قوله عز وجل : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ } وفي المحافظة عليها قولان :
ثم قال تعالى : { وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى } وإنما خص الوسطى بالذكر وإن دخلت في جملة الصلوات لاختصاصها بالفضل ، وفيها خمسة أقاويل :
أحدها : أنها صلاة العصر ، وهو قول عليّ ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد الخدري ، وأبي أيوب ، وعائشة ، وأم سلمة ، وحفصة ، وأم حبيبة .
روى عمرو بن رافع{[369]} ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت لكاتب مصحفها : إذا بلغتَ مواقيت الصلاة فأخبرني ، حتى أخبرك بما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أخبرها قالت : أكتب ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَهِيَ صَلاَةُ الْعَصْرِ " {[370]} .
وروى محمد بن سيرين ، عن عبيدة السلماني ، عن عليّ رضي الله عنه قال : لم يُصَلِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر يوم الخندق إلا بعدما غربت الشمس فقال : " مَا لَهُم مَلأَ اللهُ قُلُوبَهُم وَقُبُورَهُم نَاراً شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ " {[371]} .
وروى التيمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الصَّلاَةُ الوُسْطَى صَلاَةُ الْعَصْرِ " .
والقول الثاني : أنها صلاة الظهر ، وهو قول زيد بن ثابت ، وابن عمر . قال ابن عمر : هي التي توجه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القبلة .
وروى ابن الزبير عن زيد بن ثابت قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة ، ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحابه منها ، قال فنزلت : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الوُسْطَى } وقال إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين{[372]} .
والقول الثالث : أنها صلاة المغرب ، وهو قول قبيصة بن ذؤيب لأنها ليست بأقلها ولا بأكثرها ولا تقصر في السفر ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤخرها عن وقتها ولم يعجلها .
والقول الرابع : أنها صلاة الصبح ، وهو قول ابن عباس ، وأبي موسى الأشعري ، وجابر بن عبد الله ، قال ابن عباس يصليها بين سواد الليل وبياض النهار ، تعلقاً بقوله تعالى : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } ولا صلاة مفروضة يقنت فيها إلا الصبح ، ولأنها بين صلاتي ليل وصلاتي نهار .
والقول الخامس : أنها إحدى الصلوات الخمس ولا تعرف بعينها ، ليكون أبعث لهم على المحافظة على جميعها ، وهذا قول نافع ، وابن المسيب ، والربيع ابن خيثم .
{[373]}وفيها قول سادس : أن الصلاة الوسطى صلاة الجمعة خاصة .
وفيها قول سابع : أن الصلاة الوسطى صلاة الجماعة من جميع الصلوات . وفي تسميتها بالوسطى ثلاثة أوجه :
أحدها : لأنها أوسط الصلوات الخمس محلاً ، لأنها بين صلاتي ليل وصلاتي نهار .
والثاني : لأنها أوسط الصلاة عدداً ، لأن أكثرهن أربع وأقلهن ركعتان .
والثالث : لأنها أفضل الصلوات ووسط الشيء ووسطاه أفضله ، وتكون الوُسْطَى بمعنى الفُضْلَى .
ثم قال تعالى : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } وفيه ستة تأويلات :
أحدها : يعني طائعين ، قاله ابن عباس ، والضحاك ، والشعبي ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وعطاء .
والثاني : ساكتين عما نهاكم الله أن تتكلموا به في صلاتكم ، وهو قول ابن مسعود ، وزيد بن أرقم ، والسدي ، وابن زيد .
والثالث : خاشعين ، نهيا عن العبث والتلفت ، وهو قول مجاهد ، والربيع بن أنس .
والرابع : داعين ، وهو مروي عن ابن عباس .
والخامس : طول القيام في الصلاة ، وهو قول ابن عمر .
والسادس : . . . . {[374]} وهو مروي عن ابن عمر أيضا{[375]} .
واختلف في أصل القنوت ، على ثلاثة أوجه :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.