الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ} (238)

{ والصلاة الوسطى } أي الوسطى بين الصلوات ، أو الفضلى ، من قولهم للأفضل : الأوسط . وإنما أفردت وعطفت على الصلاة لانفرادها بالفضل وهي صلاة العصر . وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم الأحزاب . " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملأ الله بيوتهم ناراً " وقال عليه الصلاة و السلام . " إنها الصلاة التي شغل عنها سليمان بن داود حتى توارت بالحجاب " وعن حفصة أنها قالت لمن كتب لها المصحف : إذا بلغت هذه الآية فلا تكتبها حتى أمليها عليك كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ، فأملت عليه : والصلاة الوسطى صلاة العصر وروي عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم : والصلاة الوسطى وصلاة العصر ؛ بالواو . فعلى هذه القراءة يكون التخصيص لصلاتين : إحداهما الصلاة الوسطى ، إمّا الظهر ، وإمّا الفجر وإمّا المغرب ، على اختلاف الروايات فيها ، والثانية : العصر ، وقيل : فضلها لما في وقتها من اشتغال الناس بتجاراتهم ومعايشهم . وعن ابن عمر رضي الله عنهما : هي صلاة الظهر لأنها في وسط النهار ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها بالهاجرة ، ولم تكن صلاة أشدّ على أصحابه منها . وعن مجاهد : هي الفجر لأنها بين صلاتي النهار وصلاتي الليل . وعن قبيصة بن ذؤيب : هي المغرب ، لأنها وتر النهار ولا تنقص في السفر من الثلاث وقرأ عبد الله : «وعلى الصلاة الوسطى » : وقرأت عائشة رضي الله عنها «والصلاة الوسطى » بالنصب على المدح والاختصاص . وقرأ نافع : «الوصطى » ، بالصاد { وَقُومُواْ لِلَّهِ } في الصلاة { قانتين } ذاكرين لله في قيامكم . والقنوت : أن تذكر الله قائماً . وعن عكرمة كانوا يتكلمون في الصلاة فنهوا . وعن مجاهد : هو الركود وكف الأيدي والبصر . وروي : أنهم كانوا إذا قام أحدهم إلى الصلاة هاب الرحمن أن يمدّ بصره أو يلتفت ، أو يقلب الحصا ، أو يحدّث نفسه بشيء من أمور الدنيا .