فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ} (238)

{ حافظوا } داوموا وواظبوا . { الوسطى } الأخير والأفضل .

{ قانتين } . خاضعين مطيعين ساكتين

عهد المولى إلينا أن نداوم ونواظب على الصلوات وأن نلزم الصلاة الأخير الأفضل وهي صلاة العصر- على الأرجح{[739]} - وأن نقف لله تعالى في صلاتنا طائعين{[740]} ساكتين روى الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا فلما رجعنا من عند النجاشي{[741]} سلمنا عليه فلم يرد علينا فقلنا يا رسول الله كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا فقال ( إن في الصلاة شغلا ) ؛ ونقل ابن كثير عن صحيح ومسلم ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وذكر الله ) وصحت الأحاديث التي تشهد أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب – وفي رواية يوم الخندق – ( ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس ) ، وفي رواية : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، وذكر نحوه ، وزاد في أخرى : ثم صلاها بين المغرب والعشاء ؛ ولمسلم –في المساجد ومواضع الصلاة- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : حبس المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر حتى احمرت الشمس أو اصفرت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا أو حشا الله أجوافهم وقبورهم نارا ) .


[739]:إذ اختلفوا في تعيينها على عشرة أقوال.
[740]:والمراد بمحافظتها رعاية جميع شرائطها من طهارة البدن والثوب والمكان ومن ستر العورة واستقبال القبلة والإتيان بأركانها وهيأتها والاحتراز عن مفسداتها من أعمال القلب وأعمال اللسان والجوارح ومعنى المفاعلة في المحافظة إما لأنها بين العبد والرب كأنه قيل احفظ الصلاة يحفظك الإله الذي أمرك بالصلاة كقوله عز من قائل فاذكروني أذكركم... وفي الحديث {احفظ الله يحفظك} وإما لأنها بين المصل والصلاة فمن حفظ الصلاة حفظته الصلاة عن المناهي وصدق الله العظيم {.. إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر..} وحفظته عن الفتن والمحن كما في الآية {واستعينوا بالصبر والصلاة..} مقتبس مما أورد النيسابوري بتصرف.
[741]:أي عادوا بعد أن كانوا قد هاجروا إلى الحبشة وكانت عودتهم بعد سبع سنين من هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.