قوله تعالى : { حَافِظُواْ } : في " فاعَل " هنا قولان ، أحدُهما : أنه بمعنى فَعِل كطارَقْتُ النعل وعاقَبْتُ اللصَّ . ولمَّا ضَمَّن المحافظةَ معنى المواظبةِ عَدَّاها ب " على " الثاني : أنَّ " فاعَل " على بابِها من كونِها بين اثنين ، فقيل : بين العبدِ وربِّه ، كأنه قيل : احفَظْ هذه الصلاةَ يحفظْكَ اللهُ . وقيل : بين العبدِ والصلاةِ أي : احفَظْها تحفَظْك .
وقال أبو البقاء : " ويكون وجوبُ تكريرِ الحفظِ جارياً مَجْرى الفاعِلين ، إذ كان الوجوبُ حاثَّاً على الفعلِ ، فكأنه شريكُ الفاعلِ للحفظ ، كما قالوا في
{ وَاعَدْنَا مُوسَى } [ البقرة : 51 ] فالوعدُ من اللهِ والقَبولُ من موسى بمنزلةِ الوعد . وفي " حافِظوا " معنىً لا يوجَدُ في " احفظوا " وهو تكريرُ الحفظ " وفيه نظر ؛ إذ المفاعلةُ لا تَدُلُّ على تكريرِ فعلٍ البتةِ .
قوله : { والصَّلاَةِ الْوُسْطَى } ذَكَر الخاصَّ بعد العامَّ ، وقد تقدَّم فائدُته عند قولِه : { مَن كَانَ عَدُوّاً للَّهِ } [ البقرة : 98 ] ، والوُسْطى : فُعْلَى معناها التفضيلُ ، فإنها مؤنثةٌ للأوسط ، كقولِه - يمدح الرسول عليه السلام - :1008 يا أوسطَ الناسِ طُرَّاً في مفاخِرهمْ *** وأكرمَ الناسِ أمَّا بَرَّةً وأَبَا
وهي [ من ] الوسطِ الذي هو الخِيارُ/ وليست من الوَسَطِ الذي معناه : متوسطٌ بين شيئين ، لأنَّ فُعْلى معناها التفضيلُ ؛ ولا يُبْنى للتفضيل إلا ما يَقْبل الزيادةَ والنقصَ ، والوَسَطُ بمعنى العَدْل والخيارِ يقبلُهما بخلافِ المتوسطِ بين الشيئين فإنه لا يَقْبَلُهما فلا يُبْنى منه أفعلُ التفضيل .
وقرأ علي : " وعلى الصلاة " بإعادةِ حرفِ الجَرِّ توكيداً ، وقَرَأَتْ عائشةُ - رضي الله عنها - " والصلاةَ " بالنصبِ ، وفيها وجهان ، أحدُهما على الاختصاصِ ، ذكرَه الزمخشري ، والثاني على موضعِ المجرورِ ، مثلُه نحو : مررتُ بزيدٍ وعَمْراً ، وسيأتي بيانُه في المائدة .
قوله : { قَانِتِينَ } حالٌ من فاعلِ " قوموا " . و " لله " يجوزُ أَنْ تتعلَّقَ اللامُ بقوموا ، ويجوزُ أنَ تتعلَّق بقانتين ، ويدلُّ للثاني قولُه تعالى : { كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } [ البقرة : 116 ] . ومعنى اللامِ التعليلُ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.