جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ} (238)

{ حَافِظُواْ {[462]} وعليه الأكثرون ، وأنها بين صلاتي النهار وصلاتي الليل أو الصبح لأنها مثل العصر ، أو الظهر لأنها في وسط النهار ، أو واحدة من الخمسة لا بعينها كليلة القدر ، وقيل : المغرب لأنها الوسطى في العدد بين الرباعية والثنائية ، وقيل : العشاء لأنها بين جهريتين وقيل : صلاة الجماعة ، وقيل : الجمعة ، وقيل : العيد ، وقيل الضحى ، وقيل الوتر ، { وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ {[463]} } ، أي : خاشعين ذليلين بين يديه والمراد القنوت في الصبح .


[462]:ولما ذكر وفصل وبين أمر الطلاق والرضاع والصداق والنفقة والإنفاق والتربص والتخلص والخمر والزمر، ثم رجع بعده إلى شيء من أحوال الزوج والزوجات وسط بينهما وصية حفظ الصلاة إشارة إلى ما قال: "لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله" [المنافقون: 9] فعلى أي حال وشغل شغلكم لا تتركوا الصلاة فقال: حافظوا على الصلاة والصلاة الوسطى الآية/12 وجيز]}: داوموا، {عَلَى الصَّلَوَاتِ}، ذكرها بين الآيات إشعاراً بألا تلهيكم الأزواج والأولاد عن ذكر الله، {والصَّلاَةِ الْوُسْطَى}، صلاة العصر [وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنه قال يوم الأحزاب: شغلونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر" رواه مسلم وغيره بروايات متعددة/12 منه [انظر صحيح مسلم (2/273) ط الشعب]، وذكر في الفتح بعد تصحيح هذا القول، وأما حجج بقية الأقوال فليس فيها شيء مما ينبغي الاشتغال به ؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء، وبعض القائلين عول على أمر لا يعول عليه، فقال: إنها صلاة كذا لأنها وسطى بالنسبة إلى أن ما قبلها كذا من الصلوات وبعدها كذا من الصلوات، وهذا الرأي المحض والتخمين البحث لا ينبغي أن تستند إليه الأحكام الشرعية، على فرض عدم وجود ما يعارضه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف مع وجود ما هو في أعلى درجات الصحة والقوة والثبوت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيا الله العجب من قوم لم يكتفوا بتقصيرهم في علم السنة، وإعراضهم.
[463]:وقيل: معناه ساكتين قال السدي ويدل عليه حديث زيد بن أرقم في الصحيحين وغيرهما، قال: كان الرجل يكلم صاحبه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في الحاجة في الصلاة حتى نزلت هذه الآية "وقوموا لله قانتين" فـأمرنا بالسكوت [أخرجه البخاري في التفسير (4534)] فالمتغير هاهنا حمل القنوت على السكوت للحديث المذكور/12 فتح