الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (104)

قوله تعالى : { وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ } : يجوزُ أَنْ تكونَ التامةَ أي : وَلْتُوجد منكم أمةٌ ، فتكون " أمة " فاعلاً ، و " يَدْعُون " جملةٌ في محلِّ رفعٍ صفةً لأمة ، و " منكم " متعلِّقٌ بتكن على أنها تبعيضيةٌ ، ويجوز أن يكونَ " منكم " متعلقاً بمحذوفٍ على أنه حالٌ من " أمة " إذ كان يجوز جَعْلُه صفةً لها لو تأخّر عنها ، ويجوز أن تكون " مِنْ " للبيان لأن المُبَيَّن وإنْ تأخَّر لفظاً فهو مُقَدَّمٌ رتبةً ، ويجوزُ أَنْ تكونَ الناقصةَ فأمه اسمها و " يَدْعُون " خبرها ، و " منكم " متعلِّقٌ : إمَّا بالكون ، وإمَّا بمحذوف على الحال من " أمة " . ويجوزُ أن يكونَ " منكم " هو الخبرَ و " يَدْعُون " صفةً لأمة ، وفيه بُعدٌ . وقرأ العامة : " ولتكن " . وقرأ الحسن والزهري والسُّلمي بكسرها ، وهو الأصل .

وقوله : { وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } من باب ذكر الخاص بعد العلم اعتناءً به كقوله : { وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ } [ البقرة : 98 ] لأن اسم الخير يقعُ عليهما بل هما أعظمُ الخيور .