المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞قُلۡ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيۡرٖ مِّن ذَٰلِكُمۡۖ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَأَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ} (15)

15- قل يا أيها النبي : أأخبركم بما هو خير من ذلك الذي زُيِّن للناس في الدنيا ؟ إن للذين اتقوا ثواباً مضموناً - عند ربهم ، هو جنات تجري من تحت ظلال أشجارها الأنهار ، يتمتعون بالحياة الطيبة فيها لا يساورهم خوف من زوال نعيمها إذ كتب لهم الخلود فيها ، وأزواج طاهرة نقية من كل ما يشين نساء الدنيا ، ورضاء من الله يشعرون في ظله بنعيم أكبر ، والله مطلع على أحوال عباده لا يخفى عليه أمر أو سر من أمورهم وأسرارهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞قُلۡ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيۡرٖ مِّن ذَٰلِكُمۡۖ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَأَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ} (15)

قوله تعالى : { قل أؤنبئكم } أي أخبركم .

قوله تعالى : { بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله } قرأ العامة بكسر الراء ، وروى أبو بكر عن عاصم بضم الراء ، وهما لغتان كالعدوان والعدوان .

أخبرنا عبد الواحد بن احمد المليحي ، أنا احمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد ابن إسماعيل ، أنا يحيى بن سليمان ، حدثني ابن وهب حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ، فيقولون : لبيك ربنا وسعديك والخير كله في يديك ، فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : يا رب وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك ؟ فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون : يا رب ، وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً " .

قوله تعالى : { والله بصير بالعباد } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞قُلۡ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيۡرٖ مِّن ذَٰلِكُمۡۖ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَأَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ} (15)

{ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذلكم }

أى قل يا محمد للناس الذين مالوا إلى شهوات الدنيا من النساء والبنين وغيرهما ، قل لهم ألا تحبون أن أخبركم بما هو خير من تلك المشتهيات الدنيوية ؟

والاستفهام للتقرير ، والمراد به التحقيق والتثبيت في نفوس المخاطبين ، أى تحقيق وتثبيت خيرية ما عند الله وأفضليته على شهوات الدنيا ، وحضهم على الاستجابة لما سيلقى عليهم .

وافتتح الكلام بكلمة { قُلْ } للاهتمام بالمقول وتنبيه السامعين إلى أن ما سيلقى عليهم أمر يهمهم ومما يقوى هذا التنبيه هنا : التعبير بقوله

{ أَؤُنَبِّئُكُمْ } لأن الإنباء معناه الخبر العظيم الشأن ، والتعبير بقوله { ذلكم } لاشتماله على الإشارة التى للبعيد الدالة على عظم شأن ما سيخبرهم به ، والتعبير بقوله { بِخَيْرٍ } الذى يدل على الأفضلية ، لأن نعيم الآخرة خير محض ونعيم الدنيا مشوب بالشرور والأضرار . ثم بين - سبحانه - المخبر عنه بعد أن مهد له بتلك التنبيهات التي تشوق إلى سماعه وتغرى بالاستجابة له فقال : { لِلَّذِينَ اتقوا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ الله } .

هذه هى اللذائذ والمتع التى أعدها الله - تعالى - لمن اتقاه ، أى أدى ما أمره به ، وابتعد عما نهاه عنه .

وأول هذه النعم : { جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار } أى بساتين تجرى من تحت أشجارها الأنهار ، وفى هذه الجنات مالا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .

وقوله { لِلَّذِينَ اتقوا } ، خبر مقدم ، وقوله { جَنَّاتٌ } مبتدأ مؤخر ، وقوله { عِندَ رَبِّهِمْ } في محل نصب على الحال من جنات . وقوله { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار } صفة لجنات .

وعلى هذا يكون منتهى الاستفهام عند قوله { مِّن ذلكم } وهذا هو المشهور عند العلماء . ومنهم من يجعل الاستفهام منتهيا عند قوله { لِلَّذِينَ اتقوا } ثم يبتدأ فيقال : عند ربهم جنات تجرى من تحتها الأنهار . ومنهم من يجعل الاستفهام منتهيا عند قوله - تعالى - { عِندَ رَبِّهِمْ } ثم يبدأ فيقال : جنات تجرى من تحتها الأنهار .

قال ابن جرير : وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من جعل الاستفهام منتهيا عند قوله - تعالى - { بِخَيْرٍ مِّن ذلكم } والخبر بعده مبتدأ عمن له الجنات بقوله : { للذِينَ اتقوا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار } فيكون مخرج ذلك مخرج الخير . وهو إبانة عن معنى الخير الذى قال : أنبئكم به ، فلا يكون بالكلام حينئذ حاجة إلى ضمير " .

وثاني هذه النعم عبر عنه - سبحانه - بقوله { خَالِدِينَ فِيهَا } أى أن هؤلاء الذين اتقوا ربهم خالدين في تلك الجنات التي فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين خلوداً أبدياً ، بخلاف أولئك المنعمين بنعم الدنيا فإن نعيمهم إلى فناء وزوال .

وثالث هذه النعم قوله - تعالى - { وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ } .

والأزواج : جمع زوجة وهي المرأة يختص بها الرجل . أى ولهم في تلك الجنات أزواج مطهرة غاية التطهير من كل دنس وقذر حسي ومعنوي ، فقد وصف - سبحانه - هؤلاء الأزواج بصفة واحدة جامعة لكل ما يتمناه الرجل في المرأة .

ورابع هذه النعم قوله - تعالى - { وَرِضْوَانٌ مِّنَ الله } وهذه النعمة هي أعظم النعم وأجلها أى لهم رضا عظيم من خالق الخلق ، ومبدع الكون ، ومنشىء الوجود . وهو مصدر كالرضا ، ولكن يزيد عليه أنه الرضا العظيم ، لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى ، ولأن التنكير قصد به التفخيم والتعظيم .

وقوله { مِّنَ الله } صفة لرضوان مؤكدة لما أفاده التنكير من الفخامة .

روى الشيخان عن أبي سعيد الخدرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله - عزو وجل - يقول لأهل الجنة يوم القيامة : يا أهل الجنة فيقولون : لبيك ربنا وسعديك ، فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ولم تعط أحداً من خلقك ؟ فيقول : أنا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ قالوا : يا ربنا وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً " .

هذه هى اللذائذ والمتع والنعم التى أعدها الله - تعالى - لعباده المتقين .

ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله : { والله بَصِيرٌ بالعباد } أي أنه - سبحانه - عليم بأحوال عباده ، لا تخفى عليه خافية من شؤونهم . وسيجازى الذين أساؤوا بما عملوا ، ويجازى الذين أحسنوا بالحسنى . ففي هذا التذييل وعد للمتقين ووعيد للمسيئين .