السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ} (238)

{ حافظوا على الصلوات } الخمس بأدائها في أوقاتها ، ولعل الأمر بالصلاة إنما وقع في تضاعيف أحكام الأولاد والأزواج ؛ لئلا يلهيهم الاشتغال بشأنهم عنها . { والصلاة الوسطى } أي : الوسطى بين الصلوات أو الفضلى ، من قولهم للأفضل : الأوسط ، وإنما أفردت وعطفت على الصلوات لانفرادها بالفضل ، وهي صلاة العصر على الراجح لقوله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب : ( شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم ناراً ) وفضلها لكثرة اشتغال الناس في وقتها واجتماع الملائكة قال صلى الله عليه وسلم ( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ) وقيل صلاة الصبح ، لأنها بين صلاتي الليل والنهار ، والواقعة في الجزء المشترك بينهما لأنها مشهودة تشهدها الملائكة الحفظة ، نصّ عليها الشافعيّ رحمه الله تعالى لكن رجح الأصحاب الأوّل عملاً بقوله : حيث صحّ الحديث فهو مذهبي وقيل : صلاة الظهر ؛ لأنها وسط النهار ، وكانت أشق الصلوات عليهم ، فكانت أفضل لأنه صلى الله عليه وسلم ( سئل : أيّ الأعمال أفضل ؟ فقال : «أحزمها » وهو بحاء مهملة وزاي أقواها وأشدها ، وقيل : صلاة المغرب لأنها متوسطة بالعدد لأنّ عددها بين عددي الركعتين والأربع ، وقيل : صلاة العشاء لأنها بين جهريتين واقعتين طرفي النهار لا يقصران ، وهما المغرب والصبح وقال بعضهم : هي إحدى الصلوات الخمس لا بعينها أبهمها الله تعالى تحريضاً للعباد في المحافظة على أداء جميعها ، كما أخفى ليلة القدر في شهر رمضان ، وساعة إجابة الدعوة في يوم الجمعة وأخفى اسمه الأعظم في الأسماء ليحافظوا على جميعها { وقوموا } في الصلاة { قانتين } أي : مطيعين لقوله صلى الله عليه وسلم «كل قنوت في القرآن فهو طاعة » أو ساكنين لحديث زيد بن أرقم : ( كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت ، فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام ) ، رواه الشيخان .

وقال ابن المسيب المراد به القنوت في الصبح .