المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ} (238)

238- احرصوا على إقامة الصلوات كلها ، وداوموا عليها ، واحرصوا على أن تكون صلاتكم هي الصلاة الفضلى بإقامة أركانها والإخلاص الكامل لله فيها ، وأتموا طاعة الله تعالى وذكره مخلصين له خاشعين لجلاله ، والصلاة الوسطى هي صلاة الفجر أو العصر على خلاف في الاجتهاد .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ} (238)

قوله تعالى : { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى } . أي واظبوا وداوموا على الصلوات المكتوبات بمواقيتها ، وحدودها وإتمام أركانها ، ثم خص من بينها الصلاة الوسطى بالمحافظة عليها ، دلالة على فضلها ، و " وسطى " تأنيث " الأوسط " ، ووسط الشيء : خيره وأعدله واختلف العلماء من الصحابة ومن بعدهم في الصلاة الوسطى فقال قوم : هي صلاة الفجر ، وهو قول عمر وابن عمر وابن عباس ومعاذ وجابر ، وبه قال عطاء وعكرمة ومجاهد ، وإليه مال مالك والشافعي ، لأن الله تعالى قال : ( وقوموا لله قانتين ) والقنوت طول القيام ، وصلاة الصبح مخصوصة بطول القيام ، وبالقنوت لأن الله تعالى خصها في آية أخرى من بين الصلاة فقال الله تعالى : ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً ) ، يعني تشهدها ملائكة الليل ، وملائكة النهار ، فهي مكتوبة في ديوان الليل وديوان النهار ، ولأنها بين صلاتي جمع ، وهي لا تقصر ولا تجمع إلى غيرها . وذهب قوم إلى أنها صلاة الظهر ، وهو قول زيد بن ثابت ، وأبي سعيد الخدري وأسامة ابن زيد ، لأنها وسط النهار وهي أوسط صلاة النهار في الطول .

أخبرنا عمر بن عبد العزيز ، أخبرنا أبو القاسم بن جعفر الهاشمي ، أنا أبو علي اللؤلؤي ، أنا أبو داود أنا محمد بن المثنى ، أنا محمد بن جعفر ، أنا شعبة حدثني عمرو بن أبي حكيم قال : سمعت الزبير يحدث عن عروة بن الزبير عن زيد بن ثابت قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة ، ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منها ، فنزلت : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) .

وذهب الأكثرون إلى أنها صلاة العصر ، رواه جماعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قول علي وعبد الله بن مسعود وأبي أيوب وأبي هريرة وعائشة رضوان الله عليهم وبه قال إبراهيم النخعي وقتادة والحسن .

أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب عن مالك بن زيد بن أسلم ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي يونس مولى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنهما أنه قال : أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً وقالت : إذا بلغت هذه الآية فآذني ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) فلما بلغتها آذنتها فأملت علي : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر وقوموا لله قانتين ) قالت عائشة رضي الله عنها : سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن حفصة مثل ذلك . أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، أنا أبو جعفر الرياني ، أنا حميد بن زنجويهن أخبرنا أبو نعيم ، أنا سفيان عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن جحش قال : قلنا لعبيدة : سل علياً عن الصلاة الوسطى . فسأله قال : كنا نرى أنها صلاة الفجر حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الخندق : " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملأ الله أجوافهم وقبورهم ناراً " .

ولأنها صلاتي نهار ، وصلاتي ليل ، وقد خصها النبي صلى الله عليه وسلم بالتغليظ . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل ، أنا مسلم بن إبراهيم أنا هشام أنا يحيى بن أبي كثير ، عن أبي قلابة عن أبي المليح ، قال : كنا مع بريدة في غزوة في يوم ذي غيم فقال : بكروا بصلاة العصر فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله " . وقال قبيصة بن ذؤيب : هي صلاة المغرب لأنها وسط ، ليس بأقلها ولا بأكثرها ، وقال بعضهم : إنها صلاة العشاء ، ولم ينقل عن السلف فيها شيء ، وإنما ذكرها بعض المتأخرين لأنها بين صلاتي لا تقصران . وقال بعضهم هي إحدى الصلوات الخمس لا بعينها ، أبهمها الله تعالى تحريضاً للعباد على المحافظة على أداء جميعها ، كما أخفى ليلة القدر في شهر رمضان وساعة إجابة الدعوة في يوم الجمعة وأخفى الاسم الأعظم في الأسماء ليحافظوا على جميعها .

قوله تعالى : { وقوموا لله قانتين } . أي مطيعين ، قال الشعبي وعطاء وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وطاووس ، والقنوت : الطاعة ، قال الله تعالى ( أمة قانتاً لله ) أي مطيعاً . وقال الكلبي ومقاتل : لكل أهل دين صلاة يقومون فيها عاصين فقوموا أنتم لله في صلاتكم مطيعين ، وقيل : القنوت السكوت عما لا يجوز التكلم به في الصلاة . أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي ، أنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي ، أنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ، أنا أبو عيسى الترمذي أنا أحمد بن منيع أنا هشيم أنا إسماعيل بن أبي خالد عن الحارث بن سقيل عن أبي عمرو الشيباني عن زيد بن أرقم قال : كنا نتكلم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة يكلم الرجل منا صاحبه إلى جنبه حتى نزلت { وقوموا لله قانتين } فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام .

وقال مجاهد : خاشعين ، وقال : من القنوت طول الركوع ، وغض البصر والركود وخفض الجناح ، كان العلماء إذ كان أحدهم يصلي يهاب الرحمن أن يلتفت أو يقلب الحصى أو يعبث بشيء أو يحدث نفسه بشيء من أمر الدنيا إلا ناسياً ، وقيل : المراد من القنوت طول القيام .

أخبرنا أبو عثمان الضبي ، أنا أبو محمد الجراحي أنا أبو العباس المحبوبي ، أنا أبو عيسى الترمذي أنا ابن أبي عمر ، أنا سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر قال : قيل للنبي صلى الله عليه وسلم أي الصلاة أفضل ؟ قال : " طول القنوت " . وقيل : قانتين أي داعين . دليله ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً متتابعاً يدعو على أحياء من سليم ، على رعل وذكوان وعصية " وقيل : معناه مصلين لقوله تعالى ( أمن هو قانت آناء الليل ) أي مصل .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ} (238)

ثم قال تعالى : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ }

يأمر بالمحافظة على الصلوات عمومًا وعلى الصلاة الوسطى ، وهي العصر خصوصًا ، والمحافظة عليها أداؤهابوقتها وشروطها وأركانها وخشوعها وجميع ما لها من واجب ومستحب ، وبالمحافظة على الصلوات تحصل المحافظة على سائر العبادات ، وتفيد النهي عن الفحشاء والمنكر خصوصًا إذا أكملها كما أمر بقوله { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } أي : ذليلين خاشعين ، ففيه الأمر بالقيام والقنوت والنهي عن الكلام ، والأمر بالخشوع ، هذا مع الأمن والطمأنينة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ} (238)

وبعد هذا الحديث المستفيض الذي لم ينته بعد عن الطلاق وأحكامه وآدابه ، أورد القرآن آيتين كريمتين تأمران بالمحافظة على الصلاة وبالمداومة على طاعة الله ، وبالملازمة لذكره - عز وجل - فقال - تعالى :

{ حَافِظُواْ عَلَى الصلوات . . . }

لعل السر في توسط هاتين الآيتين بين أيات الأحكام التي تحدثت عن الطلاق ، والعدة والرضاع والخطبة . . . إلخ ، لعل السر في ذلك أن هذه الأمور كثيرة ما تكون مثار تنازع وتخاصم وتقاطع بين الناس ، فأراد القرآن بطريقته الحكيمة ، وبأسلوبه المؤثر أن يقول للناس : إن محافظتكم على الصلاة ، ومداومتكم على طاعة الله وذكره كل ذلك سيعرض في نفوسكم المراقبة له - سبحانه - ، والخشية من عقابه ، وسيعينكم على أن تحلوا قضاياكم التي تتعلق بالطلاق وغيره بالعدل والإِحسان والتسامح والتعاطف ، لأن من حافظ على فرائض الله وأومره ، انصرفت نفسه عن ظلم الناس ، وعاملهم معاملة كريمة حسنة . وقد بين القبرآن في كثير من آياته أن المحافظة على الصلاة بخشوع وخضوع لله - تعالى - وأن المداومة على ذكره ، والملازمة لطاعته كل ذلك من شأنه أن يمنع الإِنسان من الوقوع فيما نهى الله عنه ، قال - تعالى - : { اتل مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الكتاب وَأَقِمِ الصلاة إِنَّ الصلاة تنهى عَنِ الفحشآء والمنكر وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ } وقال - تعالى - : { واستعينوا بالصبر والصلاة وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخاشعين } وقال - تعالى - : { وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النهار وَزُلَفاً مِّنَ الليل إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ذلك ذكرى لِلذَّاكِرِينَ } فكأن الله - تعالى - يقول للناس : لقد أمرتكم بالمحافظة على الصلاة ، وبالمداومة على طاعتي وذكري خلال حديثي عن أحكام كثيرة ما تكون هذه الأحكام مثار تنازع بينكم ، وذلك لكي تحلوا التسامح والتوال والتقارب محل التشاحن والتدابر والتجافي ، لأن من شأن المحافظة على هذه العبادات ، أن تهدي الناس إلى أكمل الأخلاق والصفات .

فسبحان من هذا كلامه ، ومن تلك إرشاداته وتوجيهاته ، ووصاياه .

وقوله - تعالى - : { حَافِظُوا } من الحفظ بمعنى ضبط الشيء ، وصيانته عن كل تضييع ، وهو خلاف النسيان . والخطاب لجميع المكلفين من أفراد الأمة .

والمعنى : حافظوا على معشر المسلمين والمسلمات على أداء الصلوات في أوقاتها بخشوع وخضوع وإخلاص لله رب العالمين ، وحافظوا بصفة خاصة على الصلاة الوسطى ، لما هلا من منزلة سامية ، ومكانة عالية .

فقد أمر الله - تعالى عباده بالمحافظة على الصلوات بصفة عامة ، وأفراد الصلاة الوسطى بالذكر تفخيماً لشأنها ، وإعلاء لقدرها من بين أفراد جنسها ، والمسلم يكون محافظاً على الصلاة إذا أداها في وقتها مستوفية لآدابها وسننها وشرائعها وخشوعها وكل ما يتعلق بها ، أما إذا قصر في شيء من ذلك فإنه لا يكون محافظاً عليها تلك المحافظة التامة التي أمر الله بها .

وفي قوله - تعالى - : { حَافِظُوا } تنبيه إلى أن الصلاة في ذاتها شيء نفيس ثمين تجب المحافظة عليه ، لأن هذه الكلمية تدل على الصيانة والضبط بجانب دلالتها على الأداءؤ والإِقامة والمداومة .

قال الإِمام الرازي : وقوله : { حَافِظُوا } بصيغة المفاعلة التي تكون بين اثنين . للدلالة على أن هذه المحافظة تكون بين العبد والرب . فكأنه قيل : احفظ الصلاة ليحفظك الإِله الذي أمرك بها . وهذا كقوله : { فاذكروني أَذْكُرْكُمْ } وفي الحديث " احفظ الله يحفظك " أو أن تكون المحافظة بين المصلى والصلاة . فكأنه قيل : " احفظ الصلاة حتى تحفظك الصلاة بمعنى أنها تحفظك من ارتكابا المعاصي ، وتشفع لمصليها يوم القيامة "

وللعلماء أقوال في المراد بالصلاة الوسطى التي أفردها الله - تعالى - من بين الصلوات .

فجمهور العلماء يرون أنها واحدة من بين الصلوات الخمس المفروضة ، وأن الوسطى مؤنث الأوسط أي الشيء المتوسط بين شيئين ، فالصلاة الوسطى هي الصلاة المتوسطة بين صلاتين ، إلا أنهم اختلفوا في تعيينها .

فأكثر العلماء على أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر ، لأنها تقع في وسط الصلوات الخمس ، إذ قبلها اثنتان وبعدها اثنتان ، ولأنها وسط بين صلاتي النهار ، وصلاتي الليل ، فمعنى التوسط فيها واضح ، ولأنها مظنة التقصير لمجيئها بعد وقت الظهيرة الذي يكون في الغالب وقت كسل .

وفضلا عن ذلك فقد صرحت بعض الأحاديث بأنها صلاة العصر ، وقد ساق الإِمام ابن كثير عدداً من هذه الأحاديث ومنها ما جاء في صحيح مسلم ومسند الإِمام أحمد عن علي بن أبي طالب قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله قلوبهم وبيوتهم ناراً ، ثم صلاها بين العشاءين المغرب والعشاء " ، وفي مسند الإِمام أحمد عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الصلاة الوسطى صلاة العصر " .

وقد خصت صلاة العصر بمزيد من التأكيد ، وبالأمر بالمحافظة عليها ، وبالتحذير من التقصير فيها ، مما يشهد بأنها هي الصلاة الوسطى ، فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله " أي : سلب من أهله وماله فبقي وحيداً بدونهما .

وقال بعضهم المراد بالصلاة الوسطى صلاة الصبح ، وقيل صلاة الظهر ، وقيل صلاة المغرب ، وقيل العشاء ، وقيل الجمعة ، وقيل غير ذلك من الأقوال التي لا تبلغ في قوتها مبلغ قول القائلين بأنها صلاة العصر ، ولذا قال ابن كثير وكل هذه الأقوال فيها ضعف بالنسبة إلى التي قبلها ، ومعترك النزاع في الصبح والعصر ، وقد أثبتت السنة أنها العصر فتعين المصير إليها - أي إلى أن المراد بالصلاة الوسطى صلاة العصر .

ومن العلماء من اتجه في بيان المراد من الصلاة الوسطى اتجاهاً آخر فهو يرى أن المراد بالصلاة الوسطى الصلوات كلها ، وأن الوسطى ليست بمعنى المتوسطة بين صلاتين ، وإنما هي بمعنى الفضل لأن وسط الشيء خياره وأعدله وأفضله فالمقصود بها فعلها أو أداؤها بطريقة سليمة كاملة .

والمعنى على هذا الرأي : حافظوا يا معشر المسلمين على الصلوات كلها ، وحافظوا على أن يكون أداؤكم لها بطريقة وسطى أي فاضلة بأن تأدوها في أوقاتها كاملة الأركان والسنن والآداب والخشوع .

قال ابن كثير : " وقيل بل الصلاة الوسطى مجموع الصلوات الخمس رواه ابن أبي حاتم عن ابن عمر وفي صحته نظر . والعجب أن هذا القول قد اختاره الشيخ أبو عمر بن عبد البر إمام ما وراء البحر ، وإنها لإِحدى الكبر ، إذ اختار مع إطلاعه وحفظه ما لم يقم عليه دليل من الكتاب ولا سنة ولا أثر " .

ومن العلماء المحدثين الذين استحسنوا هذا الرأي الشيخ محمد عبده - رحمه الله - فقد قال : " ولولا أنهم اتفقوا على أنها - أي الصلاة الوسطى - إحدى الخمس لكان يتبادر إلى فهمي من قوله : " الصلاة الوسطى " أن المراد بالصلاة الفعل وبالوسطى الفضلى أي : حافظوا على أنواع الصلاة وهي الصلاة التي يحضر فيها القلب وتتوجه بها النفس إلى الله - تعالى - وتخشع لذكره ، وتدبر كلامه لا صلاة المرائين ولا الغافلين " .

والذي نراه أن ما عليه الجمهور من أن الصلاة الوسطى هي واحدة من بين الصلوات الخمس ، وأنها صلاة العصر هو أقوى الآراء ، لأنه - أولا - يتفق مع أصحاب الاتجاه الثاني الذين يقولون بأن أداء الصلاة يجب أن يكون بطريقة تامة الأركان والسنن والخشوع وما قال أحد منهم بأن تحديدها بصلاة العصر ينفي أداء بقية الفرائض بكمال واطمئنان . ولأنه - ثانياً - قد امتاز عن رأي أصحاب الاتجاه الثاني بأنه أعمل النص الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر ، ولا شك أن إعمال النص أولى من إهماله أو من تأويله تأويلا ضعيفا .

وقوله : { وَقُومُواْ للَّهِ قَانِتِينَ } مؤكدا لما قبله من المحافظة والمداومة على أداء الصلاة .

والقنوت : لزوم الطاعة مع الخضوع والخشوع . أي قوموا في الصلاة مطيعين لله - تعالى - مؤيدين لها على وجهها الكامل في خشوع وخضوع واطمئنان .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ} (238)

221

وفي هذا الجو الذي يربط القلوب بالله ، ويجعل الإحسان والمعروف في العشرة عبادة لله ، يدس حديثا عن الصلاة - أكبر عبادات الإسلام - ولم ينته بعد من هذه الأحكام . وقد بقي منها حكم المتوفى عنها زوجها وحقها في وصية تسمح لها بالبقاء في بيته والعيش من ماله ، وحكم المتاع للمطلقات بصفة عامة - يدس الحديث عن الصلاة في هذا الجو ، فيوحي بأن الطاعة لله في كل هذا عبادة كعبادة الصلاة ، ومن جنسها ، وهو إيحاء لطيف من إيحاءات القرآن . وهو يتسق مع التصور الإسلامي لغاية الوجود الإنساني في قوله تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) . واعتبار العبادة غير مقصورة على الشعائر ، بل شاملة لكل نشاط ، الاتجاه فيه إلى الله ، والغاية منه طاعة الله :

( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين . فإن خفتم فرجالا أو ركبانا . فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون ) . .

والأمر هنا بالمحافظة على الصلوات ، يعني إقامتها في أوقاتها ، وإقامتها صحيحة الأركان ، مستوفية الشرائط . أما الصلاة الوسطى فالأرجح من مجموع الروايات أنها صلاة العصر لقوله [ ص ] يوم الأحزاب :

" شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر . ملأ الله قلوبهم وبيوتهم نارا " . . وتخصيصها بالذكر ربما لأن وقتها يجيء بعد نومة القيلولة ، وقد تفوت المصلي . .

والأمر بالقنوت ، الأرجح أنه يعني الخشوع لله والتفرغ لذكره في الصلاة . وقد كانوا يتكلمون في أثناء الصلاة فيما يعرض لهم من حاجات عاجلة . حتى نزلت هذه الآية فعلموا منها أن لا شغل في الصلاة بغير ذكر الله والخشوع له والتجرد لذكره .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ} (238)

يأمر الله تعالى بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها ، وحفظ حدودها وأدائها في أوقاتها ، كما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي العمل أفضل ؟ قال : " الصلاة على وقتها " . قلت : ثم أي ؟ قال : " الجهاد في سبيل الله " . قلت : ثم أي ؟ قال : " بر الوالدين " . قال : حدثني بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو استزدتُه لزادني{[4082]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يونس ، حدثنا ليث ، عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم ، عن القاسم بن غنام ، عن جدته أم أبيه الدنيا ، عن جدته أم فَرْوَة - وكانت ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر الأعمال ، فقال : " إن أحب الأعمال{[4083]} إلى الله تعجيلُ الصلاة لأول وقتها " .

وهكذا رواه أبو داود ، والترمذي{[4084]} وقال : لا نعرفه إلا من طريق العمري ، وليس بالقوي عند أهل الحديث :

وخص تعالى من بينها بمزيد التأكيد الصلاة الوسطى . وقد اختلف السلف والخلف فيها : أي صلاة هي ؟ فقيل : إنها الصبح . حكاه مالك في الموطأ بلاغًا عن علي ، وابن عباس [ قال : مالك : وذلك رأيى ]{[4085]} . وقال هشيم ، وابن عُليَّة ، وغُنْدَر ، وابن أبي عدي ، وعبد الوهاب ، وشَريك وغيرهم ، عن عوف الأعرابي ، عن أبي رجاء العطاردي قال : صليت خلف ابن عباس الفجر ، فقنتَ فيها ، ورفع يديه ، ثم قال : هذه الصلاة الوسطى التي أمرنا أن نقوم فيها قانتين . رواه ابن جرير{[4086]} . ورواه أيضًا من حديث عوف ، عن خِلاس بن عمرو ، عن ابن عباس ، مثله سواء{[4087]} .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا عوف ، عن أبي المنهال ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس : أنه صلى الغداة في مسجد{[4088]} البصرة ، فقنت قبل الركوع وقال : هذه الصلاة الوسطى التي ذكرها الله في كتابه فقال : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }

وقال أيضًا : حدثنا محمد بن عيسى الدامغاني ، أخبرنا ابن المبارك ، أخبرنا الربيع بن أنس ، عن أبي العالية قال : صليت خلف عبد الله بن قيس بالبصرة{[4089]} صلاة الغداة ، فقلت لرجل من أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إلى جانبي : ما الصلاة الوسطى ؟ قال : هذه الصلاة{[4090]} .

وروي من طريق أخرى عن الربيع ، عن أبي العالية : أنه صلى مع أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، صلاة الغداة ، فلما فرغوا قال ، قلت لهم : أيَّتهُنَّ الصلاة الوسطى ؟ قالوا : التي قد صليتها قبل .

وقال أيضًا : حدثنا ابن بشار ، حدثنا ابن عَتمَةَ ، عن سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن جابر بن عبد الله قال : الصلاة الوسطى : صلاة الصبح .

وحكاه ابن أبي حاتم ، عن ابن عمر ، وأبي أمامة ، وأنس ، وأبي العالية ، وعُبَيد بن عمير ، وعطاء ، ومجاهد ، وجابر بن زيد ، وعكرمة ، والربيع بن أنس . ورواه ابن جرير ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد أيضا وهو الذي نص عليه الشافعي ، رحمه الله ، محتجا بقوله : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } والقنوت عنده في صلاة الصبح . [ ونقله الدمياطي عن عمر ، ومعاذ ، وابن عباس ، وابن عمر ، وعائشة على خلاف منهم ، وأبي موسى ، وجابر ، وأنس ، وأبي الشعثاء ، وطاوس ، وعطاء ، وعكرمة ، ومجاهد ]{[4091]} .

ومنهم من قال : هي الوسطى باعتبار أنها لا تقصر ، وهي بين صلاتين رباعيتين مقصورتين . وترد المغرب . وقيل : لأنها بين صلاتَيْ ليل{[4092]} جهريتين ، وصلاتي نهار{[4093]} سريتين .

وقيل : إنها صلاة الظهر . قال أبو داود الطيالسي في مسنده : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن الزبرقان - يعني ابن عمرو - عن{[4094]} زهرة - يعني ابن معبد - قال : كنا جلوسا عند زيد بن ثابت ، فأرسلوا إلى أسامة ، فسألوه عن الصلاة الوسطى ، فقال : هي الظهر ، كان النبي{[4095]} صلى الله عليه وسلم ، يصليها بالهجير{[4096]} .

وقال [ الإمام ]{[4097]} أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، حدثني عمْرو بن أبي حكيم ، سمعت الزبرقان يحدث عن عروة بن الزبير ، عن زيد بن ثابت قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة ، ولم يكن يُصَلِّي صلاة أشد على أصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، منها ، فنزلت : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى } وقال : " إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين " ، ورواه أبو داود في سننه ، من حديث شعبة ، به{[4098]} .

وقال أحمد أيضا : حدثنا يزيد ، حدثنا ابن أبي ذئب{[4099]} عن الزبرقان{[4100]} أن رهطًا من قريش مر بهم زيد بن ثابت ، وهم مجتمعون ، فأرسلوا إليه غلامين لهم ؛ يسألانه عن الصلاة الوسطى ، فقال : هي العصر . فقام إليه رجلان منهم فسألاه ، فقال : هي الظهر . ثم انصرفا إلى أسامة بن زيد فسألاه ، فقال : هي الظهر ؛ إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهر بالهجير ، فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان ، والناس في قائلتهم وفي تجارتهم ، فأنزل الله : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليَنْتَهيَنَّ رجال أو لأحرقن بيوتهم " {[4101]} .

الزبرقان هو ابن عمرو بن أمية الضمري ، لم يدرك أحدا من الصحابة . والصحيح ما تقدم من روايته ، عن زهرة بن معبد ، وعروة بن الزبير .

وقال شعبة وهمام ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عمر ، عن زيد بن ثابت قال : الصلاة الوسطى : صلاة الظهر .

وقال أبو داود الطيالسي وغيره ، عن شعبة ، أخبرني عمر بن سليمان ، من ولد عمر بن الخطاب قال : سمعت عبد الرحمن بن أبان بن عثمان ، يحدث عن أبيه ، عن زيد بن ثابت قال : الصلاة الوسطى هي الظهر .

ورواه ابن جرير ، عن زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ، عن عبد الصمد ، عن شعبة ، عن عمر بن سليمان ، به ، عن زيد بن ثابت ، في حديث رفعه قال : الصلاة الوسطى صلاة الظهر .

وممن روي عنه أنها الظهر : ابن عمر ، وأبو سعيد ، وعائشة على اختلاف عنهم . وهو قول عروة بن الزبير ، وعبد الله بن شداد بن الهاد . ورواية عن أبي حنيفة ، رحمهم الله .

وقيل : إنها صلاة العصر . قال الترمذي والبغوي ، رحمهما الله : وهو قول أكثر علماء الصحابة وغيرهم ، وقال القاضي الماوردي : وهو قول جمهور التابعين . وقال الحافظ أبو عمر بن عبد البر : هو قول أكثر أهل الأثر . وقال أبو محمد بن عطية في تفسيره : هو قول جمهور الناس . وقال الحافظ أبو محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطي في كتابه المسمى : " كشف المغطى ، في تبيين الصلاة الوسطى " : وقد نصر فيه أنها العصر ، وحكاه عن عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، وأبي أيوب ، وعبد الله ابن عمرو ، وسَمُرة بن جُنْدُب ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد ، وحفصة ، وأم حبيبة ، وأم سلمة . وعن ابن عمر ، وابن عباس ، وعائشة على{[4102]} الصحيح عنهم . وبه قال عبيدة ، وإبراهيم النخعي ، وزر بن حبيش ، وسعيد بن جبير ، وابن سيرين ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، والكلبي ، ومقاتل ، وعبيد بن أبي مريم ، وغيرهم وهو مذهب أحمد بن حنبل . قال القاضي الماوردي : والشافعي . قال ابن المنذر : وهو الصحيح عن أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، واختاره ابن حبيب المالكي ، رحمهم الله .

ذكر الدليل على ذلك :

قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش عن مسلم ، عن شتير بن شكل{[4103]} عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب : " شغلونا عن الصلاة الوسطى ، صلاة العصر ، ملأ الله قلوبهم وبيوتهم نارًا " . ثم صلاها بين العشاءين : المغرب والعشاء{[4104]} .

وكذا رواه مسلم ، من حديث أبي معاوية محمد بن حازم الضرير ، والنسائي من طريق عيسى بن يونس ، كلاهما عن الأعمش عن مسلم بن صبيح عن أبي الضحى ، عن شتير بن شكل{[4105]} بن حميد ، عن علي بن أبي طالب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله{[4106]} .

وقد رواه مسلم أيضا ، من طريق شعبة ، عن الحكم بن عتيبة{[4107]} عن يحيى بن الجزار ، عن علي ، به{[4108]} .

وأخرجه الشيخان ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وغير واحد من أصحاب المساند{[4109]} والسنن ، والصحاح من طرق يطول ذكرها ، عن عبيدة السلماني ، عن علي ، به{[4110]} .

ورواه الترمذي ، والنسائي من طريق الحسن البصري ، عن علي ، به{[4111]} . قال الترمذي : ولا يعرف سماعه منه .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن زر : قال قلت لعبيدة : سل عليًا عن صلاة الوسطى ، فسأله ، فقال : كنا نراها الفجر - أو الصبح - حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الأحزاب : " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملأ الله قبورهم وأجوافهم - أو بيوتهم - نارًا " ورواه ابن جرير ، عن بندار ، عن ابن مهدي ، به{[4112]} .

وحديث يوم الأحزاب ، وشَغْل المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه عن أداء صلاة العصر يومئذ ، مروي عن جماعة من الصحابة يطول ذكرهم ، وإنما المقصود رواية من نص منهم في روايته أن الصلاة الوسطى : هي صلاة العصر . وقد رواه مسلم أيضا ، من حديث ابن مسعود ، والبراء بن عازب - رضي الله عنهما{[4113]} .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا همام ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سَمُرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة الوسطى : صلاة العصر " {[4114]} .

وحدثنا بهز ، وعفان قالا حدثنا أبان ، حدثنا قتادة ، عن الحسن ، عن سَمُرة : أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم قال : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى } وسماها لنا أنها هي : صلاة العصر{[4115]} .

وحدثنا محمد بن جعفر ، وروح ، قالا حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سَمُرة بن جندب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " هي العصر " . قال ابن جعفر : سئل عن صلاة الوسطى{[4116]} .

ورواه الترمذي ، من حديث سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة . {[4117]} وقال : حسن صحيح : وقد سُمِعَ منه .

[ حديث آخر ]{[4118]} : وقال ابن جرير : حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن التيمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الصلاة الوسطى صلاة العصر " {[4119]} .

طريق أخرى ، بل حديث آخر : وقال ابن جرير : حدثني المثنى ، حدثنا سليمان بن أحمد الجرشي الواسطي ، حدثنا الوليد بن مسلم . قال : أخبرني صدقة بن خالد ، حدثني خالد بن دهقان ، عن خالد بن سبلان ، عن كهيل بن حرملة . قال : سئل أبو هريرة عن الصلاة الوسطى ، فقال : اختلفنا فيها كما اختلفتم فيها ، ونحن بفناء بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفينا الرجل الصالح : أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ، فقال : أنا أعلم لكم ذلك : فقام فاستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل عليه ، ثم خرج إلينا فقال : أخبرنا أنها صلاة العصر{[4120]} غريب من هذا الوجه جدًا .

حديث آخر : قال ابن جرير : حدثنا أحمد بن إسحاق ، حدثنا أبو أحمد ، حدثنا عبد السلام ، عن سالم مولى أبي بصير{[4121]} حدثني إبراهيم بن يزيد الدمشقي قال : كنت جالسًا عند عبد العزيز بن

مروان فقال : يا فلان ، اذهب إلى فلان فقل له : أي شيء سمعت من رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . في الصلاة الوسطى ؟ فقال رجل جالس : أرسلني أبو بكر وعمر - وأنا غلام صغير - أسأله عن الصلاة الوسطى ، فأخذ إصبعي الصغيرة فقال : هذه الفجر ، وقبض التي تليها ، فقال : هذه الظهر . ثم قبض الإبهام ، فقال : هذه المغرب . ثم قبض التي تليها ، فقال : هذه العشاء . ثم قال : أي أصابعك بقيت ؟ فقلت : الوسطى . فقال : أي الصلاة بقيت ؟ فقلت : العصر . فقال : هي العصر{[4122]} . غريب أيضًا .

حديث آخر : قال ابن جرير : حدثني محمد بن عوف الطائي ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش{[4123]} حدثني أبي ، حدثني ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الصلاة الوسطى صلاة العصر " {[4124]} . إسناده لا بأس به .

حديث آخر : قال أبو حاتم بن حبان في صحيحه : حدثنا أحمد بن يحيى بن زهير ، حدثنا الجراح بن مخلد ، حدثنا عمرو بن عاصم ، حدثنا همام عن قتادة عن مُوَرِّق{[4125]} العِجْلي ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلاة الوسطى صلاة العصر " {[4126]} .

وقد روى الترمذي ، من حديث محمد بن طلحة بن مصرف ، عن زبيد اليامي ، عن مُرَّة الهَمداني ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلاة الوسطى صلاة العصر " {[4127]} ثم قال : حسن صحيح .

وأخرجه مسلم في صحيحه ، من طريق{[4128]} محمد بن طلحة ، به {[4129]} ولفظه : " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر " الحديث .

فهذه نصوص في المسألة لا تحتمل شيئا ، ويؤكد ذلك الأمر بالمحافظة عليها ، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ، من رواية الزهري ، عن سالم ، عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله{[4130]} " {[4131]} . وفي الصحيح أيضًا ، من حديث الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي قِلابة ، عن أبي المهاجر{[4132]} عن بُرَيدة بن الحُصَيْب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بكروا بالصلاة في يوم الغيم ، فإنه من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله " {[4133]} {[4134]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن إسحاق ، أخبرنا ابن لهيعة ، عن عبد الله بن هبيرة ، عن أبي تميم ، عن أبي بصرة{[4135]} الغفاري قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في واد من أوديتهم ، يقال له : المخَمَّص صلاة العصر ، فقال : " إن هذه الصلاة صلاة العصر عُرِضَت على الذين من قبلكم فضيعوها ، ألا ومن صلاها ضُعِّف له أجره مرتين ، ألا ولا صلاة بعدها حتى تروا{[4136]} الشاهد " .

ثم قال : رواه عن يحيى بن إسحاق ، عن الليث ، عن خير{[4137]} بن نُعيِم ، عن عبد الله بن هبيرة ، به{[4138]} .

وهكذا رواه مسلم والنسائي جميعا ، عن قتيبة ، عن الليث{[4139]} . ورواه مسلم أيضاً من حديث محمد بن إسحاق ، حدثني يزيد بن أبي حبيب كلاهما عن خير بن نعيم الحضرمي ، عن عبد الله ابن هبيرة السبائي{[4140]} {[4141]} .

فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد أيضا : حدثنا إسحاق ، أخبرني مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي يونس مولى عائشة قال : أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً ، قالت : إذا بلغت هذه الآية : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى } فآذني . فلما بلغتها آذنتها ، فأملت علي : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " قالت : سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا رواه مسلم ، عن يحيى بن يحيى ، عن مالك ، به{[4142]} .

وقال ابن جرير : حدثني المثنى ، حدثنا الحجاج ، حدثنا حماد ، عن هشام بن عروة عن أبيه قال : كان في مصحف عائشة : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر " . {[4143]} وهكذا رواه من طريق الحسن البصري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها كذلك . وقد روى الإمام مالك أيضا ، عن زيد بن أسلم عن عمرو بن رافع قال : كنت أكتب مصحفا لحفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إذا بلغت هذه الآية فآذني : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى } فلما بلغتها آذنتها . فأملت علي : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " {[4144]} .

وهكذا رواه محمد بن إسحاق بن يسار{[4145]} فقال : حدثني أبو جعفر محمد بن علي ، ونافع مولى بن عمر : أن عمر بن نافع قال . . . فذكر مثله ، وزاد : كما حفظتها من النبي صلى الله عليه وسلم .

طريق أخرى عن حفصة : قال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن عبد الله بن يزيد الأزدي ، عن سالم بن عبد الله : أن حفصة أمرت إنساناً أن يكتب لها مصحفا ، فقالت : إذا بلغت هذه الآية : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى } فآذني . فلما بلغ آذنها فقالت : اكتب : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " {[4146]} .

طريق أخرى : قال ابن جرير : حدثني ابن المثنى عبد الوهاب ، حدثنا عبيد الله ، عن نافع ، أن حفصة أمرت مولى لها أن يكتب لها مصحفا فقالت : إذا بلغت هذه الآية : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " فلا تكتبها حتى أمليها عليك كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها . فلما بلغها أمرته فكتبها : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " . قال نافع : فقرأت ذلك المصحف فرأيت فيه " الواو " {[4147]} .

وكذا روى ابن جرير ، عن ابن عباس وعبيد بن عمير أنهما قرآ كذلك .

وقال ابن جرير : حدثنا أبو كُرَيْب ، حدثنا عبدة ، حدثنا محمد بن عمرو ، حدثني أبو سلمة ، عن عمرو بن رافع مولى عمر قال : كان في مصحف حفصة : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " {[4148]} . وتقرير المعارضة أنه عطف صلاة العصر على الصلاة الوسطى بواو العطف التي تقتضي المغايرة ، فدل ذلك على أنها غيرها وأجيب عن ذلك بوجوه : أحدها أن هذا إن روي على أنه خبر ، فحديث علي أصح وأصرح منه ، وهذا يحتمل أن تكون الواو زائدة ، كما في قوله : { وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ } [ الأنعام : 55 ] ، { وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ } [ الأنعام : 75 ] ، أو تكون لعطف الصفات لا لعطف الذوات ، كقوله : { وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ } [ الأحزاب : 40 ] ، وكقوله : { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى } [ الأعلى 1 - 4 ] وأشباه ذلك كثيرة ، وقال الشاعر :

إلى الملك القرم وابن الهمام *** وليث الكتيبة في المزدحم

وقال أبو دؤاد الإيادي :

سلط الموت والمنون عليهم *** فلهم في صدى المقابر هام{[4149]}

والموت هو المنون ؛ قال عدي بن زيد العبادي :

فقدمت الأديم لراهشيه *** فألفى قولها كذبا ومينا{[4150]}

والكذب : هو المين ، وقد نص سيبويه شيخ النحاة على جواز قول القائل : مررت بأخيك وصاحبك ، ويكون الصاحب هو الأخ نفسه ، والله أعلم .

وأما إن روي على أنه قرآن فإنه لم يتواتر ، فلا يثبت بمثل خبر الواحد قرآن ؛ ولهذا لم يثبته أمير المؤمنين عثمان بن عفان في المصحف الإمام ، ولا قرأ بذلك أحد من القراء الذين تثبت الحجة بقراءتهم ، لا من السبعة ولا غيرهم . ثم قد روي ما يدل على نسخ هذه التلاوة المذكورة في هذا الحديث . قال مسلم : حدثنا إسحاق بن راهويه ، أخبرنا يحيى بن آدم ، عن فضيل بن مرزوق ، عن شقيق بن عقبة ، عن البراء بن عازب ، قال : نزلت : " حافظوا على الصلوات وصلاة العصر{[4151]} " فقرأناها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله ، ثم نسخها الله ، عز وجل ، فأنزل : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى } فقال له زاهر - رجل كان مع شقيق - : أفهي العصر ؟ قال : قد حدثتك كيف نزلت ، وكيف نسخها الله ، عز وجل .

قال مسلم : ورواه الأشجعي ، عن الثوري ، عن الأسود ، عن شقيق{[4152]} .

قلت : وشقيق هذا لم يرو له مسلم سوى هذا الحديث الواحد ، والله أعلم . فعلى هذا تكون هذه التلاوة ، وهي تلاوة الجادة ، ناسخة للفظ رواية عائشة وحفصة ، ولمعناها ، إن كانت الواو دالة على المغايرة ، وإلا فللفظها فقط ، والله أعلم .

وقيل : إن الصلاة الوسطى هي صلاة المغرب . رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس . وفي إسناده نظر ؛ فإنه رواه عن أبيه ، عن أبي الجُمَاهر{[4153]} عن سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن أبي الخليل ، عن عمه ، عن ابن عباس قال : صلاة الوسطى : المغرب . وحكى هذا القول ابن جرير عن قبيصة بن ذؤيب وحكي أيضاً عن قتادة على اختلاف عنه . ووجه هذا القول بعضهم بأنها : وسطى في العدد بين الرباعية والثنائية ، وبأنها وتر المفروضات ، وبما جاء فيها من الفضيلة ، والله أعلم .

وقيل : إنها العشاء الآخرة ، اختاره علي بن أحمد الواحدي في تفسيره المشهور : وقيل : هي واحدة من الخمس ، لا بعينها ، وأبهمت فيهن ، كما أبهمت ليلة القدر في الحول أو الشهر أو العشر . ويحكى هذا القول عن سعيد بن المسيب ، وشريح القاضي ، ونافع مولى ابن عمر ، والربيع بن خيثم ، ونقل أيضاً عن زيد بن ثابت ، واختاره إمام الحرمين الجويني في نهايته .

وقيل : بل الصلاة الوسطى مجموع الصلوات الخمس ، رواه ابن أبي حاتم عن ابن عمر ، وفي صحته أيضاً نظر والعجب أن هذا القول اختاره الشيخ أبو عمر بن عبد البر النَّمري ، إمام ما وراء البحر ، وإنها لإحدى الكبر ، إذ اختاره - مع اطلاعه وحفظه - ما لم يقم عليه دليل من كتاب ولا سنة ولا أثر . وقيل : إنها صلاة العشاء وصلاة الفجر ، وقيل : بل هي صلاة الجماعة . وقيل : صلاة الجمعة . وقيل : صلاة الخوف . وقيل : بل صلاة عيد الفطر . وقيل : بل صلاة عيد الأضحى . وقيل : الوتر . وقيل : الضحى . وتوقف فيها آخرون لما تعارضت عندهم الأدلة ، ولم يظهر لهم وجه الترجيح . ولم يقع الإجماع على قول واحد ، بل لم يزل التنازع{[4154]} فيها موجودا من زمن الصحابة وإلى الآن .

قال ابن جرير : حدثني محمد بن بشار وابن مثنى ، قالا حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة قال : سمعت قتادة يحدث عن سعيد بن المسيب قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مختلفين في الصلاة الوسطى هكذا ، وشَبَّك بين أصابعه{[4155]} .

[ وقد حكى فخر الدين الرازي في تفسيره قولا عن جمع من العلماء منهم زيد بن ثابت ، وربيع ابن خيثم : أنها لم يرد بيانها ، وإنما أريد إبهامها ، كما أبهمت ليلة القدر في شهر رمضان ، وساعة الإجابة في يوم الجمعة ، والاسم الأعظم في أسماء الله تعالى ، ووقت الموت على المكلف ؛ ليكون في كل وقت مستعداً ، وكذا أبهمت الليلة التي ينزل فيها من السماء وباء ليحذرها الناس ، ويعطوا الأهبة دائماً ، وكذا وقت الساعة استأثر الله بعلمه ؛ فلا تأتي إلا بغته ]{[4156]} .

وكل هذه الأقوال فيها ضعف بالنسبة إلى التي قبلها ، وإنما المدار ومعترك النزاع في الصبح والعصر . وقد ثبتت السنة بأنها العصر ، فتعين المصير إليها .

وقد روى الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في كتاب " فضائل الشافعي " رحمه الله : حدثنا أبي ، سمعت حرملة بن يحيى التجيبي يقول : قال الشافعي : كل ما قلت فكان عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما يصح ، فحديث النبي صلى الله عليه وسلم أولى ، ولا تقلدوني . وكذا روى الربيع والزعفراني وأحمد بن حنبل ، عن الشافعي . وقال موسى أبو الوليد بن أبي الجارود ، عن الشافعي : إذا صح الحديث وقلت قولا فأنا راجع عن قولي وقائل بذلك . فهذا من سيادته وأمانته ، وهذا نفس إخوانه من الأئمة ، رحمهم الله ورضي عنهم أجمعين آمين . ومن هاهنا قطع القاضي الماوردي بأن مذهب الشافعي ، رحمه الله ، أن صلاة الوسطى هي صلاة العصر ، وإن كان قد نص في الجديد وغيره أنها الصبح ، لصحة الأحاديث أنها العصر ، وقد وافقه على هذه الطريقة جماعة من محدثي المذهب ، ولله الحمد والمنة . ومن الفقهاء في المذهب من ينكر أن تكون هي العصر مذهباً للشافعي ، وصمموا على أنها الصبح قولا واحداً . قال الماوردي : ومنهم من حكى في المسألة قولين ، ولتقرير المعارضات والجوابات موضع آخر غير هذا ، وقد أفردناه على حدة ، ولله الحمد والمنة .

وقوله تعالى : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } أي : خاشعين ذليلين مستكينين بين يديه ، وهذا الأمر مستلزم{[4157]} ترك الكلام في الصلاة ، لمنافاته إياها ؛ ولهذا لما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الرد على ابن مسعود حين سلم عليه ، وهو في الصلاة ، اعتذر إليه بذلك ، وقال . " إن في الصلاة لشغلا " ، وفي صحيح مسلم أنه عليه السلام قال لمعاوية بن الحكم [ السلمي ]{[4158]} حين تكلم في الصلاة : " إن هذه الصلاة لا يصلح{[4159]} فيها شيء من كلام الناس ، إنما هي التسبيح والتكبير وذكر الله " {[4160]} .

وقال الإمام أحمد ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن إسماعيل ، حدثني الحارث بن شبيل ، عن أبي عمرو الشيباني ، عن زيد بن أرقم قال : كان الرجل يكلم صاحبه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، في الحاجة في الصلاة ، حتى نزلت هذه الآية : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } فأمرنا بالسكوت . رواه الجماعة - سوى ابن ماجة ، به ، من طرق عن إسماعيل ، به{[4161]} .

وقد أشكل هذا الحديث على جماعة من العلماء ، حيث ثبت عندهم أن تحريم الكلام في الصلاة كان بمكة ، قبل الهجرة إلى المدينة وبعد الهجرة إلى أرض الحبشة ، كما دل على ذلك حديث ابن مسعود الذي في الصحيح ، قال : كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن نهاجر إلى الحبشة وهو في الصلاة ، فيرد علينا ، قال : فلما قدمنا سلمت عليه ، فلم يرد علي ، فأخذني ما قرب وما بعد ، فلما سلم قال : " إني لم أرد عليك إلا أني كنت في الصلاة ، وإن الله يحدث من أمره ما يشاء ، وإن مما أحدث ألا تكلموا في الصلاة " {[4162]} .

وقد كان ابن مسعود ممن أسلم قديماً ، وهاجر إلى الحبشة ، ثم قدم منها إلى مكة مع من قدم ، فهاجر إلى المدينة ، وهذه الآية : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } مدنية{[4163]} بلا خلاف ، فقال قائلون : إنما أراد زيد بن أرقم بقوله : " كان الرجل يكلم أخاه في حاجته في الصلاة " الإخبار عن جنس الناس ، واستدل على تحريم ذلك بهذه الآية بحسب ما فهمه منها ، والله أعلم .

وقال آخرون : إنما أراد أن ذلك قد وقع بالمدينة بعد الهجرة إليها ، ويكون ذلك فقد أبيح مرتين ، وحرم مرتين ، كما اختار ذلك قوم من أصحابنا وغيرهم ، والأول أظهر . والله أيضاً أعلم .

وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا بشر بن الوليد ، حدثنا إسحاق بن يحيى ، عن المسيب ، عن ابن مسعود قال : كنا يسلم بعضنا على بعض في الصلاة ، فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه ، فلم يرد علي ، فوقع في نفسي أنه نزل فيَّ شيء ، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قال : " وعليك السلام ، أيها المسلم ، ورحمة الله ، إن الله ، عز وجل ، يحدث من أمره ما يشاء فإذا كنتم في الصلاة فاقنتوا ولا تكلموا " {[4164]} .


[4082]:صحيح البخاري برقم (527، 5970) وصحيح مسلم برقم (85).
[4083]:في جـ: "العمل".
[4084]:المسند (6/274) وسنن أبي داود برقم (426) وسنن الترمذي برقم (170).
[4085]:زيادة من جـ.
[4086]:تفسير الطبري (5/215، 216).
[4087]:تفسير الطبري (5/218).
[4088]:في جـ: "في جامع".
[4089]:في أ، و: "بالبصرة وفرغت".
[4090]:في أ: "هذه الصلاة الوسطى".
[4091]:زيادة من جـ، أ.
[4092]:في أ، و: "بين صلاتين ليليتين".
[4093]:في أ، و: "وصلاتين نهاريتين".
[4094]:في جـ: "وعن".
[4095]:في جـ: "رسول الله".
[4096]:مسند الطيالسي برقم (628).
[4097]:زيادة من جـ.
[4098]:المسند (5/183) وسنن أبي داود برقم (411).
[4099]:في أ: "حدثنا ابن أبي وهب"، وفي و: "أنبأنا أبي وهب".
[4100]:في أ: "ابن الزبرقان".
[4101]:المسند (5/206).
[4102]:في جـ: "في".
[4103]:في جـ: "بشير بن نكل".
[4104]:المسند (1/81).
[4105]:في جـ: "بشير بن نكل".
[4106]:صحيح مسلم برقم (627) وسنن النسائي الكبرى برقم (11045).
[4107]:في أ: "بن عيينة".
[4108]:صحيح مسلم برقم (627).
[4109]:في أ: "المسانيد".
[4110]:صحيح البخاري برقم (2931، 4111) وصحيح مسلم برقم (627) وسنن أبي داود برقم (409) وسنن الترمذي برقم (2984) وسنن النسائي (1/236).
[4111]:لم أقع على هذا الطريق ولم يذكره المزي في تحفة الأشراف.
[4112]:تفسير الطبري (5/184).
[4113]:صحيح مسلم برقم (628) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه وبرقم (630) من حديث البراء رضي الله عنه.
[4114]:المسند (5/22).
[4115]:المسند (5/8).
[4116]:المسند (5/7، 12، 13).
[4117]:سنن الترمذي برقم (182، 2983).
[4118]:زيادة من جـ، أ.
[4119]:تفسير الطبري (5/189).
[4120]:تفسير الطبري (5/191).
[4121]:في أ: "أبي نصير".
[4122]:تفسير الطبري (5/196).
[4123]:في أ: "بن عباس".
[4124]:تفسير الطبري (5/198) وقول الحافظ: إسناده لا بأس به، متعقب؛ فإن في إسناده ضعف وانقطاع، وهذه نسخة مشهورة خرجها الطبراني في المعجم الكبير.
[4125]:وقع في هـ: "همام بن مورق" والتصحيح من الإحسان.
[4126]:صحيح ابن حبان (3/121) "الإحسان".
[4127]:سنن الترمذي برقم (181).
[4128]:في جـ: "من حديث".
[4129]:صحيح مسلم برقم (628).
[4130]:في جـ: "ماله وأهله".
[4131]:صحيح مسلم برقم (626).
[4132]:في جـ: "عن أبي المهاجر عن أبي المليح".
[4133]:الذي في الصحيح إنما هو عن هشام عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي المليح، عن بريدة رضي الله عنه، وهو في صحيح البخاري برقم (553)، وهذا الثاني إنما هو في سنن ابن ماجة برقم (694)، والأول هو المحفوظ، وقد وقع في نسخة "جـ" إثباته على الصواب، كما بينته، لكن وقع تخليط في ذلك؛ لأنه أثبت كلمة: "وفي الصحيح" ثم تدارك ذلك.
[4134]:جاء في جـ: "كذا رواه ابن ماجة من حديث الأوزاعي، ورواه البخاري والنسائي من حديث هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي المليح بن أسامة، عن بريدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله".
[4135]:جـ: "عن أبي نضرة".
[4136]:في أ: "حتى يزول".
[4137]:في جـ: "عن حسن".
[4138]:المسند (6/397).
[4139]:صحيح مسلم برقم (830) وسنن النسائي (1/259).
[4140]:في أ: "الشيباني".
[4141]:صحيح مسلم برقم (830).
[4142]:المسند (6/73) وصحيح مسلم برقم (629).
[4143]:تفسير الطبري (5/175).
[4144]:الموطأ (1/139).
[4145]:في جـ: "بن بشار".
[4146]:تفسير الطبري (5/208، 209).
[4147]:تفسير الطبري (5/209).
[4148]:تفسير الطبري (5/211).
[4149]:البيت في لسان العرب لابن منظور، مادة "منن".
[4150]:البيت في لسان العرب لابن منظور، مادة "مين".
[4151]:في جـ، أ: "والصلاة الوسطى صلاة العصر".
[4152]:صحيح مسلم برقم (63).
[4153]:في أ: "عن أبي الجماهير".
[4154]:في أ، و: "النزاع".
[4155]:تفسير الطبري (5/221).
[4156]:زيادة من جـ.
[4157]:في جـ: "يستلزم".
[4158]:زيادة من جـ، أ، و.
[4159]:في أ: "لا يصح".
[4160]:صحيح مسلم برقم (537).
[4161]:المسند (4/368) وصحيح البخاري برقم (1200، 4534) وصحيح مسلم برقم (539) وسنن أبي داود برقم (949) وسنن الترمذي برقم (2986) وسنن النسائي الكبرى برقم (11047).
[4162]:صحيح البخاري برقم (1199، 3875) وصحيح مسلم برقم (538).
[4163]:في و: "نزلت بالمدينة".
[4164]:ورواه الطبراني في المعجم الكبير (10/137) من طريق عاصم عن المسيب عن ابن مسعود به نحوه.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ} (238)

القول في تأويل قوله : ( حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى ) .

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : واظبوا على الصلوات المكتوبات في أوقاتهن ، وتعاهدوهن والزَمُوهن ، وعلى الصلاة الوسطى منهنّ .

وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

* ذكر من قال ذلك :

5378- حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق بن الحجاج قال ، حدثنا أبو زهير ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق في قوله : " حافظوا على الصلوات " ، قال : المحافظة عليها : المحافظة على وقتها ، وعدم السهو عنها .

5379- حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي قال ، حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق في هذه الآية : " حافظوا على الصلوات " ، فالحفاظ عليها : الصلاة لوقتها= والسهو عنها : ترك وقتها . ( 1 )

* * *

ثم اختلفوا في " الصلاة الوسطى " . فقال بعضهم : هي صلاة العصر .

* ذكر من قال ذلك :

5380- حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا أبو عاصم= وحدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد= جميعا قالا حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي قال : " والصلاة الوسطى " صلاة العصر . ( 2 ) .

5381- حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال ، حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق قال ، حدثني من سمع ابن عباس وهو يقول : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، قال : العصر . ( 3 )

5382- حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا مصعب بن سلام ، عن أبي حيان ، عن أبيه ، عن علي قال : والصلاة الوسطى صلاة العصر . ( 4 )

5383- حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية قال ، حدثنا أبو حيان ، عن أبيه ، عن علي مثله . ( 5 )

5384- حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا مصعب عن الأجلح ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث قال : سمعت عليا يقول : الصلاة الوسطى صلاة العصر . ( 6 )

5385- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث قال : سألت عليا عن الصلاة الوسطى ، فقال : صلاة العصر . ( 7 )

5386- حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال ، حدثنا أبو زرعة وهب بن راشد قال ، أخبرنا حيوة بن شريح قال ، أخبرنا أبو صخر : أنه سمع أبا معاوية البجلي من أهل الكوفة يقول : سمعت أبا الصهباء البكري يقول : سألت علي بن أبي طالب عن الصلاة الوسطى فقال : هي صلاة العصر ، وهي التي فتن بها سليمان بن داود صلى الله عليه وسلم . ( 8 )

5387- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا ابن علية قال ، أخبرنا سليمان التيمي= وحدثنا حميد بن مسعدة قال ، حدثنا بشر بن الفضل قال حدثنا التيمي= عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أنه قال : " الصلاة الوسطى " صلاة العصر . ( 9 )

5388- حدثني المثنى قال ، حدثنا سويد قال ، أخبرنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن عبد الله بن عثمان بن غنم ، عن ابن لبيبة ، عن أبي هريرة : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، ألا وهي العصر ، ألا وهي العصر . ( 10 )

5389- حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال ، حدثنا أبي وشعيب بن الليث ، عن الليث ، عن يزيد بن الهاد ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله ، عن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله " ، " فكان ابن عمر يرى لصلاة العصر فضيلة للذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها أنها الصلاة الوسطى " . ( 11 )

5390- حدثني محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا معتمر ، عن أبيه قال ، زعم أبو صالح ، عن أبي هريرة أنه قال : هي صلاة العصر . ( 12 )

5391- حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال ، حدثني عمي عبد الله بن وهب قال ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه= قال ابن شهاب ، وكان ابن عمر يرى أنها الصلاة الوسطى . ( 13 )

5392- حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا عفان بن مسلم قال ، حدثنا همام ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي سعيد الخدري قال : الصلاة الوسطى : صلاة العصر . ( 14 )

5393- حدثني محمد بن معمر قال ، حدثنا ابن عامر قال ، حدثنا محمد بن أبي حميد ، عن حميدة ابنة أبي يونس مولاة عائشة قالت : أوصت عائشة لنا بمتاعها ، فوجدت في مصحف عائشة : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي العصر وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ . ( 15 )

5394- حدثني سعيد بن يحيى الأموي قال ، حدثنا أبي قال ، حدثنا ابن جريج قال ، أخبرنا عبد الملك بن عبد الرحمن : أن أمه أم حميد بنت عبد الرحمن سألت عائشة عن الصلاة الوسطى ، قالت : كنا نقرؤها في الحرف الأول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى= [ قال أبو جعفر : أنه قال ]= صلاة العصر وقوموا لله قانتين " .

5395- حدثني عباس بن محمد قال ، حدثنا حجاج قال ، قال ابن جريج : أخبرني عبد الملك بن عبد الرحمن ، عن أمه أم حميد ابنة عبد الرحمن : أنها سألت عائشة ، فذكر نحوه= إلا أنه قال : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " . ( 16 )

5396- حدثنا سفيان بن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن محمد بن عمرو أبي سهل الأنصاري ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة في قوله : " الصلاة الوسطى " ، قالت : صلاة العصر . ( 17 )

5397- حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج قال ، حدثنا حماد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : كان في مصحف عائشة : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر " . ( 18 )

5398- حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، عن داود بن قيس قال ، حدثني عبد الله بن رافع مولى أم سلمة قال : أمرتني أم سلمة أن أكتب لها مصحفا وقالت : إذا انتهيت إلى آية الصلاة فأعلمني . فأعلمتها ، فأملت علي : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر " . ( 19 )

5399- حدثنا عن عمار قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه قال : كان الحسن يقول : الصلاة الوسطى صلاة العصر . ( 20 )

5400- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا المعتمر ، عن أبيه قال ، حدثنا قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عائشة أنها قالت : الصلاة الوسطى صلاة العصر .

5401- حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا يحيى ، عن سليمان التيمي ، عن قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عائشة مثله . ( 21 )

5402- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام قال ، حدثنا عنبسة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم قال : كان يقال : الصلاة الوسطى صلاة العصر .

5403- حدثت عن عمار قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قال : ذكر لنا عن علي بن أبي طالب أنه قال : الصلاة الوسطى صلاة العصر .

5404- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير قال : صلاة الوسطى صلاة العصر .

5405- حدثني يعقوب قال ، حدثنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن سالم ، عن حفصة : أنها أمرت رجلا يكتب لها مصحفا فقالت : إذا بلغت هذا المكان فأعلمني . فلما بلغ " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، قال : اكتب " صلاة العصر " . ( 22 )

5406- حدثني المثنى قال ، حدثنا حجاج بن المنهال قال ، حدثنا حماد بن سلمة قال ، أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع ، عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : أنها قالت لكاتب مصحفها : إذا بلغت مواقيت الصلاة فأخبرني حتى أخبرك بما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما أخبرها قالت : اكتب ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر " . ( 23 )

5407- حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج قال ، حدثنا حماد ، عن عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش قال : صلاة الوسطى هي العصر .

5408- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، كنا نحدث أنها صلاة العصر ، قبلها صلاتان من النهار ، وبعدها صلاتان من الليل .

5409- حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا جويبر ، عن الضحاك في قوله : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، قال : أمروا بالمحافظة على الصلوات . قال : وخص العصر ، " والصلاة الوسطى " ، يعني العصر . ( 24 )

5410- حدثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ قال ، أخبرنا عبيد الله بن سليمان قال ، سمعت الضحاك يقول في قوله : " والصلاة الوسطى " ، هي العصر . ( 25 )

5411- حدثت عن عمار قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قال : ذكر لنا عن علي بن أبي طالب أنه قال : " الصلاة الوسطى " صلاة العصر .

5412- حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " حافظوا على الصلوات " - يعني المكتوبات- " والصلاة الوسطى " ، يعني صلاة العصر .

5413- حدثني أحمد بن إسحاق الأهوازي قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا قيس ، عن أبي إسحاق ، عن رزين بن عبيد ، عن ابن عباس قال : سمعته يقول : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، قال : صلاة العصر . ( 26 )

5414- حدثني أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا إسرائيل ، عن ثوير ، عن مجاهد قال : الصلاة الوسطى صلاة العصر . ( 27 )

5415- حدثني يحيى بن أبي طالب قال ، حدثنا يزيد قال ، أخبرنا جويبر ، عن الضحاك قال : الصلاة الوسطى صلاة العصر .

5416- حدثنا أحمد بن حازم قال ، حدثنا أبو نعيم قال ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن رزين بن عبيد قال : سمعت ابن عباس يقول : هي صلاة العصر . ( 28 )

5417- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا ابن أبي عدي قال ، أنبأنا إسماعيل بن مسلم ، عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الصلاة الوسطى صلاة العصر " . ( 29 )

5418- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا وهب بن جرير قال ، حدثنا أبي قال ، سمعت يحيى بن أيوب يحدث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن مرة بن مخمر ، عن سعيد بن الحكم قال : سمعت أبا أيوب يقول : صلاة الوسطى صلاة العصر . ( 30 )

5419- حدثنا ابن سفيان قال ، حدثنا أبو عاصم ، عن مبارك ، عن الحسن قال : صلاة الوسطى صلاة العصر . ( 31 )

وعلة من قال هذا القول ما : -

5420- حدثني به محمد بن معمر قال ، حدثنا أبو عامر قال ، حدثنا محمد -يعني ابن طلحة- عن زبيد ، عن مرة ، عن عبد الله قال : شغل المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر حتى اصفرَّت ، أو احمرت- فقال : شغلونا عن الصلاة الوسطى‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا‍‍‍‍‍‍‍‍ ( 32 )

5421- حدثني أحمد بن سنان الواسطي قال ، حدثنا يزيد بن هارون قال ، أخبرنا محمد بن طلحة ، عن زبيد عن مرة ، عن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه- إلا أنه قال : " ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا ، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى " . ( 33 )

5422- حدثنا محمد بن المثنى‍‍ ومحمد بن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة قال : سمعت قتادة يحدث ، عن أبي حسان ، عن عبيدة السلماني ، عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب : شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى آبت الشمس ، ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا= أو بطونهم نارا= شك شعبة في البطون والبيوت . ( 34 )

5423- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن زر قال : قلت لعبيدة السلماني : سل علي بن أبي طالب عن الصلاة الوسطى . فسأله ، فقال : كنا نراها الصبح= أو الفجر= حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الأحزاب : " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ ! ملأ الله قبورهم وأجوافهم نارا " ‍ ! ( 35 )

5424- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن شتير بن شكل ، عن علي قال : شغلونا يوم الأحزاب عن صلاة العصر ، حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ! ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا= أو أجوافهم نارا ( 36 )

5425- حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن يحيى بن الجزار عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ، يوم الأحزاب ، على فرضة من فرض الخندق ، فقال : " شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس ! ملأ الله قبورهم وبيوتهم ، نارا= أو بطونهم وبيوتهم نارا " . ( 37 )

5426- حدثني أبو السائب وسعيد بن نمير قالا حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن شتير بن شكل ، عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ! ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا ! ثم صلاها بين العشاءين ، بين المغرب والعشاء . ( 38 )

5427- حدثنا الحسين بن علي الصدائي قال ، حدثنا علي بن عاصم ، عن خالد ، عن محمد بن سيرين ، عن عبيدة السلماني ، عن علي قال ، لم يصل رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر يوم الخندق إلا بعد ما غربت الشمس ، فقال : ما لهم ! ملأ الله قلوبهم وبيوتهم نارا ! منعونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس . ( 39 )

5428- حدثنا زكريا بن يحيى الضرير قال ، حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن عاصم ، عن زر قال : انطلقت أنا وعبيدة السلماني إلى علي ، فأمرت عبيدة أن يسأله عن الصلاة الوسطى فقال : يا أمير المؤمنين ، ما الصلاة الوسطى ؟ فقال : كنا نراها صلاة الصبح ، فبينا نحن نقاتل أهل خيبر ، فقاتلوا ، حتى أرهقونا عن الصلاة ، وكان قبيل غروب الشمس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم املأ قلوب هؤلاء القوم الذين شغلونا عن الصلاة الوسطى وأجوافهم نارا= أو املأ قلوبهم نار = قال : فعرفنا يومئذ أنها الصلاة الوسطى . ( 40 )

5429- حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أبي حسان الأعرج ، عن عبيدة السلماني ، عن علي بن أبي طالب : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب : اللهم املأ قلوبهم وبيوتهم نارا كما شغلونا= أو : كما حبسونا= عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس ! ( 41 )

5430- حدثنا سليمان بن عبد الجبار قال ، حدثنا ثابت بن محمد قال ، حدثنا محمد بن طلحة ، عن زبيد ، عن مرة ، عن ابن مسعود قال : حبس المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر حتى اصفرت الشمس= أو : احمرت= فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : شغلونا عن الصلاة الوسطى ! ملأ الله بيوتهم وقلوبهم نارا= أو حشا الله قلوبهم وبيوتهم نارا . ( 42 )

5431- حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال ، حدثنا سهل بن عامر قال ، حدثنا مالك بن مغول قال ، سمعت طلحة قال : صليت مع مرة في بيته فسها = أو قال : نسي = فقام قائما يحدثنا= وقد كان يعجبني أن أسمعه من ثقة= قال : لما كان يوم الخندق - يعني يوم الأحزاب - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لهم ! شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ! ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا . ( 43 )

5432- حدثنا أحمد بن منيع قال ، حدثنا عبد الوهاب ، عن ابن عطاء ، عن التيمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلاة الوسطى صلاة العصر . ( 44 )

5433- حدثني علي بن مسلم الطوسي قال ، حدثنا عباد بن العوام ، عن هلال بن خباب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة له ، فحبسه المشركون عن صلاة العصر حتى أمسى بها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم املأ بيوتهم وأجوافهم نارا كما حبسونا عن الصلاة الوسطى ! ( 45 )

5434- حدثنا موسى بن سهل الرملي قال ، حدثنا إسحاق ، عن عبد الواحد الموصلي قال ، حدثنا خالد بن عبد الله عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب : شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس ! ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا ! ( 46 )

5435- حدثني المثنى قال ، حدثنا عمرو بن عون قال ، أخبرنا خالد ، عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : شغل الأحزاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق عن صلاة العصر حتى غربت الشمس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : شغلونا عن الصلاة الوسطى ! ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا= أو أجوافهم نارا . ( 47 )

5436- حدثني المثنى قال ، حدثنا سليمان بن أحمد الحرشي الواسطي قال ، حدثنا الوليد بن مسلم قال ، أخبرني صدقة بن خالد قال ، حدثني خالد بن دهقان ، عن جابر بن سيلان ، عن كهيل بن حرملة قال : سئل أبو هريرة عن الصلاة الوسطى فقال : اختلفنا فيها كما اختلفتم فيها ونحن بفناء بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفينا الرجل الصالح أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ، فقال : أنا أعلم لكم ذلك . فقام فاستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل عليه ، ثم خرج إلينا فقال : أخبرنا أنها صلاة العصر . ( 48 )

5437- حدثني الحسين بن علي الصدائي قال ، حدثنا أبي ، وحدثنا ابن إسحاق الأهوازي قال ، حدثنا أبو أحمد = قالا جميعا ، حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن شقيق بن عقبة العبدي ، عن البراء بن عازب قال : نزلت هذه الآية : " حافظوا على الصلوات وصلاة العصر " ، قال : فقرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن نقرأها . ثم إن الله نسخها فأنزل : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " ، قال : فقال رجل كان مع شقيق : فهي صلاة العصر ! قال : قد حدثتك كيف نزلت ، وكيف نسخها الله ، والله أعلم . ( 49 )

5438- حدثنا حميد بن مسعدة قال ، حدثنا يزيد بن زريع ، وحدثنا ابن بشار قال ، حدثنا محمد بن بكر ومحمد بن عبد الله الأنصاري= قالا جميعا ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، وحدثنا أبو كريب قال ، حدثنا عبدة بن سليمان ، ومحمد بن بشر وعبد الله بن إسماعيل ، عن سعيد= عن أقتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الصلاة الوسطى صلاة العصر . ( 50 )

5439- حدثني عصام بن رواد بن الجراح قال ، حدثنا أبي قال ، حدثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن الحسن عن سمرة قال : أنبأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصلاة الوسطى هي العصر . ( 51 )

5440- حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن أبي الضحى ، عن شتير بن شكل ، عن أم حبيبة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ، يوم الخندق : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر حتى غربت الشمس= قال أبو موسى : هكذا قال ابن أبي عدي . ( 52 )

5441- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا ابن علية ، عن يونس ، عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، وهي العصر ( 53 )

5442- حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا عبد السلام ، عن سالم مولى أبي نصير قال ، حدثني إبراهيم بن يزيد الدمشقي قال : كنت جالسا عند عبد العزيز بن مروان فقال : يا فلان ، اذهب إلى فلان فقل له : أي شيء سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة الوسطى ؟ فقال رجل جالس : أرسلني أبو بكر وعمر وأنا غلام صغير أسأله عن الصلاة الوسطى ، فأخذ إصبعي الصغيرة فقال : هذه الفجر- وقبض التي تليها . وقال : هذه الظهر- ثم قبض الإبهام فقال : هذه المغرب- ثم قبض التي تليها ثم قال : هذه العشاء- ثم قال : أي أصابعك بقيت ؟ فقلت : الوسطى : فقال : أي صلاة بقيت ؟ قلت : العصر . قال : هي العصر . ( 54 )

5443- حدثت عن عمار بن الحسن قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قال : ذكر لنا أن المشركين شغلوهم يوم الأحزاب عن صلاة العصر حتى غابت الشمس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر حتى غربت الشمس ! ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا !

5444- حدثنا ابن البرقي قال ، حدثنا عمرو ، عن أبي سلمة قال ، حدثنا صدقة ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أبي حسان ، عن عبيدة السلماني ، عن علي بن أبي طالب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم الأحزاب : اللهم املأ بيوتهم وقبورهم نارا ، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى آبت الشمس . ( 55 )

5445- حدثني محمد بن عوف الطائي قال ، حدثني محمد بن إسماعيل بن عياش قال ، حدثنا أبي قال ، حدثني ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الصلاة الوسطى صلاة العصر " . ( 56 )

وقال آخرون : بل الصلاة الوسطى صلاة الظهر .

* ذكر من قال ذلك :

5446- حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا عفان قال ، حدثنا همام قال ، حدثنا قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عمر ، عن زيد بن ثابت قال : الصلاة الوسطى صلاة الظهر . ( 57 )

5447- حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال ، حدثنا أبو عامر قال ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عمر ، عن زيد ، يعني ابن ثابت- مثله . ( 58 )

5448- حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم قال : سمعت حفص بن عاصم يحدث عن زيد بن ثابت قال : الصلاة الوسطى الظهر . ( 59 )

5449- حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا سليمان بن داود قال ، حدثنا شعبة ، وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا ابن علية ، عن شعبة= قال ، أخبرني عمر بن سليمان -من ولد عمر بن الخطاب- قال : سمعت عبد الرحمن بن أبان بن عثمان ، يحدث عن أبيه ، عن زيد بن ثابت قال : الصلاة الوسطى هي الظهر . ( 60 )

5450- حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال ، حدثنا عبد الصمد قال ، حدثنا شعبة ، عن عمر بن سليمان= هكذا قال أبو زائدة= ، عن عبد الرحمن بن أبان ، عن أبيه ، عن زيد بن ثابت في حديثه ، رفعه - : الصلاة الوسطى صلاة الظهر . ( 61 )

5451- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا عبد الله بن يزيد قال ، حدثنا حيوة بن شريح وابن لهيعة قالا حدثنا أبو عقيل زهرة بن معبد : أن سعيد بن المسيب حدثه أنه كان قاعدا هو وعروة بن الزبير وإبراهيم بن طلحة ، فقال سعيد بن المسيب : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : الصلاة الوسطى هي الظهر . فمر علينا عبد الله بن عمر ، فقال عروة : أرسلوا إلى ابن عمر فاسألوه . فأرسلوا إليه غلاما فسأله ، ثم جاءنا الرسول فقال : يقول : هي صلاة الظهر . فشككنا في قول الغلام ، فقمنا جميعا فذهبنا إلى ابن عمر ، فسألناه فقال : هي صلاة الظهر . ( 62 )

5452- حدثني يعقوب قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا العوام بن حوشب قال ، حدثني رجل من الأنصار ، عن زيد بن ثابت أنه كان يقول : هي الظهر . ( 63 )

5453- حدثني أحمد بن إسحاق ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا ابن أبي ذئب= وحدثني المثنى قال ، حدثنا آدم قال ، حدثنا ابن أبي ذئب= ، عن الزبرقان بن عمرو ، عن زيد بن ثابت قال ، الصلاة الوسطى صلاة الظهر . ( 64 )

5454- حدثنا المثنى قال ، حدثنا الحجاج قال ، حدثنا حماد قال ، أخبرنا عبيد الله ، عن نافع ، عن زيد بن ثابت أنه قال : الصلاة الوسطى : هي صلاة الظهر . ( 65 )

5455- حدثنا ابن البرقي قال ، حدثنا ابن أبي مريم قال ، أخبرنا نافع بن يزيد قال ، حدثني الوليد بن أبي الوليد أبو عثمان قال ، حدثني عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر : أنه سئل عن الصلاة الوسطى قال : هي التي على أثر الضحى . ( 66 )

5456- حدثنا ابن البرقي قال ، حدثنا ابن أبي مريم قال ، حدثنا نافع بن يزيد قال ، حدثني الوليد بن أبي الوليد : أن سلمة بن أبي مريم حدثه : أن نفرا من قريش أرسلوا إلى عبد الله بن عمر يسألونه عن الصلاة الوسطى فقال له : هي التي على أثر صلاة الضحى . فقالوا له : ارجع واسأله ، فما زادنا إلا عياء بها ! ! فمر بهم عبد الرحمن بن أفلح مولى عبد الله بن عمر ، فأرسلوا إليه أيضا فقال : هي التي توجه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القبلة . ( 67 )

5457- حدثني ابن البرقي قال ، حدثنا ابن أبي مريم قال ، أخبرنا نافع قال ، حدثني زهرة بن معبد قال ، حدثني سعيد بن المسيب : أنه كان قاعدا هو وعروة وإبراهيم بن طلحة ، فقال له سعيد : سمعت أبا سعيد يقول : إن صلاة الظهر هي الصلاة الوسطى . فمر علينا ابن عمر ، فقال عروة : أرسلوا إليه فاسألوه . فسأله الغلام فقال : هي الظهر . فشككنا في قول الغلام ، فقمنا إليه جميعا فسألناه ، فقال : هي الظهر . ( 68 )

5458- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عثمان بن عمر قال ، حدثنا أبو عامر ، عن عبد الرحمن بن قيس ، عن ابن أبي رافع ، عن أبيه - وكان مولى لحفصة - قال : استكتبتني حفصة مصحفا وقالت لي : إذا أتيت على هذه الآية فأعلمني حتى أملها عليك كما أقرأنيها . فلما أتيت على هذه الآية : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، أتيتها فقالت : اكتب : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " . فلقيت أبي بن كعب أو زيد بن ثابت ، فقلت : يا أبا المنذر ، إن حفصة قالت كذا وكذا ! ! قال : هو كما قالت ، أو ليس أشغل ما نكون عند صلاة الظهر في غنمنا ونواضحنا ! ( 69 )

وعلة من قال ذلك ، ما : -

5459- حدثنا به محمد بن المثنى قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة قال ، أخبرني عمرو بن أبي حكيم قال : سمعت الزبرقان يحدث عن عروة بن الزبير ، عن زيد بن ثابت قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة ، ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منها ، قال : فنزلت : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " . وقال : " إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين " . ( 70 )

5460- حدثنا مجاهد بن موسى قال ، حدثنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا ابن أبي ذئب ، عن الزبرقان قال : إن رهطا من قريش مر بهم زيد بن ثابت فأرسلوا إليه رجلين يسألانه عن الصلاة الوسطى . فقال زيد : هي الظهر . فقام رجلان منهم فأتيا أسامة بن زيد فسألاه عن الصلاة الوسطى فقال : هي الظهر . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهر بالهجير ، فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان ، الناس يكونون في قائلتهم وفي تجارتهم ، فقال رسول الله : " لقد هممت أن أحرق على أقوام لا يشهدون الصلاة بيوتهم ! قال : فنزلت هذه الآية : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " . ( 71 )

وكان آخرون يقرءون ذلك : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " .

* ذكر من كان يقول ذلك كذلك :

5461- حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن عبد الله بن يزيد الأزدي ، عن سالم بن عبد الله : " أن حفصة أمرت إنسانا فكتب مصحفا فقالت : إذا بلغت هذه الآية : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " فآذني . فلما بلغ آذنها ، فقالت : اكتب : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " . ( 72 )

5462- حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا عبد الوهاب قال ، حدثنا عبيد الله ، عن نافع : أن حفصة أمرت مولى لها أن يكتب لها مصحفا ، فقالت : إذا بلغت هذه الآية : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، فلا تكتبها حتى أمليها عليك كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها . فلما بلغها ، أمرته فكتبها : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا الله قانتين " = قال نافع : فقرأت ذلك المصحف فوجدت فيه " الواو " . ( 73 )

5463- حدثنا الربيع بن سليمان قال ، حدثنا أسد بن موسى قال ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : أنها قالت : لكاتب مصحفها : إذا بلغت مواقيت الصلاة فأخبرني حتى آمرك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول . فلما أخبرها قالت : اكتب ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " . ( 74 )

5464- حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا عبدة بن سليمان قال ، حدثنا محمد بن عمرو قال ، حدثني أبو سلمة ، عن عمرو بن رافع مولى عمر قال : كان مكتوبا في مصحف حفصة : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " . ( 75 )

5465- حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال ، حدثنا أبي وشعيب ، عن الليث قال ، حدثنا خالد بن يزيد ، عن ابن أبي هلال ، عن زيد ، عن عمرو بن رافع قال : دعتني حفصة فكتبت لها مصحفا فقالت : إذا بلغت آية الصلاة فأخبرني . فلما كتبت : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، قالت : " وصلاة العصر " ، أشهد أني سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم . ( 76 )

5466- حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال ، حدثني أبي وشعيب بن الليث ، عن الليث قال ، أخبرني خالد بن يزيد ، عن ابن أبي هلال ، عن زيد : أنه بلغه عن أبي يونس مولى عائشة مثل ذلك .

5467- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو صالح قال ، حدثني الليث قال ، حدثني خالد ، عن سعيد ، عن زيد بن أسلم : أنه بلغه عن أبي يونس مولى عائشة ، عن عائشة مثل ذلك . ( 77 )

5468- حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا وهب بن جرير قالا أخبرنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عمير بن مريم ، عن ابن عباس : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " . ( 78 )

- حدثنا مجاهد بن موسى قال ، حدثنا يزيد بن هارون قال ، أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء قال : كان عبيد بن عمير يقرأ : " وحافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " .

5470- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عثمان بن عمر قال ، حدثنا أبو عامر ، عن عبد الرحمن بن قيس ، عن ابن أبي رافع ، عن أبيه - وكان مولى حفصة - قال : استكتبتني حفصة مصحفا وقالت : إذا أتيت على هذه الآية فأعلمني حتى أملها عليك كما أقرئتها . فلما أتيت على هذه الآية : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، أتيتها فقالت : اكتب : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " ، فلقيت أبي بن كعب أو زيد بن ثابت فقلت : يا أبا المنذر ، إن حفصه قالت كذا وكذا . قال : هو كما قالت‍ ! أو ليس أشغل ما نكون عند صلاة الظهر في نواضحنا وغنمنا ؟ ( 79 )

وقال آخرون : بل الصلاة الوسطى صلاة المغرب .

* ذكر من قال ذلك :

5471- حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا عبد السلام ، عن إسحاق بن أبي فروة ، عن رجل عن قبيصة بن ذؤيب قال : الصلاة الوسطى صلاة المغرب ، ألا ترى أنها ليست بأقلها ولا أكثرها ، ولا تقصر في السفر ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤخرها عن وقتها ولم يعجلها ؟ ( 80 )

قال أبو جعفر : ووجه قبيصة بن ذؤيب قوله : " الوسطى " إلى معنى : التوسط الذي يكون صفة للشيء ، يكون عدلا بين الأمرين ، كالرجل المعتدل القامة ، الذي لا يكون مفرطا طوله ولا قصيرة قامته ، ولذلك قال : " ألا ترى أنها ليست بأقلها ولا أكثرها " .

وقال آخرون : بل الصلاة الوسطى التي عناها الله بقوله : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، هي صلاة الغداة .

* ذكر من قال ذلك :

5472- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عفان قال ، حدثنا همام قال ، حدثنا قتادة ، عن صالح أبي الخليل ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس قال : الصلاة الوسطى صلاة الفجر . ( 81 )

5473- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا ابن أبي عدي وعبد الوهاب ومحمد بن جعفر ، عن عوف ، عن أبي رجاء قال : صليت مع ابن عباس الغداه في مسجد البصرة ، فقنت بنا قبل الركوع وقال : هذه الصلاة الوسطى التي قال الله : وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ .

5474- حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية ، عن عوف ، عن أبي رجاء العطاردي قال : صليت خلف ابن عباس ، فذكر نحوه .

5475- حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي قال ، حدثنا شريك ، عن عوف الأعرابي ، عن أبي رجاء العطاردي قال : صليت خلف ابن عباس الفجر ، فقنت فيها ورفع يديه ثم قال : هذه الصلاة الوسطى التي أمرنا الله أن نقوم فيها قانتين .

5476- حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا عوف ، عن أبي رجاء قال : صلى بنا ابن عباس الفجر ، فلما فرغ قال : إن الله قال في كتابه : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، فهذه الصلاة الوسطى .

5477- حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا مروان ، يعني ابن معاوية - ، عن عوف ، عن أبي رجاء العطاردي ، عن ابن عباس نحوه . ( 82 )

5478- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الوهاب قال ، حدثنا عوف ، عن أبي المنهال ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس : أنه صلى الغداة في مسجد البصرة ، فقنت قبل الركوع وقال : هذه الصلاة الوسطى التي ذكر الله : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " . ( 83 )

5479- حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا عبد الوهاب قال ، حدثنا المهاجر ، عن أبي العالية قال : سألت ابن عباس بالبصرة ها هنا ، وإن فخذه لعلى فخذي ، فقلت : يا أبا فلان ، أرأيتك صلاة الوسطى التي ذكر الله في القرآن ، ألا تحدثني أي صلاة هي ؟ قال : وذلك حين انصرفوا من صلاة الغداة ، فقال : أليس قد صليت المغرب والعشاء الآخرة ؟ قال قلت : بلى ! قال : ثم صليت هذه ؟ قال : ثم تصلي الأولى والعصر ؟ قال قلت : بلى ! قال : فهي هذه . ( 84 )

5480- حدثنا محمد بن عيسى الدامغاني قال ، أخبرنا ابن المبارك قال ، أخبرنا الربيع بن أنس ، عن أبي العالية قال : صليت خلف عبد الله بن قيس بالبصرة زمن عمر صلاة الغداة ، قال : فقلت لرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنبي : ما الصلاة الوسطى ؟ قال : هذا الصلاة . ( 85 )

5481- حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج قال ، حدثنا حماد قال ، أخبرنا عوف ، عن خلاس بن عمرو ، عن ابن عباس : أنه صلى الفجر فقنت قبل الركوع ، ورفع إصبعيه وقال : هذه الصلاة الوسطى . ( 86 )

5482- حدثت عن عمار بن الحسن قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، عن أبي العالية : أنه صلى مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة ، فلما أن فرغوا قال ، قلت لهم : أيتهن الصلاة الوسطى ؟ قالوا : التي صليتها قبل . ( 87 )

5483- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا ابن عثمة قال ، حدثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن جابر بن عبد الله قال : الصلاة الوسطى صلاة الصبح . ( 88 )

5484- حدثنا مجاهد بن موسى قال ، حدثنا يزيد بن هارون قال ، أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان قال : كان عطاء يرى أن الصلاة الوسطى صلاة الغداة .

5485- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا يحيى بن واضح قال ، حدثنا الحسين بن واقد ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة في قوله : " والصلاة الوسطى " ، قال : صلاة الغداة .

5486- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، قال : الصبح .

5487- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

5488- حدثت عن عمار بن الحسن قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن حصين ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال : الصلاة الوسطى صلاة الغداة .

5489- حدثت عن عمار قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، قال : الصلاة الوسطى صلاة الغداة .

وعلة من قال هذه المقالة : أن الله تعالى ذكره قال : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " ، بمعنى : وقوموا لله فيها قانتين . قال : فلا صلاة مكتوبة من الصلوات الخمس فيها قنوت سوى صلاة الصبح ، فعلم بذلك أنها هي دون غيرها .

وقال آخرون : هي إحدى الصلوات الخمس ، ولا نعرفها بعينها .

* ذكر من قال ذلك :

5490- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، حدثني هشام بن سعد قال : كنا عند نافع ، ومعنا رجاء بن حيوة ، فقال لنا رجاء : سلوا نافعا عن الصلاة الوسطى . فسألناه ، فقال : قد سأل عنها عبد الله بن عمر رجل فقال : هي فيهن ، فحافظوا عليهن كلهن . ( 89 )

5491- حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد ، عن قيس بن الربيع ، عن نسير بن ذعلوق أبي طعمة قال : سألت الربيع بن خثيم عن الصلاة الوسطى ، قال : أرأيت إن علمتها كنت محافظا عليها ومضيعا سائرهن ؟ قلت : لا ! فقالا فإنك إن حافظت عليهن فقد حافظت عليها . ( 90 )

5492- حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة قال : سمعت قتادة يحدث عن سعيد بن المسيب قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه هكذا= يعني مختلفين في الصلاة الوسطى= وشبك بين أصابعه . ( 91 )

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ذكرناها قبل في تأويله : وهو أنها العصر .

والذي حث الله تعالى ذكره عليه من ذلك ، نظير الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحث عليه . كما : -

5493- حدثني به أحمد بن محمد بن حبيب الطوسي قال ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق قال ، حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن خير بن نعيم الحضرمي ، عن عبد الله بن هبيرة النسائي= قال : وكان ثقة= ، عن أبي تميم الجيشاني ، عن أبي بصرة الغفاري قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ، فلما انصرف قال : إن هذه الصلاة فرضت على من كان قبلكم فتوانوا فيها وتركوها ، فمن صلاها منكم أضعف أجره ضعفين ، ولا صلاة بعدها حتى يرى الشاهد= والشاهد : النجم . ( 92 )

5494- حدثني علي بن داود قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني الليث قال ، حدثني خير بن نعيم ، عن ابن هبيرة ، عن أبي تميم الجيشاني : أن أبا بصرة الغفاري قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر بالمخمص فقال : إن هذه الصلاة فرضت على من كان قبلكم فضيعوها وتركوها ، فمن حافظ عليها منكم أوتي أجرها مرتين . ( 93 )

وقال صلى الله عليه وسلم : " بكروا بالصلاة في يوم الغيم ، فإنه من فاتته العصر حبط عمله " .

5495- حدثنا بذلك أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، وحدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال ، حدثنا أيوب بن سويد ، [ عن الأوزاعي ، عن يحيى بن كثير ] عن أبي قلابة ، عن أبي المهاجر ، عن بريدة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . ( 94 )

وقال صلى الله عليه وسلم : " من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله " . ( 95 )

5497- وقال صلى الله عليه وسلم : " من صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها لم يلج النار " ( 96 ) .

فحث صلى الله عليه وسلم على المحافظة عليها حثا لم يحث مثله على غيرها من الصلوات ، وإن كانت المحافظة على جميعها واجبة ، فكان بينا بذلك أن التي خص الله بالحث على المحافظة عليها ، ( 97 ) بعد ما عم الأمر بها جميع المكتوبات ، هي التي اتبعه فيها نبيه صلى الله عليه وسلم ، فخصها من الحض عليها بما لم يخصص به غيرها من الصلوات ، وحذر أمته من تضييعها ما حل بمن قبلهم من الأمم التي وصف أمرها ، ووعدهم من الأجر على المحافظة عليها ضعفي ما وعد على غيرها من سائر الصلوات .

وأحسب أن ذلك كان كذلك ، لأن الله تعالى ذكره جعل الليل سكنا ، والناس من شغلهم بطلب المعاش والتصرف في أسباب المكاسب= هادئون ، إلا القليل منهم ، وللمحافظة على فرائض الله وإقام الصلوات المكتوبات فارغون . ( 98 ) وكذلك ذلك في صلاة الصبح ، لأن ذلك وقت قليل من يتصرف فيه للمكاسب والمطالب ، ولا مؤونة عليهم في المحافظة عليها . وأما صلاة الظهر ، فان وقتها وقت قائلة الناس واستراحتهم من مطالبهم ، في أوقات شدة الحر وامتداد ساعات النهار ، ووقت توديع النفوس والتفرغ لراحة الأبدان في أوان البرد وأيام الشتاء= وأن المعروف من الأوقات لتصرف الناس في مطالبهم ومكاسبهم ، والاشتغال بسعيهم لما لا بد منه لهم من طلب أقواتهم- وقتان من النهار .

أحدهما أول النهار بعد طلوع الشمس إلى وقت الهاجرة . وقد خفف الله تعالى ذكره فيه عن عباده عبء تكليفهم في ذلك الوقت ، وثقل ما يشغلهم عن سعيهم في مطالبهم ومكاسبهم ، وإن كان قد حثهم في كتابه وعلى لسان رسوله في ذلك الوقت على صلاة ، ووعدهم عليها الجزيل من ثوابه ، من غير أن يفرضها عليهم ، وهي صلاة الضحى .

والآخر منهما آخر النهار ، وذلك من بعد إبراد الناس إمكان التصرف وطلب المعاش صيفا وشتاء ، إلى وقت مغيب الشمس . وفرض عليهم فيه صلاة العصر ، ثم حث على المحافظة عليها لئلا يضيعوها= لما علم من إيثار عباده أسباب عاجل دنياهم وطلب معايشهم فيها ، على أسباب آجل آخرتهم= بما حثهم به عليه في كتابه ، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، ووعدهم من جزيل ثوابه على المحافظة عليها ما قد ذكرت بعضه في كتابنا هذا ، وسنذكر باقيه في كتابنا الأكبر إن شاء الله من ( كتاب أحكام الشرائع ) .

قال أبو جعفر : وإنما قيل لها " الوسطى " لتوسطها الصلوات المكتوبات الخمس ، وذلك أن قبلها صلاتين ، وبعدها صلاتين ، وهي بين ذلك وسطاهن .

" والوسطى " " الفعلى " من قول القائل : " وسطت القوم أسطهم سطة ووسوطا " ، إذا دخلت وسطهم . ويقال للذكر فيه : " هو أوسطنا " وللأنثى : " هي وسطانا " . ( 99 )

القول في تأويل قوله : وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ( 238 )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في معنى قوله " قانتين " .

فقال بعضهم : معنى " القنوت " ، الطاعة . ومعنى ذلك : وقوموا لله في صلاتكم مطيعين له فيما أمركم به فيها ونهاكم عنه .

* ذكر من قال ذلك :

5498- حدثني علي بن سعيد الكندي قال ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن ابن عون ، عن الشعبي في قوله : " وقوموا لله قانتين " ، قال : مطيعين .

5499- حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال ، حدثنا ابن إدريس ، عن ابن عون ، عن الشعبي مثله .

5500- حدثني ابن حميد قال ، حدثنا يحيى بن واضح قال ، حدثنا أبو المنيب ، عن جابر بن زيد : " وقوموا لله قانتين " ، يقول : مطيعين . ( 100 ) .

5501- حدثني أبو السائب قال ، حدثنا ابن إدريس ، عن عثمان بن الأسود ، عن عطاء : " وقوموا لله قانتين " ، قال : مطيعين .

5502- حدثنا أحمد بن عبدة الحمصي قال ، حدثنا أبو عوانة ، عن ابن يشر ، عن سعيد بن جبير في قوله : " وقوموا لله قانتين " ، قال : مطيعين . ( 101 )

5503- حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان ، عن الربيع بن أبي راشد ، عن سعيد بن جبير أنه سئل عن " القنوت " ، فقال : القنوت الطاعة . ( 102 )

5504- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا يحيى بن واضح قال ، حدثنا عبيد بن سليمان ، عن الضحاك قال : القنوت ، الذي ذكره الله في القرآن ، إنما يعني به الطاعة .

5505- حدثني يحيى بن أبي طالب قال ، أخبرنا يزيد بن هارون قال ، أخبرنا جويبر ، عن الضحاك : " وقوموا لله قانتين " ، قال : إن أهل كل دين يقومون لله عاصين ، فقوموا أنتم لله طائعين .

5506- حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : " وقوموا لله قانتين " ، قال : قوموا لله مطيعين في كل شيء ، وأطيعوه في صلاتكم .

5507- حدثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ قال ، أخبرنا عبيد قال ، سمعت الضحاك يقول : " وقوموا لله قانتين " ، القنوت الطاعة ، يقول : لكل أهل دين صلاة ، يقومون في صلاتهم لله عاصين ، فقوموا لله مطيعين .

5508- حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " قانتين " ، يقول : مطيعين .

5509- حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " وقوموا لله قانتين " ، قال : مطيعين .

5510- حدثني المثنى قال ، حدثنا الحماني قال ، حدثني شريك ، عن سالم ، عن سعيد : " وقوموا لله قانتين " ، يقول : مطيعين .

5511- حدثني عمران بن بكار الكلاعي قال ، حدثنا خطاب بن عثمان قال ، حدثنا أبو روح عبد الرحمن بن سنان السكوني= حمصي لقيته بأرمينية= قال ، سمعت الحسن بن أبي الحسن يقول في قوله : " وقوموا لله قانتين " ، قال : طائعين .

5512- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : " وقوموا لله قانتين " ، قال : مطيعين .

5513- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

5514- حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " وقوموا لله قانتين " ، يقول : مطيعين .

5515- حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال ، حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن عطية قال : كانوا يأمرون في الصلاة بحوائجهم ، حتى أنزلت : " وقوموا لله قانتين " ، فتركوا الكلام . قال : " قانتين " ، مطيعين .

5516- حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال ، حدثنا عبيد الله بن موسى قال ، أخبرنا فضيل ، عن عطية في قوله : " وقوموا لله قانتين " ، قال : كانوا يتكلمون في الصلاة بحوائجهم حتى نزلت : " وقوموا لله قانتين " ، فتركوا الكلام في الصلاة .

5517- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ، قال ابن عباس في قوله : " وقوموا لله قانتين " ، قال : كان أهل دين يقومون فيها عاصين ، فقوموا أنتم لله مطيعين .

5518- حدثنا الربيع بن سليمان قال ، حدثنا أسد بن موسى قال ، حدثنا ابن لهيعة قال ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : كل حرف في القرآن فيه " القنوت " ، فإنما هو " الطاعة " . ( 103 )

5519- حدثنا العباس بن الوليد قال ، أخبرني أبي قال ، حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال : القنوت طاعة الله ، يقول الله تعالى ذكره : " وقوموا لله قانتين " ، مطيعين .

5520- حدثنا سعيد بن الربيع قال ، حدثنا سفيان قال ، قال ابن طاوس : كان أبي يقول : القنوت طاعة الله .

وقال آخرون : " القنوت " في هذه الآية ، السكوت . وقالوا : تأويل الآية : وقوموا لله ساكتين عما نهاكم الله أن تتكلموا به في صلاتكم .

* ذكر من قال ذلك :

5521- حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : " وقوموا لله قانتين " ، القنوت ، في هذه الآية ، السكوت .

5522- حدثني موسى قال ، حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدى في خبر ذكره ، عن مرة ، عن ابن مسعود قال : كنا نقوم في الصلاة فنتكلم ، ويسأل الرجل صاحبه عن حاجته ، ويخبره ، ويردون عليه إذا سلم ، حتى أتيت أنا فسلمت فلم يردوا علي السلام ، فاشتد ذلك علي ، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قال : إنه لم يمنعني أن أرد عليك السلام إلا أنا أمرنا أن نقوم قانتين لا نتكلم في الصلاة= والقنوت : السكوت . ( 104 )

5523- حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال ، حدثنا الحكم بن ظهير ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله قال : كنا نتكلم في الصلاة ، فسلمت على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد علي ، فلما انصرف قال : قد أحدث الله أن لا تكلموا في الصلاة ، ونزلت هذه الآية : " وقوموا لله قانتين " . ( 105 )

5524- حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري قال ، أخبرنا محمد بن يزيد ، وحدثنا أبو كريب قال ، حدثنا ابن أبي زائدة ، وابن نمير ، ووكيع ، ويعلى بن عبيد= جميعا ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الحارث بن شبل ، عن أبي عمرو الشيباني ، عن زيد بن أرقم قال : كنا نتكلم في الصلاة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يكلم أحدنا صاحبه في الحاجة ، حتى نزلت هذه الآية : ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) ، فأمرنا بالسكوت . ( 106 )

5525- حدثنا هناد بن السري قال ، حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة في قوله : " وقوموا لله قانتين " ، قال : كانوا يتكلمون في الصلاة ، يجيء خادم الرجل إليه وهو في الصلاة فيكلمه بحاجته ، فنهوا عن الكلام .

5526- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا هارون بن المغيرة عن عنبسة ، عن الزبير بن عدي ، عن كلثوم بن المصطلق ، عن عبد الله بن مسعود قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان عودني أن يرد علي السلام في الصلاة ، فأتيته ذات يوم فسلمت فلم يرد علي ، وقال : إن الله يحدث في أمره ما يشاء ، وإنه قد أحدث لكم في الصلاة أن لا يتكلم أحد إلا بذكر الله ، وما ينبغي من تسبيح وتمجيد : " وقوموا لله قانتين " . ( 107 )

5527- حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : " وقوموا لله قانتين " ، قال : إذا قمتم في الصلاة فاسكتوا ، لا تكلموا أحدا حتى تفرغوا منها . قال : والقانت المصلي الذي لا يتكلم .

وقال آخرون : " القنوت " في هذه الآية ، الركوع في الصلاة والخشوع فيها . وقالوا في تأويل الآية : وقوموا لله في صلاتكم خاشعين ، خافضي الأجنحة ، غير عابثين ولا لاعبين .

* ذكر من قال ذلك :

5528- حدثني سلم بن جنادة قال ، حدثنا ابن إدريس ، عن ليث ، عن مجاهد : " وقوموا لله قانتين " ، قال : فمن القنوت طول الركوع ، وغض البصر ، وخفض الجناح ، والخشوع من رهبة الله . كان العلماء إذا قام أحدهم يصلي يهاب الرحمن أن يلتفت ، أو أن يقلب الحصى ، أو يعبث بشيء ، أو يحدث نفسه بشيء من أمر الدنيا إلا ناسيا .

5529- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد نحوه= إلا أنه قال : فمن القنوت الركود والخشوع .

5530- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن ليث ، عن مجاهد : " وقوموا لله قانتين " ، قال : من القنوت الخشوع ، وخفض الجناح من رهبة الله . وكان الفقهاء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا قام أحدهم إلى الصلاة ، لم يلتفت ، ولم يقلب الحصى ، ولم يحدث نفسه بشيء من أمر الدنيا إلا ناسيا حتى ينصرف .

5531- حدثت عن عمار بن الحسن قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن ليث ، عن مجاهد في قوله " وقوموا لله قانتين " ، قال : إن من القنوت الركود ، ثم ذكر نحوه .

5532- حدثنا عن عمار قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " وقوموا لله قانتين " ، قال : القنوت الركود- يعني القيام في الصلاة والانتصاب له .

وقال آخرون : بل " القنوت " ، في هذا الموضع ، الدعاء . قالوا : تأويل الآية : وقوموا لله راغبين في صلاتكم . ( 108 )

* ذكر من قال ذلك :

5533- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا ابن علية= وحدثنا ابن بشار قال ، حدثنا ابن أبي عدي وعبد الوهاب ومحمد بن جعفر= جميعا ، عن عوف ، عن أبي رجاء ، قال : صليت مع ابن عباس الغداة في مسجد البصرة ، فقنت بنا قبل الركوع ، وقال : هذه الصلاة الوسطى التي قال الله : " وقوموا لله قانتين " . ( 109 )

قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل قوله : " وقوموا لله قانتين " ، قول من قال : تأويله : " مطيعين " .

وذلك أن أصل " القنوت " ، الطاعة ، وقد تكون الطاعة لله في الصلاة بالسكوت عما نهى الله [ عنه ] من الكلام فيها . ( 110 ) ولذلك وجه من وجه تأويل " القنوت " في هذا الموضع ، إلى السكوت في الصلاة= أحد المعاني التي فرضها الله على عباده فيها= إلا عن قراءة قرآن أو ذكر له بما هو أهله . ومما يدل على أنهم قالوا ذلك كما وصفنا ، قول النخعي ومجاهد الذي : -

5534- حدثنا به أحمد بن إسحاق الأهوازي قال ، حدثنا أبو أحمد الزبيري ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، ومجاهد قالا كانوا يتكلمون في الصلاة ، يأمر أحدهم أخاه بالحاجة ، فنزلت " وقوموا لله قانتين " ، قال : فقطعوا الكلام . و " القنوت " : السكوت ، و " القنوت " الطاعة .

فجعل إبراهيم ومجاهد " القنوت " سكوتا في طاعة الله ، على ما قلنا في ذلك من التأويل .

وقد تكون الطاعة لله فيها بالخشوع ، وخفض الجناح ، وإطالة القيام ، وبالدعاء ، لأن كل [ ذلك ] غير خارج من أحد معنيين : ( 111 ) من أن يكون مما أمر به المصلي ، أو مما ندب إليه ، والعبد بكل ذلك لله مطيع ، وهو لربه فيه قانت . و " القنوت " : أصله الطاعة لله ، ثم يستعمل في كل ما أطاع الله به العبد .

فتأويل الآية إذا : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ، وقوموا لله فيها مطيعين ، بترك بعضكم فيها كلام بعض وغير ذلك من معاني الكلام ، سوى قراءة القرآن فيها ، أو ذكر الله بالذي هو أهله ، أو دعائه فيها ، غير عاصين لله فيها بتضييع حدودها ، والتفريط في الواجب لله عليكم فيها وفي غيرها من فرائض الله .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ} (238)

{ حافظوا على الصلوات } بالأداء لوقتها والمداومة عليها ، ولعل الأمر بها في تضاعيف أحكام الأولاد والأزواج لئلا يلهيهم الاشتغال بشأنهم عنها . { والصلاة الوسطى } أي الوسطى بينها ، أو الفضلى منها خصوصا وهي صلاة العصر لقوله عليه الصلاة والسلام يوم الأحزاب " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم نارا " . وفضلها لكثرة اشتغال الناس في وقتها ، واجتماع الملائكة . وقيل صلاة الظهر لأنها في وسط النهار وكانت أشق الصلوات عليهم فكانت أفضل لقوله عليه الصلاة والسلام " أفضل العبادات أحمزها " . وقيل صلاة الفجر لأنها بين صلاتي النهار والليل والواقعة في الحد المشترك بينهما ولأنها مشهودة . وقيل المغرب لأنها المتوسطة بالعدد ووتر النهار . وقيل العشاء لأنها بين جهريتين واقعتين طرفي الليل . وعن عائشة رضي الله تعالى عنها : أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ : " والصلاة الوسطى العصر " ، فتكون صلاة من الأربع خصت بالذكر مع العصر لانفرادهما بالفضل . وقرئ بالنصب على الاختصاص والمدح .

{ وقوموا لله } في الصلاة . { قانتين } ذاكرين له في القيام ، والقنوت الذكر فيه . وقيل خاشعين ، وقال ابن المسيب المراد به القنوت في الصبح .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ} (238)

حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ( 238 )

الخطاب لجميع الأمة ، والآية أمر بالمحافظة على إقامة الصلوات في أوقاتها وبجميع شروطها ، وذكر تعالى { الصلاة الوسطى } ثانية وقد دخلت قبل في عموم قوله { الصلوات } لأنه قصد تشريفها وإغراء المصلين بها ، وقرأ أبو جعفر أبو الرؤاسي( {[2304]} ) «والصلاةَ الوسطى » بالنصب على الإغراء ، وقرأ كذلك الحلواني( {[2305]} ) .

واختلف الناس من أي صلاة هو هذا الوصف ، فذهبت فرقة إلى أنها الصبح وأن لفظ { وسطى }( {[2306]} ) يراد به الترتيب ، لأنها قبلها صلاتا ليل يجهر فيهما ، وبعدها صلاتا نهار يسر فيهما ، قال هذا القول علي بن أبي طالب ، وابن عباس( {[2307]} ) ، وصلى( {[2308]} ) بالناس يوماً الصبح فقنت قبل الركوع فلما فرغ قال : «هذه الصلاة الوسطى التي أمرنا الله أن نقوم فيها قانتين » ، وقاله أبو العالية ورواه عن جماعة من الصحابة ، وقاله جابر بن عبد الله وعطاء بن أبي رباح وعكرمة ومجاهد وعبد الله بن شداد بن الهادي( {[2309]} ) والربيع ومالك بن أنس . وقوى مالك ذلك بأن الصبح لا تجمع إلى غيرها ، وصلاتا جمع قبلها وصلاتا جمع بعدها( {[2310]} ) ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبْواً » ، وقال : «إنهما أشدّ الصلوات على المنافقين »( {[2311]} ) ، وفضل الصبح لأنها كقيام ليلة لمن شهدها والعتمة نصف ليلة( {[2312]} ) ، وقال الله تعالى { إن قرآن الفجر كان مشهوداً }( {[2313]} ) [ الإسراء : 78 ] ، فيقوي هذا كله أمر الصبح .

وقالت فرقة : هي صلاة الظهر . قاله زيد بن ثابت ورفع فيه حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم( {[2314]} ) . وقاله أبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمر . واحتج قائلوا هذه المقالة بأنها أول صلاة صليت في الإسلام ، فهي وسطى بذلك ، أي فضلى ، فليس هذا التوسط في الترتيب ، وأيضاً فروي أنها كانت أشق الصلوات على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لأنها كانت تجيء في الهاجرة ، وهم قد نفعتهم أعمالهم في أموالهم( {[2315]} ) ، وأيضاً فيدل على ذلك ما قالته حفصة وعائشة حين أملتا : حافظو على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر( {[2316]} ) ، فهذا اقتران الظهر والعصر .

وقالت فرقة : { الصلاة الوسطى } صلاة العصر لأنها قبلها صلاتا نهار وبعدها صلاتا ليل ، وروي هذا القول أيضاً عن علي بن أبي طالب وابن عباس وأبي هريرة وابن عمر وأبي سعيد الخدري ، وفي مصحف عائشة رضي الله عنها «والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر » ، وهو قولها المروي عنها . وقاله الحسن البصري وإبراهيم النخعي ، وفي إملاء حفصة أيضاً «والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر » ، ومن روى «وصلاة العصر » فيتناول أنه عطف ( {[2317]} )الصفتين على الأخرى وهما لشيء واحد( {[2318]} ) . كما تقول جاءني زيد الكريم والعاقل ، وروي عن ابن عباس أنه قرأ «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر » ، على البدل ، وروى هذا القول سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم وتواتر الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم الأحزاب «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً » ، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : «كنا نرى أنها الصبح حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر .

فعرفنا أنها العصر « ، وقال البراء ابن عازب : كنا نقرأ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم : حافظوا على الصلوات وصلاة العصر . ثم نسخها الله ، فقرأنا : { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى } . فقال له رجل : فهي العصر ؟ ، قال : » قد أخبرتك كيف قرأناها وكيف نسخت( {[2319]} ) « ، والله أعلم . وروى أبو مالك الأشعري أن رسول الله صلى عليه وسلم قال : الصلاة الوسطى صلاة العصر ( {[2320]} ) .

قال القاضي أبو محمد : وعلى هذا القول جمهور الناس وبه أقوال والله أعلم( {[2321]} ) .

وقال قبيصة بن ذؤيب : الصلاة الوسطى صلاة المغرب ، لأنها متوسطة في عدد الركعات ليست ثنائية ولا رباعية ، وأيضاً فقبلها صلاتا سر وبعدها صلاتا جهر ، وحكى أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر في شرح باب جامع الوقوت وغيره عن فرقة أن { الصلاة الوسطى } صلاة العشاء الآخرة ، وذلك انها تجيء في وقت نوم وهي أشد الصلوات على المنافقين ، ويستحب تأخيرها وذلك شاق فوقع التأكيد في المحافظة عليها ، وأيضاً فقبلها صلاتان وبعدها صلاتان .

وقالت فرقة : { الصلاة الوسطى } لم يعينها الله تعالى لنا ، فهي في جملة الخمس غير معينة ، كليلة القدر في ليالي العشر ، فعَلَ الله ذلك لتقع المحافظة على الجميع ، قاله نافع عن ابن عمر وقاله الربيع بن خثيم .

وقالت فرقة : { الصلاة الوسطى } هي صلاة الجمعة فإنها وسطى فضلى ، لما خصت به من الجمع والخطبة وجعلت عيداً ، ذكره ابن حبيب ومكي .

وقال بعض العلماء : { الصلاة الوسطى } المكتوبة الخمس( {[2322]} ) ، وقوله أولاً { على الصلوات } يعم النفل والفرض ، ثم خص الفرض بالذكر ، ويجري مع هذا التأويل قوله صلى الله عليه وسلم : شغلونا عن الصلاة الوسطى .

وقوله تعالى { وقوموا لله قانتين } معناه في صلاتكم ، واختلف الناس في معنى { قانتين } ، فقال الشعبي : » معناه مطيعين « ، وقاله جابر بن زيد وعطاء وسعيد بن جبير ، وقال الضحاك : كل قنوت في القرآن فإنما يعنى به الطاعة ، وقاله أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن أهل كل دين فهم اليوم يقومون لله عاصمين ، فقيل لهذه الأمة وقوموا لله مطيعين ، وقال نحو هذا الحسن بن أبي الحسن وطاوس ، وقال السدي : » قانتين معناه ساكتين »( {[2323]} ) ، وهذه الآية نزلت في المنع من الكلام في الصلاة وكان ذلك مباحاً في صدر الإسلام .

وقال عبد الله بن مسعود : «كنا نتكلم في الصلاة ونرد السلام ويسأل الرجل صاحبه عن حاجته » قال : «ودخلت يوماً والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس فسلمت فلم يرد عليّ أحد ، فاشتد ذلك عليَّ ، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أنا أمرنا أن نقوم قانتين لا نتكلم في الصلاة ، والقنوت السكوت ، وقاله زيد بن أرقم ، وقال : كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت : { وقوموا لله قانتين } ، فأمرنا بالسكوت ، وقال مجاهد : معنى قانتين خاشعين ، القنوت طول الركوع الخشوع وغض البصر وخفض الجناح .

قال القاضي أبو محمد : وإحضار الخشية والفكر في الوقوف بين يدي الله تعالى ، وقال الربيع : القنوت طول القيام وطول الركوع والانتصاب له ، وقال قوم : القنوت الدعاء ، و { قانتين } معناه داعين ، روي معنى هذا عن ابن عباس ، وفي الحديث : قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً يدعو على رعل وذكوان ، فقال قوم : معناه دعا ، وقال قوم : معناه طوّل قيامه ، ولا حجة في هذا الحديث لمعنى الدعاء( {[2324]} ) .


[2304]:- هو محمد بن الحسن بن أبي سارة الكوفي النحوي، إمام مشهور، روى الحروف عن أبي عمرو، وله اختيار في القراءة يروى عنه، واختيار في الوقوف، روى عنه علي بن حمزة الكسائي، وخلاد بن خالد الصيرفي.
[2305]:- هو أحمد بن يزيد الصفار المعروف بازداذ. أبو الحسن الحلواني، إمام كبير عارف صدوق متقن ضابط خصوصا في قالون وهشام، توفي سنة 250هـ.
[2306]:- الذي تقتضيه قواعد اللغة العربية أن (الوسطى) مؤنث الأوسط بمعنى الفُضْلى مؤنث الأفضل، وأفعل التفضيل لا يبنى إلا مما يقبل الزيادة والنقصان، وكل ما لا يكون كذلك فلا يبنى منه أفعل التفضيل، وكون الشيء وسطا بين شيئين يجعله صالحاً لأن يبنى منه أفعل التفضيل، فينبغي أن يكون معنى الوسطى الفضلى، لأن ذلك يرجع إلى معنى يقبل التفاوت والتفاضل.
[2307]:- رواه الإمام مالك عنهما في الموطأ بلاغاً.
[2308]:- أي ابن عباس رضي الله عنهما. وقد تفيد (الواو) في قول ابن عطية رواية عن الإمام مالك: (وصلى) أن ابن عباس قال ذلك حين صلى بالناس يوما الصبح... الخ.
[2309]:- هو الليثي. ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من أهل العلم، روى عن عمر وعلي وعن أبيه شداد.
[2310]:- قبلها صلاة المغرب والعشاء، وبعدها صلاة الظهر والعصر، وكل من الصلاتين يجمع تقديما وتأخيراً.
[2311]:- هذه الأحاديث التي تتضمن فضل صلاة العشاء والصبح غير واضحة الدلالة على أنها هي الصلاة الوسطى، والحديث الأول والثاني رواه البخاري وغيره.
[2312]:- رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والإمام مسلم.
[2313]:- من الآية (78) من سورة (الإسراء).
[2314]:- رواه ابن جرير الطبري مرفوعا، وروى مالك في موطئه، وأبو داود الطيالسي في مسنده عن زيد بن ثابت قال: (الصلاة الوسطى صلاة الظهر) زاد أبو داود الطيالسي: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها بالهجر».
[2315]:- أي أعيتهم وأتعبتهم أعمالهم. يقال: نَفِهت نفس فلان نفها: أعْيَتْ وكلَّت. فهو نافهٌ (ج) نُفَّه.
[2316]:- يعني أن اقتران صلاة العصر بالصلاة الوسطى دلالة على أن المراد بها الظهر إذ للقرآن معنى خاص، ويأتي أن هذه الزيادة هي من تفسير النبي صلى الله عليه وسلم، وليست من القرآن. وقد يقال أيضا: إن هذه الزيادة ربما تدل على أن صلاة العصر غير صلاة الوسطى، لأن العطف يقتضي المغايرة، وهذا مصادم لما قاله النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب.
[2317]:- حاصله أنه رُوي: «والصلاة الوسطى وصلاة العصر» بالعطف، وبدون عطف على أنها بدل، وروي أيضا: «والصلاة الوسطى وهي العصر»، والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر»، فهذه أربع روايات، وهي تتعارض فيما بينها، وحديث البراء بن عازب قد يدل على نسخ ذلك، فتأمل، وأيا ما يكون فإن ذلك من باب التفسير، وليس من القرآن في شيء لعدم تواتره، ولذا لم يثبت في المصحف الإمام.
[2318]:- فهو من عطف الصفات، لا من عطف الذوات، وكان ذلك لاختلاف اللفظين.
[2319]:- هذا الحديث رواه الإمام مسلم، وغيره. وقد عضد به ابن عطية رحمه الله القول بأن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، وفهمه أبو عبد الله (ق) رحمه الله على أنها مبهمة غير معينة قال: «يلزم من هذا الحديث أنها بعد أن عينت نسخ تعيينها وأُبهمت»، ثم قال: «وهذا هو الصحيح إن شاء الله لتعارض الأدلة وعدم الترجيح فلم يبق إلا المحافظة على الصلوات الخمس وأدائها في أوقاتها».
[2320]:- رواه ابن جرير، وقال الحافظ بن كثير: إسناده لا بأس به، ورواه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن مسعود، وسمرة بن جندب كما عند الترمذي في جامعه، وابن حبان في صحيحه.
[2321]:- هذا القول هو الراجح عند أهل الحديث، وهو قول الجمهور، ورجحه الإمام الطبري وأبو بكر بن العربي المعافري، وأبو محمد بن عطية، وأبو حيان الأندلسي، وشيخه الحافظ أبو محمد، وغيرهم من الأعلام، وما ذلك إلا لأنه استفاض من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب، ولا قول لأحد مع قول النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنه قد يقال: إذا كان قد ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فلماذا اختلف الصحابة في هذه المسألة اختلافا واسعا ؟ وقد قدمنا عن أبي عبد الله (ق) أنه صحح أنها مبهمة لتعارض الأدلة وانعدام الترجيح، والله أعلم.
[2322]:- هذا غير ما سبق من أنها في جملة الخمس غير معينة، وحاصله أن من العلماء من يقول: هي واحدة من الصلوات الخمس إلا أنها مبهمة، ومنهم من يقول: هي مجموع الصلوات الخمس ولو قال: الخمس المكتوبة لكان أوضح.
[2323]:- القنوت يتصرف في الكلام على معان كثيرة – إلا أن الراجح حمله على معنى السكوت في الآية لحديث عبد الله بن مسعود، ولحديث زيد بن أرقم في الصحيحين وغيرهما، وأما القنوت بمعنى الدعاء فقد داوم عليه صلى الله عليه وسلم في الصبح دون غيرها.
[2324]:- أي بدليل قوله: يدعو على رعل وذكوان، فلو كان قنت معناه دعا لتكرر ذلك، وإنما معناه أطال القيام للدعاء على رعل وذكوان الذين قتلوا القراء ببئر معونة. تنبيه: القيام في الفرض واجب على كل من قدر عليه فذاً كان أو إماماً، واختلفوا في المأموم إذا صلى قاعداً خلف إمام لا يستطيع القيام فقال بعضهم: إن ذلك جائز لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا صلى جلوساً فصلوا جلوساً أجمعون). وهو الصحيح، وقال بعضهم: يجوز أن يصلي خلفه وهو قائم إذ كل منهما يؤدي فرضه على حسب طاقته، انظر تفسير (ق) رحمه الله.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ} (238)

الانتقال من غرض إلى غرض في آي القرآن لا تلزم له قوة ارتباط ، لأن القرآن ليس كتاب تدريس يرتب بالتبويب وتفريع المسائل بعضها على بعض ، ولكنه كتاب تذكير وموعظة فهو مجموع ما نزل من الوحي في هدى الأمة وتشريعها وموعظتها وتعليمها ، فقد يجمع به الشيء للشيء من غير لزوم ارتباط وتفرع مناسبة ، وربما كفى في ذلك نزول الغرض الثاني عقب الغرض الأول ، أو تكون الآية مأموراً بإلحاقها بموضع معين من إحدى سور القرآن كما تقدم في المقدمة الثامنة ، ولا يخلو ذلك من مناسبة في المعاني ، أو في انسجام نظم الكلام ، فلعل آية { حافظوا على الصلوات } نزلت عقب آيات تشريع العدة والطلاق لسبب اقتضى ذلك من غفلة عن الصلاة الوسطى ، أو استشعار مشقة في المحافظة عليها ، فموقع هذه الآية موقع الجملة المعترضة بين أحكام الطلاق والعدد .

وإذا أبيت ألاّ تطلب الارتباط فالظاهر أنه لما طال تبيان أحكام كثيرة متوالية : ابتداء من قوله : { يسألونك ماذا ينفقون } [ البقرة : 215 ] ، جاءت هذه الآية مرتبطة بالتذييل الذي ذيلت به الآية السابقة وهو قوله : { وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم } [ البقرة : 237 ] فإن الله دعانا إلى خلق حميد ، وهو العفو عن الحقوق ، ولما كان ذلك الخلق قد يعسر على النفس ، لما فيه من ترك ما تحبه من الملائم ، من مال وغيره كالانتقام من الظالم ، وكان في طباع الأنفس الشح ، علمنا الله تعالى دواء هذا الداء بدواءين ، أحدهما دنيوي عقلي ، وهو قوله : { ولا تنسوا الفضل بينكم } ، المذكر بأن العفو يقرب إليك البعيد ، ويصير العدو صديقاً وأنك إن عفوت فيوشك أن تقترف ذنباً فيعفى عنك ، إذا تعارف الناس الفضل بينهم ، بخلاف ما إذا أصبحوا لا يتنازلون عن الحق .

الدواء الثاني أخروي روحاني : وهو الصلاة التي وصفها الله تعالى في آية أخرى بأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر ، فلما كانت معينة على التقوى ومكارم الأخلاق ، حث الله على المحافظة عليها .

ولك أن تقول : لما طال تعاقب الآيات المبينة تشريعات تغلب فيها الحظوظ الدنيوية للمكلفين ، عقبت تلك التشريعات بتشريع تغلب فيه الحظوظ الأخروية ، لكي لا يشتغل الناس بدراسة أحد الصنفين من التشريع عن دراسة الصنف الآخر ، قال البيضاوي : « أمر بالمحافظة عليها في تضاعيف أحكام الأولاد والأزواج ، لئلا يلهيهم الاشتغال بشأنهم عنها » .

وقال بعضهم : « لما ذكر حقوق الناس دلهم على المحافظة على حقوق الله » وهو في الجملة مع الإشارة إلى أن في العناية بالصلوات أداء حق الشكر لله تعالى على ما وجه إلينا من عنايته بأمورنا التي بها قوام نظامنا وقد أومأ إلى ذلك قوله في آخر الآية { كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون } [ البقرة : 239 ] أي من قوانين المعاملات النظامية .

وعلى هذين الوجهين الآخرين تكون جملة { حافظوا على الصلوات } معترضة وموقعها ومعناها مثل موقع قوله : { واستعينوا بالصبر والصلاة } [ البقرة : 45 ] بين جملة { يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي } [ البقرة : 40 ] . وبين جملة { يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين } [ البقرة : 122 ] وكموقع جملة { يأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين } [ البقرة : 153 ] بين جملة { فلا تخشوهم واخشوني } [ البقرة : 150 ] الآية وبين جملة : { ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات } [ البقرة : 154 ] الآية .

و { حافظوا } صيغة مفاعلة استعملت هنا للمبالغة على غير حقيقتها ، والمحافظة عليها هي المحافظة على أوقاتها من أن تؤخر عنها والمحافظة تؤذن بأن المتعلق بها حق عظيم يُخشى التفريط فيه . والمراد : الصلوات المفروضة . « وأل » في الصلوات للعهد ، وهي الصلوات الخمس المتكررة ؛ لأنها التي تُطلب المحافظة عليها .

{ والصلاة الوسطى } لا شك أنها صلاة من جملة الصلوات المفروضة لأن الأمر بالمحافظة عليها يدل على أنها من الفرائض ، وقد ذكرها الله تعالى في هذه الآية معرفة بلام التعريف وموصوفة بأنها وسطى ، فسمعها المسلمون وقرأوها ، فإما عرفوا المقصود منها في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم طرأ عليهم الاحتمال بعده فاختلفوا ، وإما شغلتهم العناية بالسؤال عن مهمات الدين في حياة الرسول عن السؤال عن تعيينها لأنهم كانوا عازمين على المحافظة على الجميع ، فلما تذاكروها بعد وفاته صلى الله عليه وسلم اختلفوا في ذلك فنبع من ذلك خلاف شديد أنهيت الأقوال فيه إلى نيف وعشرين قولاً ، بالتفريق والجمع ، وقد سلكوا للكشف عنها مسالك ؛ مرجعها إلى أخذ ذلك من الوصف بالوسطى ، أو من الوصاية بالمحافظة عليها .

فأما الذين تعلقوا بالاستدلال بوصف الوسطى : فمنهم من حاول جعل الوصف من الوسط بمعنى الخيار والفضل ، فرجع إلى تتبع ما ورد في تفضيل بعض الصلوات على بعض ، مثل قوله تعالى : { إن قرآن الفجر كان مشهوداً } [ الإسراء : 78 ] وحديث عائشة : " أفضل الصلوات عند الله صلاة المغرب " .

ومنهم من حاول جعل الوصف من الوسط : وهو الواقع بين جانبين متساويين من العدد فذهب يتطلب الصلاة التي هي بين صلاتين من كل جانب ، ولما كانت كل واحدة من الصلوات الخمس صالحة لأن تعتبر واقعة بين صلاتين ، لأن ابتداء الأوقات اعتباري ، ذهبوا يعينون المبدأ فمنهم من جعل المبدأ ابتداء النهار ، فجعل مبدأ الصلوات الخمس صلاة الصبح فقضى بأن الوسطى العصر ، ومنهم من جعل المبدأ الظهر ، لأنها أول صلاة فرضت ؛ كما في حديث جبريل في « الموطأ » ، فجعل الوسطى : المغرب .

وأما الذين تعلقوا بدليل الوصاية على المحافظة ، فذهبوا يتطلبون أشق صلاة على الناس تكثر المثبطات عنها ، فقال قوم : هي الظهر لأنها أشق صلاة عليهم بالمدينة ، كانوا أهل شغل ، وكانت تأتيهم الظهر وهم قد أتعبتهم أعمالهم ، وربما كانوا في إكمال أعمالهم ، وقال قوم : هي العشاء ؛ لما ورد أنها أثقل صلاة على المنافقين ، وقال بعضهم : هي العصر لأنها وقت شغل وعمل ؛ وقال قوم : هي الصبح لأنها وقت نوم في الصيف ، ووقت تطلب الدفء في الشتاء .

وأصح ما في هذا الخلاف : ما جاء من جهة الأثر وذلك قولان :

أحدهما أنها الصبح ، هذا قول جمهور فقهاء المدينة وهو قول عمر وابنه عبد الله وعلي وابن عباس وعائشة وحفصة وجابر بن عبد الله ، وبه قال مالك ، وهو عن الشافعي أيضاً ، لأن الشائع عندهم أنها الصبح ، وهم أعلم الناس بما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو قرينة حال .

القول الثاني : أنها العصر ، وهذا قول جمهور من أهل الحديث ، وهو قول عبد الله بن مسعود ، وروي عن علي أيضاً ، وهو الأصح عن ابن عباس أيضاً وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري ، ونسب إلى عائشة وحفصة والحسن ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي في رواية ، ومال إليه ابن حبيب من المالكية ، وحجتهم ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يومَ الخندق حين نسي أن يصلي العصر من شدة الشغل في حفر الخندق ، حتى غربت الشمس فقال : « شغلونا أي المشركون عن الصلاة الوسطى ، أضرم الله قبورهم ناراً » .

والأصح من هذين القولين أولهما لما في « الموطأ » و« الصحيحين » أن عائشة وحفصة أمَرَتا كاتبي مصحفيهما أن يكتبا قوله تعالى : { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين } وأسندت عائشة ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تسنده حفصة ، فإذا بطل أن تكون الوسطى هي العصر ، بحكم عطفها على الوسطى تعين كونها الصبح ، هذا من جهة الأثر .

وأما من جهة مسالك الأدلة المتقدمة ، فأفضلية الصبح ثابتة بالقرآن ، قال تعالى مخصصاً لها بالذكر { وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً } [ الإسراء : 78 ] وفي الصحيح أن ملائكة الليل وملائكة النهار يجتمعون عند صلاة الصبح ، وتوسطها بالمعنى الحقيقي ظاهر ، لأن وقتها بين الليل والنهار ، فالظهر والعصر نهاريتان ، والمغرب والعشاء ليليتان ، والصبح وقت متردد بين الوقتين ، حتى إن الشرع عامل نافلته معاملة نوافل النهار فشرع فيها الإسرار ، وفريضته معاملة فرائض الليل فشرع فيها الجهر .

ومن جهة الوصاية بالمحافظة عليها ، هي أجدر الصلوات بذلك لأنها الصلاة التي تكثر المثبطات عنها ، باختلاف الأقاليم والعصور والأمم ، بخلاف غيرها فقد تشق إحدى الصلوات الأخرى على طائفة دون أخرى ، بحسب الأحوال والأقاليم والفصول .

ومن الناس من ذهب إلى أن الصلاة الوسطى قصد إخفاؤها ليحافظ الناس على جميع الصلوات ، وهذا قول باطل ؛ لأن الله تعالى عرَّفها باللام ووصفها فكيف يكون مجموع هذين المعرفين غير مفهوم وأما قياس ذلك على ساعة الجمعة وليلة القدر ففاسد ، لأن كليهما قد ذكر بطريق الإبهام وصحت الآثار بأنها غير معينة .

هذا خلاصة ما يعرض هنا في تفسير الآية .

وقوله تعالى : { وقوموا لله قانتين } أمر بالقيام في الصلاة بخضوع ، فالقيام الوقوف ، وهو ركن في الصلاة فلا يترك إلا لعذر ، وأما القنوت : فهو الخضوع والخشوع قال تعالى : { وكانت من القانتين } [ التحريم : 12 ] وقال : { إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفاً } [ النحل : 120 ] وسمي به الدعاء المخصوص الذي يدعى به في صلاة الصبح أو في صلاة المغرب ، على خلاف بينهم ، وهو هنا محمول على الخضوع والخشوع ، وفي الصحيح عن ابن مسعود « كنا نسلم على رسول الله وهو يصلي فيرد علينا فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا وقال : إن في الصلاة لشغلاً » وعن زيد بن أرقم : كان الرجل يكلم الرجل إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت { وقوموا لله قانتين } فأمرنا بالسكوت . فليس { قانتين } هنا بمعنى قارئين دعاء القنوت ، لأن ذلك الدعاء إنما سمي قنوتاً استرواحاً من هذه الآية عند الذين فسروا الوسطى بصلاة الصبح كما في حديث أنس « دعا النبي على رعل وذكوان في صلاة الغداة شهراً وذلك بدء القنوت وما كنا نقنت » .