتَكُن مِّنكُمُ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ) الآية [ 104 ] .

معناها : ولتكن منكم أيها المؤمنون جماعة مستقيمة يدعون [ الناس ]( {[10552]} ) إلى الخير ، وهو الإسلام ، ويأمرونهم بالمعروف أي : باتباع محمد عليه السلام( {[10553]} ) . وما جاء به ، وينهونهم عن المنكر ، وهو التكذيب لمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به أولئك الذين يكونون هكذا من المفلحين .

وقيل : إن [ من ] هاهنا لبيان الجنس ، ولأن المعنى ولتكونوا كلكم أمة مستقيمة يدعون إلى الخير . [ ومن ] مؤكدة أن الأمر للمخاطبين ومثله ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ )( {[10554]} ) فلم يأمرهم باجتناب بعض الأوثان وإنما المعنى : فاجتنبوا الأوثان فإنها رجس( {[10555]} ) ، فكذلك لم يأمر بعض المؤمنون بالدعاء إلى الخير دون البعض إنما أمرهم كلهم ، ودل على ذلك قوله : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ )( {[10556]} ) .

وقال من زعم أن [ من ] للتبعيض ، إنما أمر الله بعض المؤمنين بالدعاء إلى الخير ، لأن الدعاء( {[10557]} ) ينبغي أن يكونوا علماء بما يدعون الناس إليه ، وليس كل الخلق علماء ، فالأمر واقع لمن فيه علم ، وهو بعض الناس ، فمن للتبعيض على أصلها( {[10558]} ) .

والأمة : الجماعة ، والقائمة : المستقيمة ، الطريقة الصحيحة : الديانة( {[10559]} ) .

وقرأ عثمان بن عفان رضي الله عنه : [ وينهون عن المنكر ويستعينون بالله [ على ]( {[10560]} ) ما أصابهم " زاد خمس كلمات ، وما يقرأ بذلك اليوم لأنه خلاف لخط المصحف المجمع عليه ] " ( {[10561]} ) .


[10552]:- ساقط من (ج).
[10553]:- (ج): صلى الله عليه وسلم.
[10554]:- الحج آية 30.
[10555]:- انظر: معاني الزجاج 1/452.
[10556]:- آل عمران آية 110.
[10557]:- كذا... والصواب الدعاة.
[10558]:- انظر: الكتاب 4/224، وإعراب القرآن المنسوب للزجاج 2/664 والمغني لابن هشام: 353 والبحر 3/20.
[10559]:- محل هذا الشرح التقديم أي: عند قوله: "من أهل الكتاب أمة قائمة"، ولكنه منهج مكي يقدم ويؤخر.
[10560]:- ساقط من (ج).
[10561]:- هذه الزيادة تفسير، وكلام من كلام عثمان، غلط فيه بعض الناقلين، فألحقه بألفاظ القرآن وعثمان رضي الله عنه لا يعتقد أن هذه الزيادة من القرآن ولذلك لم يكتبها في مصحفه الذي هو إمام المسلمين. وإنما ذكرها واعظاً بها، انظر: جامع البيان 4/38، المحرر 3/188... والجامع للأحكام 4/165، والدر المنثور 2/228.